بسبب تجربة حب سابقة لم أعد أشعر بزوجتي، ما توجيهكم لي؟
2020-07-06 02:19:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
أنا شاب متزوج منذ عشر سنوات، وعندي ولدان من زوجتي، بارك الله فيها.
مشكلتي تتلخص في أني منذ زواجي لم أستطع أن أحس بإحساس الحب تجاه زوجتي، عدا مشاعر الألفة بحكم سنوات الزواج، فقبل أن أنجب كنت أقول أنه ربما بعد الإنجاب ستتغير الأمور، ربما ما أحس به هو مجرد فتور لأننا تأخرنا في مسألة الإنجاب، لكن مع إنجابنا الابن الأول فالثاني بقيت الأمور على حالها، ولم يتغير شيء من ناحيتي .
أما زوجتي فهي تحبني، ودائما ما تخبرني بذلك، أما أنا فلا أذكر يوما أني تلفظت بتلك العبارة لها، وليس جحودا، لكن أقسم بالله أني أجد مشقة وضيقا في التفوه بها.
ربما قد يسأل السائل كيف أفرق بين ما أحس به تجاه زوجتي ألفة أم حبا؟ فأجيبه أنه قد سبق لي ومررت بتجربة حب، ولم يشأ العلي القدير أن أتزوج من أحببت، ولهذا أقارن كثيرا بين ذلك الشعور في تلك الفترة، وبين ما أحسه طوال هذه السنوات من الزواج.
وحتى أضعكم في الصورة: أنا لا أشتاق إلى زوجتي عندما أغادر البيت للعمل، أو حتى إن سافرت أنا أو سافرت هي، فلا تكاد ذاكرتي تذكرني بها لولا أن ترسل لي زوجتي رسالة نصية عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي .
كل يوم يمر أعاني فيه نفسيا بسبب عدم الوفاء في مشاعري نحوها، بينما أفعل ما في وسعي لإرضائها ماديا ومن حيث المتطلبات الشرعية، لكن من حيث المشاعر وكأني مع إحدى قريباتي.
وشكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إدريس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – أيها الأخ الفاضل – في موقعك، ونشكر لك هذه الاستشارة التي تدلُّ على صدق ورغبة في الخير، والرغبة في الخير خير، ونتمنَّى أن تحوّل هذه المشاعر إلى حقائق، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب لك الود والحب بينك وبين زوجك الحلال، وأن يكتب لك ولأبنائك السعادة، ويُحقق لكم الآمال.
فنرجو أن نذكرك بأن الله تعالى قد صرف عنك تلك المرأة التي كنت تحبها، واختار لك هذه الزوجة لتكون رفيقتك في رحلة العمر، فهذا قدر الله تعالى واختياره، واختيار الله عز وجل للعبد خير من اختيار العبد لنفسه (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون). ولا تدري إن كنت تزوجت بتلك المرأة هل كنت ستسعد معها أم لا، وهل كان سيستمر حبك لها أم سينقلب إلى عداوة وبغضاء؟!
فتجاوز ذلك الماضي ولا ترجع إليه، ولا تعش في خيالاته وأوهامه، فأنت الآن تعيش مع زوجتك وأم أولادك، التي تسهر على راحتك، وتجتهد في إرضائك، وتحبك حقاً وتصرح لك بذلك، فانتبه لنفسك ولها، واصرف مشاعرك إليها فهي الأولى بها.
لا شك أن العبارة التي ذكرتَ فيها أنك تجتهد في الوفاء لها مادِّيًا ومن حيث المتطلبات الشرعية يُعتبر لونا من الحب، ولونا من الود المكتوم، لكن ذلك لا يكفي، إذ لابد من إعلان مشاعرنا، وقدوتُنا في هذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعلن حبّه لعائشة، وأعلن حبّه للزهراء، وكان يُقبِّلُها، وأعلن حبّه لأصحابه – عليه صلاة الله وسلامه – فالدنيا لا تستفيد من المشاعر المكتومة، ونحن بحاجة إلى أن نُدرِّب أنفسنا على إظهار ما عندنا من مشاعر تجاه جميع الناس، ولذلك لمّا مرَّ رجلاً وقال رجلٍ يجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أحب هذا) قال صلى الله عليه وسلم: ((هل أخبرته؟)) قال: لا، قال: ((أخبره))، فانطلق إليه فقال: (إني أحبك)، فقال له: (أحبك الله الذي أحببتنا فيه).
