ابنة أختي منعزلة عن المجتمع إلا من صديقتين.. أرشدونا
2017-11-26 01:55:41 | إسلام ويب
السؤال:
الدكتور الفاضل محمد عبد العليم
تحية طيبة خاصة لك، ولموقعكم المحترم خاصةً.
ابنة أختي عمرها 16 عاما، تعاني منذ فترة طويلة من انعزال وانطواء ملفت حتى مع أهلها مع خجل يفوق التصور، مع أقرب المقربين، ومع جميع الناس بلا استثناء...
وعموماً ليس لديها أي عناية بذاتها ونظافتها وترتيبها مقارنة مع من هم في مثل سنها في النطاق الطبيعي.
المسألة الثالثة: تعاني من خوف شديد لأتفه الأسباب ومن كل شيء تقريباً، ورغم تفوقها بالدراسة وذكاءها إلا أنها لا ترى مبررا لها؛ لأنها ممكن أن تموت بأي لحظة ويضيع تعبها، وكثير من هذه الأفكار الغير منطقية.
المسألة الرابعة والأهم: أن لديها صديقتان مقربتان متعلقة بهما إلى حدود ملفتة للنظر تصل إلى عدم تقبل مثل هذا النوع من العلاقة، ضمن إطار العلاقات بين الناس عموماً والمراهقين خصوصاً، وأذكر على سبيل المثال لا الحصر وجه من أوجه هذه العلاقة، أنها ترفض بشدة مثلاً القيام بأمر ما كالطعام والاستحمام حتى تتأكد أن صديقاتها قامت بنفس العمل، وقد صرحت لأمها (التي تجمعها بها علاقة سطحية جداً) أن صديقاتها أقرب إلى قلبها محبةً منها، وباعتبارها أنها سورية وتعيش في الأردن حالياً، فقد سمعت أكثر من مرة أن فكرة العودة إلى سورية قائمة في أي لحظة، عندها قالت سأنتحر وأموت ان ابتعدت عن صديقاتي وهي تعني ما تقول بكل جدية.
وهذه كلها أمور ملاحظة من قبل أختي وزوجها مع محاولات معها بالتغيير كلها باءت بالفشل.
بالأمس حدثت مشكلة مع أمها عندما منعتها من الذهاب إلى صديقاتها في عطلة نهاية الأسبوع، ثم اختفت لساعتين وبعد البحث عنها وجدوها جالسة في الحمام وشعرها منكوش، وكردة فعل من الأم قامت بنقاشها، فلم ترد فضربتها مع الأسف ضرباً شديداً لم تحرك ساكناً ولم تبكي، ولم تدافع عن نفسها حتى وتبين لاحقاً أنها غير واعية لكل ما حدث، ولا تتذكر منه شيئاً، عندما حدث ما حدث راجعت الأم كل ما سبق أعلاه، ووجدت أنها أمور غير طبيعية، ووقعت في كمد شديد، فنصحتها وأكدت عليها الذهاب لطبيب فوراً ودون تأخير.
العائلة مستقرة مادياً ونفسياً واجتماعياً، وعلى جميع المستويات، ولا تعاني من أي مشاكل من شأنها أن تكون سبباً لمثل هذه الاضطرابات، وغالباً الموضوع جيني بيولوجي بحت، ولكن أحببت الاسترشاد برأيكم السديد ونصيحتكم، وتشخيصكم المبدئي الذي أثق به جداً.
عذراً على الاطالة، ولكن لا بد من شرح جميع الجوانب بدقة لكم.
تحياتي لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك - أخي الكريم - على ثقتك في استشارات إسلام ويب، أسأل الله تعالى العافية لهذه البُنيَّة، ومنذ الوهلة الأولى وحين اطلعتُ على مقدمة رسالتك أتاني شعور أن هذه الابنة ربما تُعاني من محدودية في مقدراتها وفي ذكائها، لكن حين ذكرتَ أنها متفوقة بالدراسة وذكائها جيد، هذا جعلني حقيقة أعري اهتمامًا لموضوع أنها ربما من أصحاب الاحتياجات الخاصة ومحدودي الذكاء.
هذا السلوك الانعزالي الشديد مع عدم الاهتمام بالذات مع النمط الوسواسي في التعلق بالصديقتين ربما يكون مؤشِّرًا على إصابتها بوساوس شديدة جدًّا، بعض الأفكار الوسواسية شبه الفصامية قد تؤدي إلى هذا النوع من التصرف.
ولابد - أخي الكريم - أن أكون أيضًا واضحًا معك: لا يستبعد أنها تعاني من مرض ذهاني، أي فصامي أو شيء من هذا القبيل.
كلامي هذا أرجو أن تأخذه بكل أريحية وحذر في ذات الوقت؛ لأنني قطعًا لم أقم بفحص الفتاة، وإنما بناء على ما ذُكر في هذه الاستشارة، وهذا يُحتِّم حقيقة أن هذه الفتاة يجب ألَّا تُهمل، ويجب أن تُؤخذ إلى الطبيب النفسي مباشرة.
هذه الحالات - أخي الكريم - يمكن أن تُعالج بعد أن نتأكد من التشخيص، والشيء المهم جدًّا هو: أن التدخل النفسي المبكّر دائمًا يؤدي إلى نتائج علاجية ممتازة، أما تأخير العلاج فعواقبه وتوابعه حقيقة دائمًا تكونُ سلبية، فأنا أناشد وأقول لك أخي الكريم: ما دمت قد طرحتَ هذه الاستشارة واهتمامك بهذه الفتاة واضح؛ لابد أن تتواصل مع ذويها بأن يذهبوا بها إلى الطبيب، والحمدُ لله تعالى الأردن به الكثير من الأطباء النفسيين المتميزين.
وأيضًا إجراء فحوصات طبية عامَّة في حالتها سيكون أمرًا جيدًا.
أُكرِّر: التدخل العلاجي المبكر دائمًا يؤدي إلى استجابة جيدة.
الحمد لله تعالى العائلة مستقرة، ومتجانسة، أوضاعها طيبة. أنت ذكرت أن الموضوع غالبًا يكونُ جِيني أو بيولوجي بحت، إذا كان هنالك تاريخ قوي للأمراض العقلية والنفسية في الأسرة هنا لا نستبعد أبدًا التدخل الجيني في حالة هذ الفتاة، أما إن لم يكن هناك تاريخ أسري لأمراض نفسية أو ذهانية ففي هذه الحالة يُستبعد تمامًا الأثر الجيني.
عمومًا: أكرِّر للمرة الثالثة: يجب أن تُفحص، يجب أن يقوم المختص بمقابلتها والاعتناء بها، وبعد الفحص تُوضع لها الخطة العلاجية، هذا مهمٌّ جدًّا.
موضوع ضربها أعتقد أنه كان أمرًا انفعاليًا لا داعي له، وأرجو ألا يتكرر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.