منذ الطفولة وإلى الآن منعزلة ومترددة وانطوائية.
2019-03-12 09:31:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
لا أعرف من أين أبدأ؟ أنا مشكلتي منذ نشأتي في الصغر وتربية أهلي لي وأنا منعزلة مترددة انطوائية، وما فكروا أن يساعدوني وإلى يومنا هذا!
بدأت نفسيتي تتدهور، وأحس برهاب وتوتر عصبي شديد على أبسط شيء أفعله، أو يصير حولي، وفي وسواس فظيع، ولست واثقة من نفسي، وشخصيتي ضعفت، وكل هذا يزيد وأحس باليأس، وأرى العالم كئيباً!
حين أفعل أي شيء أهلي يخاصمونني عليه، وكل يوم خصام على أتفه الأسباب، ووضعي بالبيت دائماً بغرفتي مقفل علي الباب، وما عندي أخوات.
صرت أتهرب من الواقع بكثرة النوم، ولأبتعد عن أهلي قدر ما أستطع، لأني أتضايق وأتشاءم حين أراهم، ومتضايقة كثيراً من وضعي، خصوصاً من التوتر والرجفة التي تجيئني.
لا أعرف كيف أتعامل مع الناس أبدًا، ما لجأت لكم إلا والله يعلم بحالي، ولا أقدر أن أشتكي لأحد، وحاولت أبحث عن علاج وكل مشكلة من النت لكن بدون فائدة، يرجع أهلي يخاصمونني وأضعف كثيراً بل أكثر من قبل، وأبكي بكاء حاراً.
أحس أن الناس تتآمر علي، وأخاف من نظراتهم، ولا أقدر أن أحط عيني بعينهم، علماً أن مستواي الدراسي عالي جداً، لدي قدرة عالية في الحفظ والفهم؛ وكثير من زميلاتي تأتيني لأشرح لها وفي معظم المواد الدراسية.
الطلعات من البيت بشتى أنواعها ممنوعة، فقط بيوت الأقارب ولا أفضل الذهاب لها لبُعدي عن أقاربي ولإحساسي بالملل معهم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مثل عمرك الشعور بالملل والضجر قد يحدث للإنسان، لكنه -إن شاء الله تعالى- يكون أمرًا عابرًا.
الملل والضجر يُعالج من خلال تغيير طريقة التفكير، أن يكون تفكيرك أكثر إيجابيةً، أن تُحسني الظن بالناس، وأن تعرفي أن الله تعالى قد حباك بطاقاتٍ عظيمة يجب ألَّا تُضيِّعيها في القلق والتوتر والفكر السلبي.
أنت محتاجة أن تحسني علاقتك مع أهلك، أن تكوني شخصًا فعّالاً محبوبًا، مساهمًا في شؤون الأسرة، لا تكوني شخصًا هامشيًّا، واسعي دائمًا في برِّ والديك، فبرُّهما -إن شاء الله- يفتح لك أبواب الخير في الدنيا والآخرة.
أنت مقتدرة، ومستواك الأكاديمي ممتاز، وهذا دليل على أن إدراكك المعرفي أيضًا ممتاز، فلا تصفي شخصيتك بأنها ضعيفة، أو أنها واهية وغير فعّالة، أهم شيء أن يُقيِّم الإنسان نفسه تقييمًا صحيحًا، وأن تبني انطباعات جيدة عن نفسك.
تنظيم الوقت مهم في مثل عمرك، النوم الليلي المبكر، ممارسة الرياضة بانتظام، الصلاة في وقتها، أن ترفّهي عن نفسك بأشياء طيبة وجميلة، هنالك أشياء كثيرة يمكن أن تقومي بها وترفّه عنك وتُبعد عنك الضجر والملل، وقطعًا الطلوع من البيت يجب أن يكون منضبطًا، هذا أمرٌ مهم، وهذا ما نفعله كلنا في بيوتنا. الأمر لا يتعلق بثقة أو عدم ثقة، إنما هو نوع من الإرشاد المهم والضروري، نحن نعيش في زمنٍ فيه الكثير من الصعوبات والخلل الاجتماعي.
احرصي على الصلاة في وقتها، أريدك أن تدخلي في مشروع بسيط وطيب يفيدك كثيرًا، وهو أن تحفظي ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، في خلال ستة أشهر، هذا يُمثل خيرًا عظيمًا بالنسبة لك.
أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة ستكون مفيدة جدًّا لك.
لماذا تتهربين من الواقع، الواقع طيب، لا تنقادي لهذا الفكر السلبي السخيف، الإنسان لابد أن يتدبر ويتأمّل بصورة أوسع وأدق، خاصة إذا سيطر عليه الفكر السلبي، لا، الحياة طيبة، ويجب أن تزرعي في نفسك وكيانك ما هو إيجابي وطيب.
هنالك كتب جيدة أريدك أن تقرئيها، خاصة كتاب ديل كارنيجي الذي اسمه (لا تقلق وابدأ الحياة)، أنا أدعوك لقراءة هذا الكتاب، فيه إرشادات جيدة جدًّا، وسوف تجدين فيها فوائد كثيرة جدًّا.
أنت لست محتاجة لعلاج دوائي، ضعي خطة لتطوير نفسك من جميع النواحي، ولابد أن تكون لك آمال وطموحات علمية كبيرة.
تصوري نفسك بعد ست سنوات من الآن أين أنت؟ ما هو مؤهلك العلمي؟ الزواج؟ العمل إن كنت ترغبين في عمل جيد. هذا ليس خداعًا للنفس، إنما هو تدريب للنفس. وضع الخطط المستقبلية دائمًا يفيد الإنسان، والإنسان يسعى ويقدّم بمشيئة الله في هذا السياق. الحياة طيبة وجميلة، فلا تنظري لها نظرة سلبية أيتها الابنة الفاضلة، أنت لست في حاجة لأي علاج دوائي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.