أريد الإنجاب وأفكر في الانفصال بسبب خيانات زوجي!
2017-07-30 03:13:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لكم جهودكم، وجزاكم الله خير الجزاء، وأرجو أن تتسع صدوركم لرسالتي.
متزوجة منذ ثمان سنوات، ولدي ولدان, وكنت أتناول حبوب ياسمين كمانع للحمل، وتوقفت عنها منذ سنة لأنني أرغب بالحمل والإنجاب بالاتفاق مع زوجي, في هذه السنة سافر زوجي إلى دولة أخرى للعمل، وعاد من جديد. زوجي رجل يهتم ببيته وحسن التعامل معي ومع أهلي, لا يرفض لي طلبا, ولا يمنعني من القيام بأي شيء أريده, هو رجل جيد برغم العديد من الأمور، وأنا أؤمن بأن الاختلاف لا بد منه، ولا بد وأنه يرى بي عيوبا ويصبر عليها, وأكبر مشكلة تواجهنا هي أنني لا أريد الإنجاب, فأنا أرى أن الانفصال عن زوجي هو المصير, لأنه لا ينفك عن الحديث مع الفتيات، وفي نظري هذا أمر كبير يستدعي الانفصال.
أنا على هذا الحال معه منذ أن تزوجنا، اختلفنا كثيرا على هذا الموضوع، فهو يرى بأنه أمر عادي، وهو من باب الحريات الشخصية، ويرى بأنه لا يمسني بأي أذى طالما أنه يعود بالنهاية لبيته وأولاده، وأنا أرى بأن هذا الفعل حرام وخيانة وإساءة وإهانة لي، والكلام أحيانا يتجاوز حدود الأدب، ويصل إلى الأحاديث الجنسية، فأنا سيدة على خلق ودين، جميلة ومتعلمة، ولدي عمل، وأساعده في الإنفاق، بل بالواقع أنا من ينفق، وأسدد له ديونه، فهو في كل سنة يتوقف عن العمل لعدة أشهر وقد تصل لسنة، ولم أهتم يوما لهذا الأمر، وكنت أقول دائما بأننا في مركب واحد، وقفت معه في الشدائد والمواقف الصعبة، مهتمة بمظهري وبمنزلي، أبعث له الهدايا والورود، أقرأ الاستشارات والنصائح حتى أجد الحل لمشكلتنا، وكي لا أعطيه أي عذر لما يقوم به، أدعو له كثيرا حتى مللت الدعاء، وأيقنت بأنه كيف لدعائي أن يغيره وهو لا يريد تغيير نفسه!
وقع بيننا الطلاق لمرة واحدة، وفي كل خلاف في هذا الموضوع يضع اللوم علي بأنني أراقبه، وأنه لا يحق لي التدخل في شؤونه، وينتهي خلافنا ويعاهدني ويعدني بأن لا يعود، ويؤكد بأنه يحبني ويحب أولاده وبيته، كنت أفتح الرسائل بهاتفه وأراقب حساباته على مواقع التواصل، وذلك فقط عندما يثير شكوكي، وفي كل مرة تكون الشكوك في محلها. أعلم أن هذا التصرف خاطئ، وأنا منذ سنة لم أفتح هاتفه، ولم أعد أراقبه، كنت أشعر بارتياح في السنة التي غابها عنا، رغم أنني متأكدة بأنه على اتصال مع الأخريات، ولما عاد تأكدت بأنه ما زال يحادث الأخريات بسبب تصرفاته، فما عدت أفتح الهاتف أو أراقبه كما كنت بالماضي، وهذه هي المرة الأولى التي أشعر بها بالبرود والفتور نحوه، فما عاد يهمني ولم أعد مهتمة إن عاد أو اتصل أو تكلم معي أو مع غيري، أعيش معه مجاملة فقط، وأقوم بواجباتي دون أي مشاعر، فقد فعلت كل ما بوسعي وهو لم يتغير، وكل ما يقلقني الآن هو رغبتي في إنجاب طفل جديد، ولكن لست أرى أمامي سوى الانفصال.
