أصبحت انعزاليا وأشعر بأني أقل من الناس
2017-08-13 01:55:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحب أن أشكر إدارة موقع إسلام ويب والقائمين عليه من خدمة للمجتمع وللإسلام كافة.
أنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما، تعرضت في طفولتي لمواقف كثيرة أثرت علي سلباً في حياتي، ولكن بدأت معي المعاناة الحقيقة في بداية سن المراهقة وحتى الآن مازلت أعاني منها.
صرت منعزلا عن المجتمع وعن الأهل، ودائما أحس أني شخص أقل من الناس ولا يوجد لي أهمية بينهم. تركت المدرسة، وأنا صف ثاني ثانوي، وبسبب ضغوط الأهل علي أكملت الثانوية بصعوبة ثم توقفت، والآن عاطل عن العمل، لا أعلم ما أصابني حسد أو هو مرض نفسي أو هذا طبع فيّ لا أستطيع تغييره!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ zizo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: مجرد كتابتك لرسالتك، يعني أنك غير راض عن نفسك، ولديك رغبة في التغيير، وهذه وحدها كافية لتعطيك حافزاً قوياً للانطلاق والتغيير.
ثانياً: ذكرت أن ما تعرضت له كان في زمن الطفولة، يعني أصبح ماضياً، ذهب ومضى ولن يعود، فلم تصر على أن تجعل نفسك تدور في محراب الماضي!
اعلم أن أول مهارة يجب أن نتعلمها إن أردنا أن نحيا حياة طيبة ناجحة سعيدة، هي مهارة قلب الصفحة والبدء من جديد، لذا أنصحك أن ترمي الماضي وراء ظهرك، وتسعى جاداً للبدء من جديد، وأقدم لك بعض النقاط، وأسأل الله أن تكون عوناً لك على الانطلاق بقوة وعزيمة:
1- نسيان الماضي تماماً وكل ما حدث فيه، فإن خطر لك ولو للحظة، انهض مسرعاً، ولا تسمح لخيالك أن يأخذك لتغوص في عمق ما حدث وما كان وتعيش جو الإحباط والحزن من جديد.
2- ضع لنفسك استراتيجية وخطة للبدء والانطلاق، من خلال تحديد هدف تسعى إلى تحقيقه في هذا الحياة، اجلس مع نفسك جلسة صفاء، وحدد الأشياء التي تميل إليها، وتحب ممارستها، وتجد نفسك فيها، إن كانت دراسة فذلك خير وأبقى، فالدراسة والشهادة مهمة جداً في هذه الأيام، ومن خلالها بإمكانك الانطلاق إلى المجال العملي، ولا يحبطنك فشلك السابق بها، فإن عدت إليها بهمة وعزيمة ومحبة فمن المؤكد أن نظرتك إليها ستتغير، وتستطيع أن تنجز وتحقق النجاح والتفوق فيها، أما إن لم تجد في نفسك الرغبة نهائياً في الدراسة، فانظر إلى مهنة تحب أن تمارسها، أو مهارات تحب أن تتعلمها، وحددها هدفاً لك، واجعل هدفك مكتوباً، وابدأ برسم الخطوات والسير عليها، حتى تبلغ ما تريد، واتبع سياسة مكافأة الذات، وهي: أن تكافئ نفسك إذا تعلمت مهارة جديدة أو أنجزت إنجازاً عملياً مهما كان صغيرا، فذلك سيعطيك الحافز والدافع.
3- ذكرت أنك أصبحت منعزلاً عن المجتمع وعن الأهل، والإنسان اجتماعي بطبعه، أما العزلة فهي حالة طارئة بإمكاننا معالجتها بسهولة متى أردنا ذلك. عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف) رواه الإمام أحمد.
قال وهب بن المنبه: "استكثر من الإخوان ما استطعت، فإن استغنيت عنهم لم يضروك، وإن احتجت إليهم نفعوك".
قال سعيد بن المسيب: "عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء". قال علي رضي الله عنه-: (عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة ألا تسمع إلى قول أهل النار " فما لنا من شافعين ولا صديق حميم).
كان الحسن يقول: "إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة".
فعوّد نفسك على الخروج من عزلتك، من خلال الاحتكاك بالناس، والتعامل معهم، وابدأ بأقرب الناس إليك، من إخوانك أو والديك، واقضي معهم وقتاً طويلاً متجنباً الجلوس لوحدك، واطلب منهم النصح والإرشاد، وراقب تصرفات الناس من حولك، وكيف يتحدثون ويتعاملون مع بعضهم البعض، وكيف يقودون الحوار، وكيف يجذبون الناس إليهم، ثم حاكي تصرفاتهم، وتمثل تصرفاتهم -بإذن الله- ستجني النتائج المرجوة.
4- تقرّب ممن حولك شاركهم أحزانهم وأفراحهم، وهمومهم وأحزانهم، قدم لهم العون، وكن لهم عوناً وسنداً دون أن يطلبوا منك ذلك، أسمعهم العبارات الإيجابية، واثني على تصرفاتهم، وتبسم في وجههم، كل ذلك يزيدك منهم قرباً، ويعزز أواصر المودة بينكم.
5- من المفيد أن تطور مهارات التواصل لديك من خلال الاطلاع والقراءة، أو حضور دورات ومحاضرة، أو البحث عن شخصية اجتماعية ناجحة والبدء بمحاكاتها والتعلم منها، واكتساب أسرار كسب محبة الآخرين.
6- أبعد عن ذهنك تماماً أن ما أنت فيه إنما هو عين أو حسد حسب تعبيرك، بل قرر التغيير، وانطلق بعزم، ولا تعلق فشلك الاجتماعي على أوهام الحسد وما إلى ذلك.
7- التزم بالصلوات الخمس، وحبذا أن تكون في جماعة، فهذا أيضاً يقوي علاقتك مع الآخرين، إضافة إلى الارتقاء بالجانب الروحي لديك، حافظ على الصلوات النافلة، اجعل لنفسك ورداً من القرآن الكريم، وحافظ على أذكار الصباح والمساء، كل ذلك سيملأ قلبك رضا وسكينة، وسيلقي في قلوب الآخرين القبول.
أسأل الله أن يرزقك إخوة صالحين يكونون لك عوناً وسنداً، ويجعلك من سعداء الدارين اللهم آمين.