كيف أستطيع إدارة وقتي والنجاح في دراستي؟
2020-06-16 02:27:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عمري 30 سنة، لا أعرف ماذا أقول، أنا في حالة من الضياع، المشاكل حولي في كل شيء، بسبب عدم انجاز مهامي أو واجبات حياتي، فأنا لا أستطيع التفكير بأي حل ولا عمل أي شيء سوى الانتحار.
وكأن عقلي من فرط الكسل والغباء لا يرى سوى الموت حلا لمشاكلي، أنا أخسر كل شيء، أشعر بأنني مقيدة، لا أسطيع أن أدرس، ولا أن أبدأ بنظام غذائي، أنا محطمة، تعبت تعبت فماذا أفعل أرجوكم ساعدوني.
كنت أدرس في الجامعة لمدة 8 سنوات مع رسوب مستمر، وفصلت بدون الحصول على شهادة، ثم عدت لأدرس مرة أخرى في بلد آخر وتخصص آخر، وكان من المفترض أن تكون البداية جديدة، مرت 3 أعوام وكل شيء مثل الماضي، الفشل ذاته والغباء ذاته، لا أستطيع التحكم والسيطرة على نفسي، أشعر بالخوف والضياع، لا فكرة في رأسي سوى الانتحار، لي عدة تجارب في فترة المراهقة، الفكرة الآن تسيطر علي فأنا خائفة من الاستجابه لها، لا أريد أن أموت، ولا أريد أن أؤذي عائلتي، انتحاري سيجلب لهم العار والجرح النفسي فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sally حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن كنت تحسّين أنه قد ضاع منك الكثير فإن شاء الله ما هو آتٍ أكثر، وهذه طبيعة الحياة. الإنسان يُصحح مساره ولا يعيش آلام الماضي وظلاماته، حتى وإن رأيت نفسك أنك فاشلة فيما مضى فهذا بابٌ يجب أن يُغلق، ويجب أن تفكّري في الحاضر والمستقبل.
والأمر في غاية البساطة: تعلَّمي حسن إدارة الوقت، وضعي لنفسك أهدافًا حتى وإن كانت بسيطة، من خلال حُسن إدارة الوقت وترتيبه وتنظيمه وعدم تأجيل الأمور وعدم التسويف تستطيعين إن شاء الله تعالى أن تُغيّري الكثير، والتغيُّر سيكون إيجابيًا جدًّا.
وهناك أسس بسيطة جدًّا لإدارة الوقت:
أولاً: تجنبي السهر، وتجنبي النوم في أثناء النهار، واحرصي على النوم الليلي المبكّر، لأنه يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ. احرصي على أداء صلاة الفجر في وقتها، وبعد ذلك تجهّزي واشربي الشاي مثلاً، ثم ادرسي لمدة ساعة واحدة. الدراسة في فترة البكور والصباح لمدة ساعة تُعادل ساعتين أو ثلاثة في بقية اليوم. والإنسان حين يُنجز في الصباح سوف يحس بمردود إيجابي داخلي، وسوف يحس فعلاً أنه إنسان مفيد لنفسه، ومن ثمّ ينطلق الإنسان في بقية اليوم. هذه خطوات بسيطة وعملية.
بعد ذلك ضعي واجباتك في بقية اليوم، وحددي وقتًا للترفيه عن نفسك، ووقتًا للتواصل الاجتماعي، ووقتًا للجلوس مع الأسرة، ووقتًا للعبادات، ووقتًا لممارسة الرياضة، الرياضة مهمّة جدًّا، بالرياضة تصحّ الأنفس قبل الأجسام، وهذا الأمر قد أُثبت الآن تمامًا.
هذا هو الذي أنصحك به، وهذا هي الطريقة المثلى لأن تعيشي الحاضر بقوة وتعيشي المستقبل بأملٍ ورجاء، وعليك بالصحبة الطيبة، الإنسان يحتاج لمن يأخذ بيده، والحياة جميلة، جميلة جدًّا، والسعادة يمكن أن تُصنع، والإنسان يجب أن يُدرك أن لا أحد يستطيع أن يُغيّره، هو الذي يُغيّر ما بنفسه، والله تعالى استودع فينا طاقات جميلة، قد تكون هذه الطاقات خاملة، أو كامنة، أو متعطّلة، لكننا يمكن أن نُخرجها، ويمكن أن ندفع أنفسنا دفعًا إيجابيًّا، ويُثمر إن شاء الله تعالى بخير كثير لنا ولمن حولنا، متى ذلك؟ حين يكون عندنا نحن الاستعداد والإصرار على التغيير، قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
بالنسبة للتفكير في الانتحار: طبعًا هذا فكرٌ سخيف، وسخيف جدًّا، وأنا أسمع هذه الأقاويل منذ أربعين عامًا تقريبًا، لا ينبغي لفتاة مثلك تُفكر بهذه الكيفية. هذا التفكير السخيف يشلّ وجدانك، ويؤدي إلى المزيد من التوتر، ويضيع وقتك، وأنا أقول لك: لا تقتلي نفسك، لأن الله لطيف بعباده، وأن الإنسان يمكن أن يتغيّر. لا تقتلي نفسك لأنه ليس حلًّا، الحل هو في تغيير ما أنت عليه، بأن تحافظي على الصلاة في وقتها، بأن تذكري الله كثيرًا، لماذا؟ {لعلكم تفلحون}، الحرص على الأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء – والحرص على أذكار النوم والاستيقاظ وبقية أذكار اليوم، والحرص على تلاوة القرآن والدعاء، يعني: مَن كان مع الله كان الله معه، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، {واذكر ربك إذا نسيت}. هذه نصيحتي لك.
أرجو أيضًا أن تذهبي وتقابلي طبيب نفسي، لأن المقابلة الإكلينيكية والمناظرة المهنية مع المختص هي في حد ذاتها فيها راحة كثيرة جدًّا، وفيها متنفّس نفسي ممتاز. وإن رأى الطبيب أنك تحتاجين لبعض مُحسِّنات المزاج فيمكن أن يكتب لك أحد الأدوية المفيدة والمناسبة لحالتك، لكن علاجك ليس دوائيًا، علاجك علاجًا تأهيليًّا – كما ذكرتُ لك – والدواء قد يكون إضافة جيدة.
قولك أن الانتحار يجلب العار لأسرتك: طبعًا، ويجلب العذاب وسوء المآل. لا، لا تفكري بهذه الطريقة، الحياة جميلة ((الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون))، ((الدنيا ملعونة معلون ما فيها، إلا ذكر الله وعالم ومتعلم))، الحياة فيها أشياء جميلة وجميلة جدًّا من أجلها يسعى إليها الإنسان.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.