عدم الثقة بالنفس وتقلب في المزاج!
2020-04-28 04:29:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعزب، عمري (27) سنة، وطولي (165) سم، وظيفتي مهندس ورئيس قسم.
الدكتور العزيز/ محمد عبد العليم -حفظك الله- أنا شخص كنت في السابق متقلب المزاج، وسريع الغضب، ولكن مع تجارب الحياة كبحت هذه العادة السيئة وبقيت لدي بعض المشاكل وأولها:
عدم الرضا بالنفس، وبالوضع الاجتماعي، ولدي سقف التوقعات والطموحات عال، وأحيانا إحساس بالعزلة، ولكن في بعض الأوقات أكون نشطا اجتماعيًا بشكل غير طبيعي، ويراودني خوف من الناس في بعض الأوقات وعكس ذلك في بعض الأحيان بدون أي سبب ولكنني تغلبت عليه، وأيضا إحساس بضعف في الشخصية في بعض المواقف، وأما في المواقف الأخرى تكون شخصيتي قوية جدا.
أهرب من المشاكل أحيانا، وأحيانا أنا من يفتعلها لكي أواجهها، وفي بعض الأوقات يراودني شعور بالنقص وأحيانا أخرى بالكمال، فأنا لا أستطيع إكمال أي عمل لا أحبه.
أعمل بجهد وذكاء، ولكني بالمقابل أقع في مصيدة من أتفه الأخطاء وأيضا تشتت في الانتباه في بعض الأحيان، ولا أستطيع المكوث في مكان واحد وقتا طويلا.
مع العلم بأنني محبوب ومرح ولكن أفتقد إلى مواصلة بناء العلاقات الجيدة مع الناس، وكثير التسويف للأعمال والوجبات الغير مهمة، وبعض الأوقات تصل إلي أن أتأمل المهمة والانشغال بغير المهم.
أرجو إفادتي، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأهنئك بشهر رمضان الكريم، تقبّل الله صيامكم وطاعاتكم.
أخي الكريم: طبعًا أنت لا تعاني من أي مرض نفسي، يجب أن أبدأ هذه البداية المبشّرة، وكلّ الذي ذكرتَه حقيقة هي نوع من التقلُّبات المزاجية البسيطة مع شيء من القلق، والذي يظهر لي أنك تُراقب نفسك بصورة لصيقة جدًّا، تُراقب نفسك خاصّة فيما يتعلّق بمحتوياتها النفسية وفيما يتعلّق أيضًا بالمشاعر وكذلك السلوك.
هذه الرقابة الصارمة منك على نفسك جعلتك تتحسَّس أعراضا بسيطة جدًّا، وتبدأ في إعطائها التفسير الوسواسي في كثير من الأمر. مثلاً – أخي الكريم -: ما الذي جعلك لا تحسّ بقوة الشخصية؟ أنت لست أقلَّ من الآخرين، هذا مفهوم خاطئ جدًّا، أسوأ شيء ألَّا يُقدّر الإنسان ذاته التقدير الصحيح. نعم الإنسان لا يضخّم ذاته ولكن لا يُحقّرها. أنت رجل أنجزت إنجازاتٍ عظيمة، فأنت الآن مهندس ورئيس قسم، ويا حبذا –يا أخي– لو أقدمت على الزواج، لأن الزواج فيه استقرار وفيه مودة وفيه سكينة وفيه رحمة، فأنت رجل أنجزت –يا أخي– فلا، يجب أن تقدّر نفسك من خلال أفعالك وإنجازاتك، ليس من خلال أفكارك السلبية، ليس من خلال مشاعرك الوسواسية، لا.
الذي أنصحك به هو أن تُحسن إدارة الوقت، الإنسان إذا أحسن إدارة الوقت يستطيع أن يتكيّل اجتماعيًّا ونفسيًّا ووجدانيًّا، وطبعًا تضع برامج يوميّة (متى تنام؟ تستيقظ، العمل، التواصل الاجتماعي، الالتزام بالواجبات الاجتماعية، الترفيه عن النفس، القراءة، الحرص على الصلاة في وقتها ...).
فيا أخي الكريم: هذه الركائز مهمّة جدًّا في حياتنا، حُسن إدارة الوقت والاهتمام بالواجبات الاجتماعية (أن تزور المرضى، أن تذهب إلى الأفراح، تُقدّم واجبات العزاء، تصل رحمك، تتفقد أصدقائك) هذه في حدِّ ذاتها تؤدي إلى استقرار نفسي كبير.
والرياضة يجب أن تكون جزءًا من حياتك، لأن الرياضة تمتصّ كل الطاقات السالبة.
ويا أخي: أنا أعتقد أيضًا أنت محتاج أن توجّه هذا القلق وعدم الاستقرار توجيهًا إيجابيًا، مثلاً ابدأ مشروع دراسة للماجستير، مشروع آخر يمكن أن تقوم به: حفظ أجزاء من القرآن، ... أشياء كثيرة جدًّا تؤدي إلى الاستقرار النفسي والاستقرار الاجتماعي.
أنا لا أراك حقيقة مريضًا، وأنت الحمد لله تغلَّبت على تقلُّب المزاج الحقيقي وسرعة الغضب، وسوف تتغلَّب على هذا أيضًا، وطبعًا الصحبة والرفقة الطيبة، الإنسان يحتاج لنماذج، النماذج الفاعلة في الحياة تُساعدنا كثيرًا لأن نُحسِّن من أفكارنا ومشاعرنا وأفعالنا، ونتطوّر، وهذا هو الذي ننشده.
هذه –يا أخي– هي نصيحتي لك، والرضا عن النفس يأتي بتذكّر الإيجابيات، والقُرب من الله تعالى فيه سعادة عظيمة جدًّا ويُشعر الإنسان بالرضا، التوكُّل، الحرص على الأذكار، الحرص على الصلوات، الورد القرآني اليوم ... هذا يُعطيك الرضا، الرضا الحقيقي، والرضا يُصنع، وكذلك السعادة تُصنع أخي الكريم فيصل.
ربما يكون أيضًا من الجيد أن تتناول دواء بسيط مزيل للقلق لمدة شهرين فقط، الـ (دوجماتيل) سيكون دواء مناسبًا، ويُسمَّى علميًا (سلبرايد)، كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهرين، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.