هل أطلب الطلاق؟ هل أخبره بأنني لم أعد أريد الإنجاب منه؟ هل علي أن أعيش مع رجل بمسمى زوج فقط لتحقيق الواجبات بيننا دون ثقة أو مودة أو مشاعر، فقط حفاظا على أولادنا من الشتات؟ هل من الممكن لشخص أن يحب شخصا آخر ويخونه في نفس الوقت؟
أطلت عليكم، ولكنني لا أجد أحدا جديرا بالثقة كي أتكلم وأتحدث معه.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دعاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:
إن زوجك يعاني في نظري من أمرين كانا سببا في وقوعه فيما تعاني:
الأول: ضعف في إيمانه ومراقبته لله تعالى، فاتجهي في علاجه من خلال الاجتهاد في توثيق صلته بالله تعالى، وتقوية إيمانه بالأعمال الصالحة، ابتداء بالفرائض مرورا بنوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم، فإن تقوى إيمانه فسيورثه ذلك مراقبة لله تعالى، والخشية منه، وسيتولد في نفسه حاجزا ومانعا يمنعه من كل ما يسخط الله تعالى.
مما يعين على تحقيق الإيمان، خاصة وأنكما مثقفان: أن تفتحا دروسا علمية في البيت، الأول في تفسير القرآن الكريم، وأقترح عليكما "تفسير العلامة السعدي"، والثاني في أحاديث رسولنا الكريم، وأقترح لكما "كتاب رياض الصالحين"، مع شرحه للعلامة ابن عثيمين، والثالث في إصلاح القلوب وأقترح كتاب "الجواب الكافي"، للعلامة ابن القيم -رحمة الله على الجميع-.
المرض الثاني الذي يعاني منه زوجك: حبه للكلام الغزلي، وكلام العشق، والكلام في أمور الجنس، ولو أنك عرفت السبب الذي جعله يتجه لمحادثة النساء وعالجته مبكرا لما وقع فيما وقع فيه، وأنا هنا لا أريد أن أتهمك بالتقصير، لكن لعل ثمة تقصيرا منك بسبب كثرة انشغالك تارة في العمل، وأخرى في تدبير شؤون البيت، والاهتمام بالأولاد، وربما كل ذلك وغيره شغلك قليلا عن زوجك، وأنا أقدر ما تبذلينه من جهد.
لا تستسلمي للأمر الواقع، ولا ترسلي لنفسك رسائل سلبية أن قدرك المحتوم هو الانفصال عن زوجك، بل اتجهي بكل عزيمة وجد ونشاط نحو إصلاح زوجك، واحتسبي الأجر عند الله في انتشاله من هذا الوحل المنتن.
كوني دائما متفائلة؛ لأن التفاؤل يفتح لك آفاقا واسعة، بخلاف التشاؤم؛ فإنه يضيق الصدر، ويظلم القلب، ويضيق الواسع، ويجلب الهم والحزن، واعلمي أن البلاء موكل بالمنطق.
مما يعينك على تحقيق ما تريدين في هذا الاتجاه: التأسيس للحوار الهادئ والبناء، مع تحين الوقت والمكان المناسبين لذلك، فبالحوار وتنويع الأساليب تستطيعين إقناع زوجك بأن ما يفعله ليس من قبيل الحرية الشخصية، وإنما هو أمر غير سديد يدل على ذلك الشرع والعقل السليم، ولو أنك بأسلوب حكيم تقولين له هل هذه الحرية لك فقط أم هي كذلك حرية شخصية لتلك الفتيات، فإن قال بل هي حرية لهن أيضا، فقولي له: فهل تجيز لي أن أحادث رجالا غيرك بنفس الأسلوب وبنفس الكلمات؟ فإن قال نعم، ولا أظنه، فذلك يدل على انحراف في الفهم والسلوك وضعف في الإيمان، وإن قال لا، فيكون جوابك فكيف يكون حرية لك ولهن، أو لك ولا يكون حرية لي كذلك؟ وهذا إلزام وإفحام له.
ليكن حوارك معه في غاية من الهدوء، وفي أجواء تسودها المحبة وكلمات الغزل والحب والاشتياق.
