هل ما يحصل لي الآن هو ثمن الذنب الذي فعلته؟
2005-10-26 11:47:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
مشكلتي يا سيدي باختصار أني منذ زمن بعيد أحببت شاباً وأحبني، ولكن لم يكن بيننا سوى النظرات ولم نكن نلتقي ولا نتكلم أبداً، ثم هدانا الله معاً والتزمنا وتقدم لخطبتي وصددته أنا؛ لأني أعلم يقيناً بأن أهلي لن يوافقوا لبعد المسافات بيننا في المستوى الاجتماعي والتعليمي، وفوجئ بصدي له، ولم أكن أقصد يا سيدي أن أجرحه، ولكني رغم أني أفضل منه في هذه النواحي الاجتماعية إلا أني كنت أحس دائماً أني أقل منه لأنه يفوقني بالجمال، وكنت أخشى أن يتزوجني ويمل مني.
كانت أفكاري سطحية، وكنت لا أؤمن بالحب قبل الزواج، رغم أني أحببت، ولكني لم أكن أريد الزواج بمن أحببت ولا تفهم مني يا سيدي بأني كنت أتسلى به إلا أن الظروف المحيطة بي لم تكن تساعدني ولست تلك الفتاة التي تقف في وجه أهلها والمجتمع لتفوز بمن تحب.
المهم تركته وأحس بالقهر والظلم ولم أره بعدها، وحدث بعد سنوات أن تزوج وشعرت بندم رهيب وعانيت من المرض لمدة شهرين لم أبرح فراشي ولم أره بعدها، حتى حين كانت تجمعنا الصدفة في الطريق بحكم أننا من حارة واحدة كان يتجنبني ويسير في طريقه بدون أن ينظر إلي.
المهم مرت السنوات والآن بعد ثلاث سنوات ما زلت أشعر بالذنب وبأني ظلمته، والتقيت مؤخراً بشاب مستقيم في عملي ويناسبني على كافة الأصعدة وأحبني، ولكن وضعه المادي صعب نوعاً ما وهو يريد التقدم لخطبتي ولكن وضعه يمنعه من ذلك .
المهم يا سيدي أني أشعر بأني لن أتزوجه رغم أني أريده ويريدني، ولكني أحس بأن الله وضعه في طريقي لأدفع ثمن ظلمي للشاب الأول الذي ظلمته ولا أدري لم يتملكني هذا الشعور رغم ثقتي بأن الله عفو غفور إلا أن حقوق العباد والمظالم لابد أن تسترد.
أريد رأيكم في هذا الموضوع هل أبالغ في الأمر؟ أم أني حقاً ظلمت وعلي الآن أن أدفع الثمن؟ ومع هذا الشاب الذي أتمنى بل وأسأل ربي أن يغفر لي ويجعله نصيبي.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدّر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويُعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن الشباب يقعون في خطأٍ كبير حين يُطلقون لعواطفهم العنان، ويتوسعون في وهم الحب قبل أن يُدركوا الظروف المحيطة، ويتأكدوا من إمكانية حصول تلك العلاقة أم لا.
وليت كل شاب يجد ميلاً إلى فتاة يذهب إلى أهلها ويطلب يدها كخطوة أولى، بعد أن يستخير ويستشير، فإن وافقوا سارع في إتمام مراسيم الزواج، ثم عندها يبدأ الحب الحقيقي الشرعي.
ولا شك أن مخالفة هذا النهج جلب المتاعب للجنسين، بل جعل بعضهم يعيش مع امرأة بجسده وقلبه عند أخرى والعياذ بالله.
ونحن ننصح فتياتنا بالبعد عن الشباب، وعدم إقامة أي نوع من العلاقات إلا بعلم الأهل؛ لأن في ذلك دليلاً على عفة الفتاة وعنواناً لحرص أهلها، وهي بذلك جديرةٌ باحترام زوجها مستقبلاً.
وقد أحسن ذلك الشاب في انصرافه عنك، ونسأل الله أن يغفر له ولك، ومن واجبك أيضاً طي تلك الصفحات، والنظر للحياة بأملٍ جديد وروحٍ جديدة، ولا داعي للشعور بالذنب، فكل شيء بقضاء وقدر، والظلم واقع عليكما جميعاً بعصيانكما لله وتكرار النظر والتمادي فيه، مع علمك أن تلك العلاقة لن تتم لأجل تلك الفوارق والعوائق.
وإذا كان الشاب الثاني مناسباً فخير البر عاجله، ولا تهتموا كثيراً بالماديات، واعلمي بأن الله يعين طالب العفاف بالنكاح، كيف وقد قال سبحانه: ((إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ))[النور:32]، وفهم السلف المعاني العظيمة حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه: (التمسوا الغنى في النكاح).
والمسلم مأمورٌ بتجنب الظلم الذي حرمه الله، وليس الظلم في عدم القبول ولكن الظلم يكون بالإساءة إليه أو بذكر العيوب، أو الاحتقار له، وكان ينبغي أن تكوني واضحة من البداية.
وإذا كان الشاب الأخير صاحب دينٍ فعليه أن يتقدم رسمياً لطلب يدك، ولا تبالغوا في تكاليف الزواج، فلو كان ذلك مكرمة لسبقنا إليه سلف الأمة الأبرار ورسولنا المختار.
وأكثري من الاستغفار والدعاء لنفسك ولكل من تشعرين بأنك مقصرة في حقه أو وقعت في ظلمه، وأبشري فإن الله ((غَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى))[طه:82].
وبالله التوفيق.