وأولى الناس بهذا الحب الزوجة التي ذكرتَها بأحسن الصفات، وصبرتْ معك، وانتظرتم طويلاً حتى رزقكم الله بالأبناء، نسأل الله أن يُبارك فيكم وفيهم. وعليه: فإنا ندعوك إلى الآتي:
أولاً: عليك باللجوء إلى الله، فإن قلبك وقلب زوجتك بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويُصرِّفها.
ثانيًا: عليك أن تمثّل في هذه المشاعر حتى تتحول إلى حقيقة، والشرع يُبيح لنا أن يقول الإنسان ما ليس في نفسه، أو يضخم ما في نفسه، مثل: (أنت قمر، أنت كذا، وأنا أحبك) ونحو هذا الكلام مطلب شرعي، حتى ولو لم يكن موجودًا، فإنه يجلب لها السرور.
ثم عليك أن تُدرك أن هذا الحب الحلال ممّا تُؤجر عليه. أولى مَن نحتاج أن نُظهر له المشاعر هو الزوجة الحلال والأبناء، والصالحين من الأصدقاء، ومعروف أن كل هذه الألوان من الحب لها أماكن في قلب الرجل، لكنّ الزوجة ينبغي أن تأخذ حقها من الاهتمام والتعظيم والشعور بالحب والشعور بالاحتفاء بها، وإذا سألت عنك فعوّد نفسك أن تُرسل وردة مع الكلام، أن تُرسل أشياء جميلة، وعندها ستُضاعف هي إقبالها عليك، ولعلّ ذلك يكون سببًا في مزيد من الوفاء من ناحيتك.
شعورك هذا بالتقصير ينبغي أن يتبعه منهجا للإصلاح والتغيير، وتطييب خاطرها، وأنت الآن – كما قلنا – كثير من الرجال خاصة في الشرق عندنا يُعبّر عن حبِّه بالعطاء، وإذا كنت تُلبّي المتطلبات فهذا يعني أن هذا الحب موجود، لكننا بحاجة إلى أن نطوّر طرائق التعبير عنه، واستخدام كافة لغات الحب، التي منها النظرة، واللمسة، والابتسامة، والهدية، والعطية، والكلمة الطيبة الجميلة، هذه لها أثر كبير، والاستماع للزوجة وهي تتكلّم، وإظهار المشاعر النبيلة تجاهها، هذا كله مطلب شرعي.
وشعورك بهذا النقص يُعتبر خطوة أساسية ومهمّة جدًّا في طريق التصحيح، ونتمنّى أن نُدرِّب أنفسنا على إظهار ما في نفوسنا من مشاعر، حتى لو بدأنا على سبيل المجاملة فإن الاستمرار في المجاملة والتمثيل يتحول بعد مدة إن شاء الله إلى صفات وإلى طبع وإلى سجيّة، وعند ذلك يعتاد الإنسان هذا الظُرْفُ في حياته.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلِّف القلوب، وأن يُبعد عنكم شياطين الإنس والجن، وممَّا نُوصيك به التعاون على البر والتقوى، فإن أكبر ما يجلب المحبة أن يكون بين الزوجين حلقة تلاوة، درس تناصح، كفالة يتيم، {وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يُسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبنا ورهبًا وكانوا لنا خاشعين}. وإذا أصلح الإنسان العلاقة بينه وبين الله فإن الله يُصلح العلاقة بينه وبين زوجه، بينه وبين أصدقائه.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونكرر الشكر على هذا السؤال، الذي نعتقد أنه بداية للتصحيح، ونتمنّى أن تُتبع الأقوال الأفعال، وأن تحوّل ما في نفسك من نيّةٍ دفعتك للتواصل معنا إلى محاولات وعمل، ونكرر الترحيب بك في موقعك.