أشكو من عدة أعراض وأخشى أن أكون مريضا نفسيا
2019-01-07 07:04:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على هذا الموقع المفيد، وجزاكم الله خيرا.
عمري 26 سنة، حديث التخرج من كلية الهندسة، كنت مغتربا وعدت قبل شهرين إلى بلدي، وحاليا عاطل عن العمل.
ترددت كثيرا في كتابة الاستشارة إليكم خوفا من أكون مريضا نفسيا، والخوف من طول فترة علاج الأمراض النفسية عافانا الله وإياكم.
كنت شخصا اجتماعيا وإيجابيا، وواثقا بنفسي، ومحبوبا اجتماعيا، ومتميز دراسيا، ولا أهتم بكلام الآخرين؛ لأنني أعرف ما أريد، إلى أن فشلت في مادتين في البكالوريوس، بعدها بدأت نفسيتي بالتهاوي يوما بعد يوم، بدأت بمشاكل نفسية بسيطة منها: كثرة التفكير، وقلة التركيز، والشرود المستمر، والحساسية المفرطة من كلام الناس، وأعتقد بأنني وصلت إلى مراحل الاكتئاب بعد الاطلاع على أعراضه في الإنترنت.
حاليا عند محاوله التركيز أو القراءة يأتيني تنميل وضغط في الجزء الأعلى والخلفي من الرأس، لا يزول إلا بإمساكه وتدليكه بهدوء، ووضع يدي في تلك المنطقة من الرأس أو ربط شيء ما على رأسي، وهذا حال بيني وبين ممارسة حياتي الطبيعية والدراسية، مما يجعلني أتصنع أمام الناس محاولا إخفاء ما أعاني منه، ومحاولا الظهور بشكل طبيعي، وهذا رفع مستوى المعاناة، ودمر شخصيتي وثقتي بنفسي، وعلاقاتي مع الناس.
مشكلتي الرئيسية أنني أعاني من التفكير الشديد، وقلة التركيز (بسبب التفكير) أثناء القيام بأي عمل، وحتى عند المشي أو الأكل، وحتى بين أهلي، وفي الاجتماعات الأسرية عقلي في تفكير مستمر وقلق، وأنني يجب أن أخطط بكل وقت وحين، وعندما أقوم بعمل شيء ما أعمله وأنا متخوف، وغير واثق من نفسي، وأعتقد بأن هناك طريقة أفضل لعمله، أفضل من التي أمارسها.
أشعر بضياع فرص كثيرة، ولحظات حلوة مني وأنا غارق في التفكير، لا أعيش اللحظة، وأشعر بضياع علاقاتي الاجتماعية بسبب هذه الحالة، ويلازمني شعور أنني يجب أن أختلي بنفسي لمراجعة الماضي الذي مررت به، والتخطيط للمستقبل الذي سأقدم عليه، وعند محاولة القراءة أو إنجاز أي شيء أريده أظل سرحانا وشاردا، ويتناقص تركيزي مباشرة، مما يحول بيني وبين إنجاز أي عمل أريد القيام به، مما سبب لي ضعفا في ثقتي بنفسي، ونسيانا شديدا، وضعفا في شخصيتي، ودمارا لعلاقاتي الاجتماعية وانطوائية.
نتيجة لذلك أصبحت مزاجيا متقلبا وعصبيا، وقلقا خوفا على نفسي من الضياع بسبب هذه الحالة التي أمر فيها، والتي يجب أن أكون في هذه المرحلة في عز تركيزي وعطائي وإنجازي، فأنا محتاج للاستقرار والسلام النفسي لكي أنجز مهامي ودراساتي العليا التي أنا مقدم عليها، ولكن أخاف أن هذه الحالة النفسية ستكون عقبة بيني وبين أهدافي.
عندما أفكر كثيرا، أو اقرأ كتابا، أو أحاول التركيز في شيء ما أحس بتنميل وضغط في الجزء الأعلى الخلفي من الرأس، ولا يزول إلا عند الإمساك برأسي من الخلف وتدليكه وربط رأسي بشيء ما،
وعند محاولة التفكير في مستقبلي وما يجب عمله لا إراديا أفكر بالماضي وآلامه، وأشعر أن تفكيري أصبح سوداويا بشكل كبير، لدرجة أنني أفكر أحيانا أن الناس ستعمل وستحقق، وأنا لا أستطيع أن أعمل شيئا، وأنني لا أصلح لشيء.
