أعاني من الرهاب والتشاؤم والوسواس القهري، فما العلاج؟
2020-07-13 03:53:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من مرض نفسي منذ 20 سنة، واستعملت خلالها العديد من العلاجات، ومداوم الآوان على حبوب الإميرول وأحيانا الإميرام 25 والدنكزيت منذ 10 سنوات متواصلة مع تحسن طفيف أحيانا.
وتتمثل أعراض هذا المرض الذى يشتد على خلال شهر 4/5/6 من كل عام في الرهاب الاجتماعي والقلق والخوف من المجهول وعدم التركيز والتشاؤم اللامحدود والنظرة السوداوية للحياة وحدة الطبع والوسواس القهري الذي قلب حياتي رأسا علي عقب والشك الدائم.
وأدعو لنفسي بأشياء تميزني عن الآخرين، مثل الفراسة والذكاء والقدر في معرفة قبائل الناس من خلال التفرس في وجوههم، وأحيانا أتردد كثيرا في إتخاذ الرأي بين الصواب والخطأ، وكثيرا ما أقول أن مرضي هذا لا يمكن الشفاء منه، وأدعو بالموت، فهل من أمل في حل مشكلتي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالمطلب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
قطعًا خلال العشرين عامًا التي تتناول فيها العلاج تكون قد راجعتَ أطباء نفسيين، وأنا دائمًا أرى أن المتابعة مع الطبيب الذي تثق فيه أمر مهمّ جدًّا، لأن كثيرًا من الحالات النفسية لا تكون على حالة واضحة أو نمط واحد أو سياق واحد، قد تأتي أعراض جديدة، وقد تذهب أعراض قديمة، وقد يكون هنالك تداخلات في التشخيص، يعني مثلاً: لا نستطيع أن نقول أن الرهاب الاجتماعي أو الوسواس القهري - أو حتى الاكتئاب النفسي - سوف يستمر على نفس الوتيرة، وكثيرًا من الناس يتم تغيير تشخيصهم من وقتٍ لآخر، هذا ليس ضعفًا من الأطباء المختصين أو شيئا من هذا القبيل، إنما ذلك ناتج من طبيعة هذه الأمراض في حد ذاتها، قد تتغيّر، قد تتبدّل، قد تختلط الأعراض، فأنا حقيقة أنصحك بأن تكون تحت المتابعة الطبية النفسية أخي الكريم.
إذا اعتبرنا أن الأمر فعلاً رهاب اجتماعي وقلق ووسوسة وخوف فالعلاج التأهيلي هو العلاج الأفضل لك، العلاج السلوكي، الحمد لله في السودان الناس تتواصل مع بعضها، وتؤازر بعضها البعض، وهنالك نسيج اجتماعي ممتاز، هذا يُعتبر أمرًا جوهريًا في العلاج في مثل هذه الحالات، فأنا أول ما أنصحك به أن تحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، بجانب احتساب الأجر، هنالك تفاعل اجتماعي كبير في حضور صلاة الجماعة.
الأمر الثاني: لا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية أبدًا، شارك الناس في أفراحهم، وفي أتراحهم، قم بزيارة المرضى، كن واصلاً لرحمك، هذا أيضًا علاج.
وعلى نطاق الأسرة أيضًا يجب أن تكون لديك أنشطة اجتماعية متعددة، ومن خلال عملك – أيًّا كانت طبيعة هذا العمل في الأعمال الحرة – حاول أن تستغل العمل للمزيد من التفاعل الاجتماعي، والمزيد من المواجهات الإيجابية، ولا تتجنب، ولا تميل إلى الانزواء. هذا علاجٌ مهم.
هنالك أيضًا علاج ضروري، وهو ممارسة الرياضة، نحن كثيرًا ما نهمل ونجهل هذا الأمر، لكن الآن الرياضة اتضحت فعاليتها، واتضح أنها ضرورية جدًّا، واتضح أنها تُغيِّر في الموصلات العصبية الكيميائية الدماغية لتجعلها أكثر فعالية وأكثر إيجابية.
فاحرص على هذه الأسس العلاجية، أراها ضرورية جدًّا في حياتك، وحقّر الفكر التشاؤمي، حقّر الفكر الوسواسي، لا تخوض فيه أبدًا.
قولك أنك تدعي لنفسك أشياء تُميّزك عن الآخرين: هذا لا نراه كثيرًا في الوساوس، نراه في حالات نفسية أخرى، لذا أرى أن مراجعة الطبيب مهمّة لتأكد من التشخيص، وإن ثبت فعلاً أن الأمر كله وساوس قهرية ورهاب وخوف، في هذه الحالة يمكن أن تنتقل من عقار (أميرول Amirol) وهو (إميبرامين Imipramine) إلى عقار (سيرترالين Sertraline)، دواء رائع، دواء ممتاز، دواء أكثر حداثة، والجرعة في حالتك تصل إلى مائة مليجرام يوميًا، البداية تكون بخمسين، ثم تصل إلى مائة مليجراما، ولا مانع من أن تستمر على الـ (ديناكسيت Deanxit)، أو تستبدله بعقار (ريسبيريدون Risperidone) واحد مليجراما ليلاً. هذا هو الذي أراه بالنسبة للأدوية.
ويا أخي الكريم: يجب أن تعيش على الأمل والرجاء، ولا تدعو على نفسك بالموت – أخي الكريم – الحياة طيبة، والله لطيف بعباده، كن إيجابيًا في كل شيء، (أفكارك، مشاعرك، وأفعالك)، واستعن بالله ولا تعجز، واصبر على ما أصابك، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.