زوجتي تنفر مني وتطلب الطلاق، فما الحل؟
2020-07-16 03:06:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
متزوج منذ ثمان سنوات، ولدي 3 أطفال، كانت حياتنا عادية تحصل فيها المشاكل ثم الصلح ثم الوفاق.
منذ سنة بدأت زوجتي تتغير وتطلب الطلاق؛ بحجة أن هناك تراكمات كثيرة كانت مكبوتة في قلبها ولم يعد لديها القدرة على الصبر أكثر، وأنها لم تكن تحبني أبدا طيلة الثمان سنوات، لا تغار علي ولا تفتقدني، بل كانت مجرد مداراة من أجل الأطفال، ولم تعد تتحمل.
حاولت إصلاحها وإقناعها بعدم الطلاق، وأن كل شيء له حل، وأننا قادرون على إصلاح الأخطاء.
بدأت بتغيير معاملتي معها بأن لا أغضب، وبدأت بقضاء حوائجي في البيت بنفسي من أكل وغسل وغيره لكي لا أزعجها أبدا، وبدأت أشتري لها الهدايا، إلى آخره، ولكنها زادت بالبعد عني أكثر، وطلبت مني عدم لمسها نهائيا، وأنها لن تتغير أبدا مهما كانت معاملتي، وأصبحت لاتهتم بي أبدا، ولا حتى بنفسها، وتقول أنها متعبة من كل شيء، وأنت السبب، وكلما رأيتك كلما كرهتك أكثر، وأنها لا تطيق رؤيتي في البيت أبدا، وبدأت تعاندني في كل شيء.
علما أني أحبها كثيرا، وهي كانت تحبني وتغار علي، وأني وبفضل الله لا أترك صلاة ولا قرآنا، ولم أترك دعاء أحفظه أو قرأته أو سمعته إلا ودعوت به لها، ولها حصة دعاء مني في كل صلاة، ولكن دون فائدة، ولكن في كل يوم تسوء علاقتنا أكثر.
تواصلت مع أهلها ومع من تحب، ولكنها تقول أنها حياتها الخاصة، ولا تريد رأي أحد حتى والدها، وأنها ترفض الرقية والطبيب النفسي رفضا تاما، ولو ضغطت عليها يمكن أن تؤذي نفسها، ودائما تقول لي افهم أني لا أحبك وأنت همي الكبير، وإن كنت تحبني طلقني.
انصحونا ولكم الأجر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Allawy حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
لم تخبرنا عن مدى التزام زوجتك، وهل تؤدي ما افترض الله عليها وتقرأ القرآن وتذكر الله تعالى؟ أم أنها غارقة في هاتفها ووسائل التواصل الاجتماعي وما شابه ذلك؟
مهما حصلت من مشاكل بينكما فإنه يمكن حلها وذلك باجتناب الأسباب والمسببات، مع الاعتراف بالخطأ إن تبين لكل منكما.
الخطوة التي قمت بها من قيامك بشؤونك في البيت خطأ؛ لأن ذلك في نظري يشعرها بعدم اكتراثك، وبعدم حاجتها لها، وإن كان مقصدك غير هذا، لكن المرأة تفسرها بهذا التفسير، وكان الواجب أن تترك الأمور على ما هي عليه بحيث تقوم بواجبها كما هو معتاد.
أنصحك أن تقترب منها أكثر؛ بحيث تعرف الأسباب التي جعلت قلبها ممتلئا غيظا وحنقا منك ،ولا تترك لها فرصة للتهرب.
أقترح عليك أن تدعوها لتناول وجبة العشاء أو الغداء خارج البيت في أي مكان من أماكن الترفيه؛ وتغيير جو البيت، فقد يتيح لها الفرصة للفضفضة عما في نفسها ، وعليك أن تكون مصغيا ولا تقاطعها أبدا، وعليك أن تعترف بأخطائك إن وجدت مع الاعتذار ووعدها ببدء صفحة جديدة، وعدم التكرار لتلك الأخطاء فقد تكون صدرت منك دون قصد.
عليك أن تغلب جانب حق أبنائك الذي سيكونون هم الضحية من فراقكما، ولا بأس من أن تقدم تنازلات كثيرة من أجل بقاء بيتك مستقرا فتترجاها وتقبل جبينها، فليس ذلك بعيب بين الزوجين.
يجب أن تتعرف على ما تحب وما تكره، فتأتي ما تحب وتتجنب ما تكره، وعليك أن تراجع طريقتك في التعامل معها فلربما شغلت هموم الدنيا عنها، والحياة تحتاج إلى شيء من التوازن كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك ـ ضيفك ـ عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه).
يجب أن يتدخل أهلها في مسألة عرضها على راق أمين وثقة، فلربما أصيبت بحسد مثلا، وإن كان الأصل في هذا العدم لكن لا بد من استكشاف الحال لدى الراقي، وتكون الرقية بحضور أحد المحارم، فإن تبين هناك شيئا فاستمروا بالرقية حتى تبرأ، فإن قال: إنها غير مصابة فاعرضوها على طبيب نفسي فلربما ساعد في هذا الجاني.
يقال في المثل إذا عرف السبب بطل العجب وأمكن بإذن الله أن يصلح العطب، وأنا على يقين أن ثمت أسباب ربما تعرفها وأنت لا تدركها، وربما لو ذكرتها لك لقلت هذه أمور تافهة لكنها عندها ليست كذلك.
من النساء من هي حساسة للغاية ويؤثر على مشاعرها أتفه الأمور في نظر الرجل، ومن هنا كان على الزوج أن يراعي مشاعر زوجته، وأن يراعي حالتها النفسية، ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم المرأة وصفا دقيقا حين قال (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر. وقوله: استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء) وفي لفظ: (إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا ، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا) .
إذا لم ينفع حوارك معها وتلبيتك لطلباتها ففي هذه الحال لا بد أن تنتقل للخطوة الآتية:
لقد وصف الله ما يحصل بين الزوجين أنه قد يصل إلى حد الشقاق، لكن مهما بلغت تلك المشاكل بينكما فقد أمر الله تعالى الزوج والزوجة بأن يحتكما لحكمين من طرفيهما فقال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) فإن اخترتما حكمين حكيمين وكانت إرادة الصلح منكما موجودة فسوف يحصل التوفيق بإذن الله تعالى، وحكم الحكمين في هذه الحال لا بد من تنفيذه.
الحياة الطيبة لا تستجلب بالمال ولا برفاهية العيش، وإنما تستجلب بالإيمان وكثرة العمل الصالح كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
عليك أن تلزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة، وسل ربك أن يلهم زوجتك الرشد وأن يلين قلبها، ويصلح شأنها ، وأن يصرف الشيطان عنكما الشيطان الرجيم، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله أن يصلح شأنكما إنه على كل شيء قدير.