ذهبت لطبيب باطني قبل سنتين، وقال لي: إنني أعاني من أحماض في المعدة، وأعطاني أدوية خاصة، ونصحني بعدم التفكير كثيرا، وأعطاني دواء خاصا بالقلق لا أذكر اسمه حاليا، وذهبت لمعالج رقية شرعية، وقال لي: إنني أعاني من العين، واستخدمت الدواء، ولكن لم يفدني ذلك بشيء.
صبرت كثيرا على هذا الحال الذي أنا فيه، وأتعبني كثيرا نفسيا وجسديا، وأثر على مستواي الدراسي كثيرا، أخاف من الأدوية النفسية وإدمانها وطول فترات العلاج، وأتمنى أن أعود لنفسي، وأن أعود طبيعيا، وأنسى كل شيء، وأبدأ من جديد، ويعود لي تركيزي ونشاطي النفسي وحيوية روحي وقوة ذاكرتي، وأن لا أهتم بكلام الناس إطلاقا، أتمنى أن لا تضيع سنواتي وأنا غارق في هذه الحالة، فقد أثرت على نجاح حياتي الدراسية والعملية والعائلية.
أرجو المساعدة، وربنا يسعدكم، ومتأسف جدا على الإطالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأبارك لك التخرج من كلية الهندسة، وأسأل الله تعالى أن يرزقك العمل الطيب من الناحية المهنية وكذلك من أجل اكتساب الأجر في الدنيا والآخرة.
أيها الفاضل الكريم: الأعراض التي تحدثتَ عنها بإسهاب وتفصيل تدل على أنك تعاني من درجة بسيطة من القلق الاكتئابي، ولا أراه مرضًا نفسيًّا حقيقيًّا، إنما هي ظاهرة، أرى أن طاقاتك النفسية - خاصة القلق الإيجابي - كانت محوّلة أو مستهلكة في الدراسة، بمعنى أن القلق كان يُستعمل استعمالاً إيجابيًا، وبعد التخرّج والعمل لفترة قصيرة وليس لديك العمل الآن أصبحت الطاقات النفسية لديك محتقنة وسلبية، لتظهر في شكل اضطرابٍ وجداني بسيط، يُعتبر القلق وعُسر المزاج هي المكونات الرئيسية لك.
لابد أن تفكّر في ذلك إيجابيًا، أنت الحمد لله تعالى أنجزت وتخرّجت، وأنت صغير في السِّن، في بدايات سن الشباب، لديك طاقات عظيمة، يجب أن تسعى لتجد العمل، لا تتوقف أبدًا عن ذلك، ويجب أن تكون لك طموحات أخرى، بأن تدرس للماجستير، حتى للدكتوراه، طاقاتك النفسية يجب أن توجَّه لتصبح طاقات إيجابية ولا تحتقن وتظهر في طاقات سلبية.
أيها الفاضل الكريم: اسعى في برِّ والديك بكل السبل، بر الوالدين يزيل الكُرب، الإكثار من الاستغفار والصلاة على الرسول-صلى الله عليه وسلم- من مفرِّجات الكُرب، قال صلى الله عليه وسلم حين من قال له: أأجعلُ لك صلاتي كلها يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إذًا تُكفى همَّك، ويُغفر لك ذنبك).
مارس رياضة، الرياضة تُحسِّنُ التركيز، تُجدِّدُ الطاقات النفسية والطاقات الجسدية، وعليك أن ترفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وعليك بالقراءة المفيدة، مهمَّة جدًّا، مع ممارسة الرياضة، الصلاة في وقتها أمرٌ عظيم، حُسن التواصل الاجتماعي - مع الجيران، مع الأرحام، مع الأصدقاء - هذا يوجِّه طاقاتك ليجعلها طاقات إيجابية.
هذه هي الأشياء العلاجية الرئيسية التي تُساعد في تطوير شخصيتك وتنميتها وإزالة التشوّهات النفسية السلبية البسيطة التي تُعاني منها.
لابد أن تكون حسن التوقعات، لا تكن متشائمًا أبدًا، أحسن إدارة الوقت، هذه مهمَّةٌ جدًّا، ولابد أيضًا أن تنخرط في عمل اجتماعي أو ثقافي أو خيري، هذا يجعل طاقاتك تسير في الاتجاه الصحيح.
هذه هي الأسس العلاجية التي أنصحك بها، وأنتَ مُدركٌ لها، لكن عليك بالتطبيق، ولديك تحفّظٍ كبيرٍ على الأدوية النفسية، وأنا أصلاً لا أراك في حاجة لها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.