أصابني وسواس وصرت أفقد وعيي وأختنق، ما نصيحتكم؟
2018-04-17 05:56:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا بعمر 30 عاماً، أم لطفل، بدأ معي الوسواس منذ خمسة أعوام، تعبت في فترة الخطبة، وفجأة عند سماع القرآن، وصرت أفقد وعيي، وعندما أخذني أهل زوجي لشيخ قال: إنها عين، وعالجني بالرقية، وبعد شهرين عدت لأتعب من جديد، لكن بشكل أقوى، وصرت أرى وجه خطيب أسود وبشعاً، ولا أستطيع الاقتراب منه، ولا أستطيع شرب الماء المقروء عليه، أراه دماً، وله رائحة، وأرى أحلاماً مزعجة، وأرى خيالات وعناكب سوداء وأنا مستيقظة!
أعادوني لنفس الشيخ فقال: إنه سحر مأكول، وإن علي استنشاق ماء وملح، علماً أنه كنت أعاني من تشنج قصبات وربو، وبعدها اختنقت، وكدت أموت، ولكنه أصر أن أعيدها ثلاث مرات، فبدأت تأتيني نوبات الهلع، ولا أعرف أنها نوبات هلع إلا من النت، وصرت أفقد وعيي بالساعات، وأحس باقتراب الموت، وأني أريد ان أهرب من المنزل، وأختنق!
فحوصاتي سليمة، باستثناء فيتامين دال نسبته10، بدأت أوجاع المعدة والقولون وتضخم في الرقبة، واختناق كأن حبلاً يلتف حول رقبتي، والشعور باقتراب الموت، وهلاوس لم أعد أستطيع العيش بسلام منذ خمس سنوات.
حاولت أن أعالج نفسي بالقرآن، ونجحت والحمد لله، ولكني عدت أعاني أكثر من السابق، حتى حلمت أني أقرأ آية عن يوم القيامة، ولكني لم أستطع تذكرها، ومن وقتها فزعت وقرأت أن التفسير اقتراب الأجل.
أنا أخاف على ابني، وأخاف من فكرة الموت وترك أهلي، ساعدوني، فقد تعبت ولم أعد أستطع التحمل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء.
ما ذكرتِه واضحٌ جدًّا بالنسبة لنا، حالتك نسمِّيها بقلق المخاوف الوسواسي، وهي ظاهرة نفسية منتشرة جدًّا، حالتك قطعًا تمَّ تدعيمها من خلال ذكره لك الشيخ، أنك مُصابة بالعين، وأنه يوجد سحر مأكول، هذه المصطلحات الضخمة جدًّا تضرُّ بالناس إذا لم تؤصَّل، نحن نؤمن بالعين والسحر والحسد - أيتها الفاضلة الكريمة - لكن ليس بهذه الطريقة.
اعلمي أن الله خيرٌ حافظًا، عليك بالصلاة في وقتها، وتلاوة وردٍ من القرآن، والحرص على الأذكار - خاصة أذكار الصباح والمساء - وأن ترقي نفسك، وإن كان فيك شيء ممَّا ذُكر فإن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين، الأمر لا يحتاج أكثر من ذلك، لا تعيشي في هذه التوهمات.
أنتِ محتاجة لعلاج دوائي ولا شك في ذلك؛ لأن قلق المخاوف الوسواسي المصحوب بنوبات الفزع والهرع يحتاج للعلاج الدوائي.
أرجو أن تذهبي إلى طبيبٍ نفسي، أو حتى إلى طبيب الأسرة، ليصف لك أحد الأدوية الممتازة، والتي من أفضلها عقار (زولفت)، والذي يُسمَّى علميًا (سيرترالين)، ويسمى تجاريًا أيضًا (لسترال)، أو عقار (سبرالكس) والذي يُسمى علميًا (استالوبرام).
أيٍّ من الدواءين سيكون مفيدًا ومفيدًا جدًّا لك، وأنا أرى أن السبرالكس قد يكون هو الأفضل، وسأذكرُ لك جرعته، وهي: أن تبدئي بخمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي قوتها على عشرة مليجرام - تناولي هذه الجرعة الصغيرة - أي الجرعة التمهيدية - يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ارفعيها إلى الجرعة العلاجية وهي عشرون مليجرامًا يوميًا، والتي يجب أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- تختفي هذه المخاوف والوساوس، وعليك بصدِّها وردِّها وتجاهلها والتغافل عنها، وأن تكوني إيجابية في أفكارك وفي أفعالك، وأن تنظمي وقتك، وعليك بالنوم الليلي المبكر، مفيدٌ جدًّا، والاستيقاظ المبكر، وبعد صلاة الفجر قومي ببعض الأعمال المفيدة، فهذا الوقت هو أفضل وقتٍ ليطوّر الإنسان فيه صحته النفسية من خلال استغلاله بصورة صحيحة، لأن المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية تُفرز في ذاك الوقت.
كما تعلمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (بورك لأمتي في بكورها)، فأرجو الاستفادة من هذا الوقت، وأنت الحمد لله تعالى حياتك مليئة بالإيجابيات، لديك الزوج الصالح، وهبك الله الذُّرية، في ريعان شبابك، ماذا تُريدين أيتها الفاضلة الكريمة؟ لا تُضيِّعين وقتك مع هذه الوساوس، حقّريها، أغلقي عليها الطريق تمامًا، واستمتعي بحياتك.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.