كيف تكون أعراضي نفسية وحياتي مستقرة؟!
2019-03-18 05:42:10 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة سورية، أعيش في الرياض، متزوجة ولدي طفل، ومتغربة عن أهلي.
في بداية الأمر بدأت أشعر بدوخة أو دوار، وعدم تركيز، مع طنين وزغللة في العيون؛ فذهبت إلى طبيب أعصاب، وتم فحصي بشكل كامل، وأجريت صورة مقطعية للرأس، وقال: إن كل شيء سليم. وذهبت إلى طبيب باطنية، وأجريت مجموعة تحاليل، وكان كل شيء سليما، وذهبت أيضا إلى طبيب عيون وآخر أذن، وكان كل شيء سليما، وكانوا يقولون: إن الموضوع نفسي، ولكن حياتي كانت مستقرة وسعيدة تماما، ثم بدأ بداخلي الصراع هل ما أشعر به نفسي أم جسدي؟!
وبدأ التفكير الشديد والتعب النفسي من هذا الموضوع، وكنت مدركة أن موضوعي نفسي، ولكني أحس بأعراض جسدية، وفي ذات الوقت حياتي مستقرة، فمن أين جاءت الأشياء النفسية كما يقولون؟!
كان ذلك قبل حوالي شهرين، وكل يوم أعاني من أفكار وصراعات نفسية بسبب ذلك الأمر، وضغط شديد بسبب التفكير، ولا أستطيع السيطرة على تفكيري، ثم بعد أيام بدأ تفكيري ينزاح إلى الأمور السلبية في حياتي، والشعور بعدم وجود فائدة لي في الحياة، وأني أتمنى أن أموت وأرتاح من هذا الضغط النفسي، وأن كل ما في هذه الحياة ممل وليس له فائدة، رغم أن زوجي يحاول اصطحابي خارج المنزل وينفس عني، ولكني حتى عند خروجي أشعر بخنقة ولا أجد سعادة بخروجي، وفي كل يوم أشعر بخنقة شديدة وأبكي حتى ارتاح ويتحسن مزاجي وأكمل يومي أفضل من سابقه، وأصبحت أكره الصباح بشدة؛ لأنه يعني لي بداية يوم جديد من المعاناة والضياع، رغم أني -بفضل الله- ملتزمة دينيا، وأصلي وأقرأ القرآن، وأحاول أن ألجأ إلى الله وإلى الذكر كثيرا؛ لأتخلص مما أنا فيه.
ذهبت إلى طبيب نفسي؛ فشعرت أنه لم يسمعني كما يجب، ولم يعطني اهتماما، فقط وصف دواء، وأنا لا أقتنع بالحبوب النفسية؛ لأني لا أريد أن أربط سعادتي بدواء، وأن أصبح كلما حلت بي ضيقة ألجأ للدواء، وأشعر بأنه المخلص لحالتي، أو أن أدمن عليه.
كل ما أريده أن أعود لحالتي الطبيعية، وأن أشعر بالفرح والسعادة كالسابق. مع العلم أني لم أعد أشعر بالدوار والزغللة، فقط أشعر بالطنين، وأحاول أن أقرأ وأشغل نفسي، ولكني أشعر أن كل هذا بلا لذة وفائدة، وإنما كأني أضحك على نفسي حتى أصرفها عن التفكير.
شكرا لكم ولموقعكم الكريم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rahoofa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله أن حياتك طيبة، وأسأل الله تعالى أن يُديم عليك وعلينا وعلى جميع المسلمين النعم والخير كله.
أعراضك واضحة أنها أعراض نفسية، بدأت لديك الأعراض بما نسميه بالنفسوجسدية، الدوخة وما يُصاحبها من أعراض أخرى كثيرًا ما نشاهدها في حالات القلق المقنع –أي القلق الداخلي– والذي أتصوره –أيتها الفاضلة الكريمة– أنك شخصية ممتازة ومستقرة، لكن يظهر أن لديك شيئا من الاستعداد للقلق، والناس تتفاوت حقيقة في تفاعلها مع القلق الداخلي.
البناء النفسي للإنسان هو الذي يُحدِّد درجة استجابته وتعامله مع ضغوطات الحياة صغيرة كانت أم كبيرة، والقلق والتوتر يأتي لكل إنسان، للبرِّ وللفاجر، الغني والفقير، والأسود والأبيض.
فوجود العوامل المرسِّبة –أي الاستعداد الوراثي أو الجيني، أو الذي مَردَّه إلى البناء النفسي للشخصية– أمرٌ مهمٌّ جدًّا عندنا في الصحة النفسية، وتوجد مجموعة أخرى من الأسباب نسميها بالأسباب المُهيئة، أي نوع من ضغوطات الحياة قد تؤدي إلى ظهور أعراض نفسية لدى الأشخاص الذين لديهم الأسباب المرسِّبة -أي أسباب الاستعداد-، وأنا أعتقد أن لديك شيئا من الاستعداد للقلق وللتوتر حتى وإن لم يظهر عندك، وحتى وإن لم تتوفر أسباب حياتية سلبية واضحة فقد تكون هنالك أشياء بسيطة وصغيرة تلاعبتْ بوجدانك وعقلك الباطني؛ ممَّا أدَّى إلى ما أنت فيه.
أيتها الفاضلة الكريمة: أتمنى أن يكون هذا الشرح مفيدًا لك، وأتمنى أن أكون قد أكملتُ وأتممتُ ما قصَّر فيه زميلي الطبيب النفسي الذي قمتِ بمقابلته، وأنا أؤكد لك أنك لستِ مريضة، هذه ظواهر تحدث لبعض الناس في حياتهم.
الذي أنصحك به هو أن تعالجي نفسك نفسيًّا وإسلاميًّا واجتماعيًّا ودوائيًّا، هذه العناصر الأربعة في العلاج يجب أن تكتمل حتى تصلي إلى مبتغاك من التحسُّن والتعافي بإذن الله تعالى.
على الصعيد النفسي: كوني إيجابية في تفكيرك، حفّزي نفسك دائمًا، تغاضي عن السلبيات، واجتماعيًا: أحسني إدارة وقتك وتوزيعه وإدارته بصورة صحيحة، تواصلي اجتماعيًا بقدر المستطاع، لا تقصّري في واجباتك الاجتماعية والزوجية ومسؤوليات الأمومة. وإسلاميًا: الحمد لله أنت بخير، وعليك بالمزيد.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، والعلاج الدوائي أيضًا مهم؛ لأن القلق والتوتر والأعراض النفسوجسدية كثيرًا ما يكون منشؤها بعض الاضطراب البسيط، أو النقص في المواد الدماغية التي تُفرز من الموصلات العصبية، وهذه المواد معروف أن نقصها واضطرابها يساعد في ظهور الأعراض ويصعب جدًّا قياسها في أثناء الحياة.
من الأدوية التي سوف تفيدك عقار يُعرف باسم (سبرالكس) أو عقار (زولفت)، وأنت تحتاجين لأحدهما، بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة.
تواصلي مع طبيبك أو استعملي الدواء الذي أعطاك إيَّاه، ولك الحق أن تستفسري عن الدواء وطريقة عمله، ولا بد في الدواء أن يكون دواء سليمًا وغير إدماني، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسائية.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.