هل هذه المواقف تدل على اقتراب الموت؟
2020-05-13 05:19:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور الفاضل / محمد عبد العليم
أعاني منذ 6 شهور أو أكثر من الخوف من الموت، أشعر أن قلبي لا ينبض، وأشعر برأسي كأنه يوجد به فراغ، لا يصدع، ولا أشعر بألم فيه، شخصيتي ومشاعري كل يوم لا تتغير، لا أشعر بالسعادة والحزن.
أعاني منذ 6 أو 7 أشهر من التفكير في الموت، فهل الشعور باقتراب الموت صحيح؟ علما أني صرت أسمع أخبار وفيات، وفي حارتنا منذ أشهر شاهدت عزاء، وشعرت بخوف شديد، وأشعر أني سأموت قريباً، والموقف الثاني: توظفت وعند مقر دوامي وجدت لوحة مكتوب بها، هل أنت مستعد للقاء الله؟ فزاد الخوف عندي، والموقف الثالث: شاهدت إعلان قطة ضائعة، واتصلت بصاحبها
لأخبره أني وجدتها، وكانت حالتها سيئة، فأخذها مني، وذهب بها للدكتور البيطري، وفي نفس اليوم اتصل بي يخبرني أنها ماتت، فشعرت أنها رسالة من الله لاقتراب موتي، والموقف الأخير: ذهبت لصديقي لأخذه من البيت لكي نخرج، فوجدت لوحة مكتوبا عليها (مقبرة على الطريق) قريبة من بيته، فشعرت بخوف شديد، هل هذه العلامات تدل على اقتراب الموت؟
أشعر بالتبلد، لا أفرح ولا أحزن، مشاعري وشخصيتي لا تتغير بسبب الخوف من الموت، فقدت طعم الحياة، أشعر أن قلبي متوقف، ورأسي خفيف جداً كأن فيه فراغا، وجسدي خفيف، أريد أن أشعر بطعم الحياة، علماً أن حالتي لها أكثر من 6 أشهر.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع، ونبارك لك شهر رمضان، الذي نسأل الله تعالى أن يجعله لنا رحمةً وغفرانًا وعتقًا من النيران، وتقبّل الله صيامكم وطاعاتكم.
أنا اطلعتُ على رسالتك وهي واضحة في الحقيقة، لديك هذه المخاوف خاصة الخوف من الموت، ونوعية المخاوف التي تعاني منها ذات طابع وسواسي، هذا نُسمِّيه بقلق المخاوف الوسواسي، والخوف من الموت موجود حقيقة، وأصبح شائعًا في هذا الزمان – خاصة وسط الشباب - أعتقد ذلك لأن موت الفجاءة قد كثر، وكثرت الأمراض، والحروب والاقتتال، قيمة الحياة قلَّت في نظر كثير من الناس، وربما أيضًا إيمان الناس قد اهتزّ.
الجو العامّ يُساعد حقيقة في حدوث مثل هذه المخاوف، وأنت لديك روابط – أو ما نسميه بالمثيرات الوسواسية – موضوع القطة، لوحة المقبرة، اليافطة التي مررت بها، وأصبحت تأخذ هذه الروابط – أو هذه المثيرات – كداعم لعملية الخوف الوسواسي.
الوساوس – أيها الفاضل الكريم – تُحقّر، ويتمّ تجاهلها؛ لأنها أفكار خاطئة، متسلطة على الإنسان، وتأتي في شكل اندفاعات وانفعالات، وقد تصل لمرحلة الإلحاح الشديد والاستحواذ، والإنسان قد يؤمن بسخفها، لكنّه يجد صعوبة في بعض الأحيان في دفعها والتخلص منها، لكنّ التجاهل وعدم الخوض فيها وعدم تحليلها وصرف الانتباه عنها، بأن يصرف الإنسان نفسه عنها، بأن يشغل نفسه في موضوع جديد، في تفكيرٍ جديد، في أمر تفاؤلي، وحتى أننا وجدنا أن الإنسان إذا غيّر مكانه وغيّر وضعه، مثلاً: أخذ نفسًا عميقًا، حتى إذا قال (بسم الله الرحمن الرحيم، استغفر الله)، هذه كلها تؤدي إلى انصرف الفكر الوسواسي.
كما أن ممارسة الرياضة مهمّة جدًّا، وكذلك التمارين الاسترخائية، الرياضة والتمارين الاسترخائية تُفيد من خلال أن القلق هو المكون الرئيسي للخوف وللوسوسة، وحين يُمارس الإنسان الرياضة تتحسّن الإفرازات الكيميائية الدماغية الإيجابية، خاصّة مادة السيروتونين، وهذا قطعًا يؤدي إلى التحكم في القلق، وفي الخوف، وفي الوسوسة، وأيضًا يؤدي إلى تحسُّن المزاج، فأرجو أن تكون حريصًا وحريصًا جدًّا على ممارسة الرياضة.
اجتهد في دراستك، أحسن إدارة وقتك، الصلاة يجب أن تكون في وقتها، الدعاء، الذكر، وقراءة القرآن، وأذكار النوم على وجه الخصوص تقلِّل من الخوف من الموت، والخوف من الموت يجب أن يكون موجودًا، لكن يكون خوفًا شرعيًّا، وليس خوفًا مرضيًا – هكذا دائمًا نقول – الموت لا شك أنه آتٍ، وأجل الله إذا جاء لا يؤخر، ولكل أجل كتاب، وكل من عليها فانٍ، وكل شيء هالك إلا وجهه سبحانه، ... هذه حقيقة وحقيقة أبدية وحقيقة أزلية.
واعرف – أيها الفاضل الكريم – أنك في حفظ الله، وأن الحياة والموت بيد الله، وكل المطلوب منك هو أن تجتهد في الحياة، وأن تستمتع بالحياة، وأن تلتزم بدينك، وأن تكون بارًّا بوالديك، وأن تكون شخصًا نافعًا ومفيدًا، {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره}.
هذه الأشياء التي تعوّض حقيقة هذه الخوف، وأنا أنصحك بدواء، أنت محتاج لدواء مضاد للمخاوف، وأفضل دواء تتناوله هو عقار (سيرترالين)، دواء رائع، يُسمَّى تجاريًا (لسترال) أو (زولفت)، وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرون مليجرامًا) يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة (خمسون مليجرامًا) يوميًا لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين يوميًا لمدة شهرين، ثم تنقصها لحبة واحدة يوميًا لمدة شهرين آخرين، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء، الدواء من الأدوية السليمة، ومن الأدوية الممتازة جدًّا، وسوف يفيدك بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.