رهاب الموت سيفقدني عقلي!
2020-11-08 01:06:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من رهاب الموت، أفكر في الموت بشكل كبير، وأن أجلي قريب، وهذه المشكلة منذ سنة، تختفي وتعود، وعند موت أحد أستمر في التفكير فيه، ومنذ فترة مرضت، شعرت بآلام في صدري، فشعرت أني سوف أموت، ما سبب هذه الحالة؟ وكيف أتخلص منها؟ أعلم أن الأعمار بيد الله لكنني أخاف، أرجوكم ساعدوني، سوف أفقد عقلي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الإنسان جُبل على حب الحياة، وهذا قد يُفسّر خوف الناس من الموت، كما أن موت الفجاءة كثُرَ جدًّا، وموت الحوادث كثرت، وهذه قطعًا شكّلت مخاوف لدى الناس.
الخوف من الموت أمرٌ مطلوب، لكن يجب أن يكون خوفًا محمودًا، خوفًا مشروعًا، خوفًا إيجابيًّا، والخوف الإيجابي المحمود هو الذي يجعل الإنسان لا ينغمس في المحرمات، ويحرص على العبادات وعلى عمل الخير وعلى تقوى الله والخوف منه، لأن المبدأ الأساسي هو أن الموت أصلاً قادم، والآجال لا يعملها إلَّا الله، وإذا فرح العبد بلقاء الله تعالى فرح الله بلقائه، والإنسان دائمًا يسأل الله أن يقيه مصارع السوء، ويسأله أن يصلح دينه الذي هو عصمة أمره، ويُصلح دنياه التي فيها معاشه، ويصلح آخرته التي إليها معاده، ويسأل الله أن يجعل خير عمره آخره، وخير عمله خواتمه، وخير أيامه يوم يلقى الله تعالى فيه، ويسأل الله أن يُحسن خاتمته وأن يختم له بالباقيات الصالحات، ويسأل الله دائمًا عيشة هينة وميتة سوية، ومردًّا غير مخزنٍ ولا فاضح، غير ضال ولا مضل.
هذه – أيتها الفاضلة الكريمة – هي الأسس التي يجب أن نتعامل بها مع قضية الخوف من الموت.
الحمد لله تعالى هذا الأمر أرى أن في خيرا لك؛ لأن بعض الناس غافلة تمامًا عن الموت، وتعتدّ بقوتها وفتوَّتها، ولا تذكر الموت، وهذا أمرٌ قبيح جدًّا، ولذلك تجدين الناس يظلم بعضهم بعضًا ويعتدي بعضهم على بعض، ولو تذكروا أن هناك موتا وأن هناك حسابا وآخرة لما ظلم بعضهم بعضًا، ولكن كما حكى الله عن بعضهم يقولون: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}.
لكن في ذات الوقت لا أريدك أن تعطلي حياتك، اسألي الله أن يُطيل في عمرك، {ولا تنس نصيبك من الدنيا}، وعيشي حياة صحية جيدة، مارسي الرياضة، النوم الليلي المبكّر، اجعلي غذائك مرتَّبًا، رفِّهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، كوني بارَّة بوالديك، صلِّ صلاتك في وقتها، اجتهدي في دراستك، يعني: أن تُديري حياتك ووقتك بصورة إيجابية، هذا قطعًا يجعل هذا الشعور المرضي يختفي تمامًا، هذا مهمٌّ جدًّا.
وقد وجدنا أن الإنسان الذي يحرص على القيام بالواجبات الاجتماعية – خاصة تقديم واجبات العزاء، زيارة المرضى، يكون حريصًا على بر الوالدين – هؤلاء أقلَّ الناس خوفًا من الموت من الناحية المرضية.
أريدك أن تمارسي أي رياضة، رياضة المشي رياضة جميلة جدًّا، تقوّي النفوس، تمارين الاسترخاء أيضًا هي مضادة للقلق – خاصة قلق المخاوف من النوع الذي تعانين منه – وتُوجد برامج جيدة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
أيتها الفاضلة الكريمة: ربما يكون من الجيد أن تتناولي دواء بسيطا، أنا في وصف الأدوية بالنسبة لعمرك حذر، لكن -إن شاء الله تعالى- نصف دواءً سليمًا وبجرعةٍ صغيرة.
الدواء الذي أظنُّه مناسبًا لك يُسمَّى (سيرترالين) دواء مضاد للقلق وللمخاوف وللوسوسة، وأنت تحتاجين له بجرعة صغيرة جدًّا، وهي أن تبدئي بخمسة وعشرين مليجرامًا، لأن الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، تناولي جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تناولي حبة كاملة (خمسين مليجرامًا) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، (سيرترالين) دواء سليم، غير إدماني، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وحفظك الله، وأطال عمرك في عمل الصالحات، وأختم بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.