أحسني الظن بالله وكوني على يقين أنه سبحانه قادر على أن يهدي قلبه ما بين غمضة عين وانتباهتها، وعليك أن تكثري من الدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة، كالثلث الأخير من الليل، وفي حال الانتباه من النوم ليلا، وأكثري من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
اقتربي من زوجك أكثر، ولا تسلميه لتلك النساء، وتفنني في طهي طعامه، وتنظيف بيته وأولاده، والاهتمام بأناقته، وأحسني من استقباله وتوديعه، وأحسني ترتيب بيته وغرفة نومه، واعملي له المفاجآت، ونوعي من علاقتك الحميمية معه ووضعياتها.
ذكريه بأن هذه الأفعال تؤدي إلى مشاكل كثيرة وكبيرة بين الأزواج، وهي سبب رئيس لهدم البيوت، وغالبا ما يكون الأبناء هم الضحية الكبرى.
أوصلي إليه أن اهتزاز الثقة بين الزوجين من مفسدات البيوت، وسببها تلك الممارسات الخاطئة التي يقع فيها أحد الأطراف.
كونك لا ترغبين في الحمل في هذه المرحلة لا يعني أنك تبقين مكشرة في وجه زوجك، وتعيشين معه من دون بث مشاعرك تجاهه، ولا يعني أنك تسعين للانفصال، ولكن اتخذي ذلك قاعدة للانطلاق نحو إصلاح زوجك، فإن شعرت أنه بدأ يتغير وقرب من الاستقامة فلا مانع أن تحملي حينئذ، واعتني بتربية من معك من الأبناء، فإن الاهتمام بالكيف أولى من الاهتمام بالكم من الأولاد، والمقصود أن ولدين فعالين في المجتمع أولى من عشرة من الغثاء، فالمكاثرة الواردة في الحديث ليس في العدد وإنما في النوع والكيف، وانظري إلى أولئك الذين غيروا مجريات الحياة، هل هم العدد الكثير من الناس أم القلة النادرة و-الله أعلم-.
إن شعرت بشيء من التحسن فامدحيه واشكريه وادعي له، وعززي من ثقته بنفسه؛ فذلك أدعى في التقدم وإصلاح النفس.
تفتيش الهاتف ومتابعة حسابات التواصل الاجتماعي من أكبر أبواب الشيطان الذي يريد إفساد العلاقات الزوجية، فاتركي ذلك، وكلي أمره إلى الله، ولا تهتمي بالمرض، وإنما اهتمي بالعلاجات الناجعة التي تكون سببا -بإذن الله- في الشفاء، فالاهتمام بالمرض لا يفيد شيئا، بل كل يوم يستفحل ويزداد انتشاره وفتكه بسلوكه وأخلاقه، وقد يجره ذلك إلى مالا تحمد عقباه.
لقد ذكرت في زوجك صفات جيدة، فاجعليها قاعدة للانطلاق من خلالها، ولا يصح أن تعيشي كما قلت بدون مشاعر، ولا أظن أنه يعيش معك كذلك، بل هو من جهتك أنت، وهذا السلوك يجعله يفتقد لما يروي عاطفته ومشاعره، فيعيش معك محروما، ومن فقد شيئا في الحلال ولم يكن صاحب إيمان ذهب يتسول ذلك بالحرام، فلا تكوني سببا في المزيد من انحرافه.
إجابة على تساؤلك (هل يمكن أن يحب الإنسان زوجته ويخون في نفس الوقت؟)، أقول نعم، قد يجتمع في الشخص ذلك، وأذكرك بذلك الصحابي الذي كان يشرب الخمر كثيرا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان يؤتى به إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فيقيم عليه الحد، فقال رجل لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تعينوا الشيطان على أخيكم إنه يحب الله ورسوله)، الشاهد هنا اجتمع فيه حب الله ورسوله، والوقوع في المعصية، فكون الرجل يحب زوجته لدرجة العشق ثم يقع في الخيانة ممكن وقوعه.
أنا على يقين أن زوجك يحبك حبا جما، وهو غير راض عن نفسه، لكن نفسه الأمارة بالسوء أوقعته في ذلك، وزين له الشيطان ما يقوم به، وهو كذلك يحتقر تلك النسوة أشد الاحتقار ولا يحادثهن عن حب أبدا.
أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).
حافظي على وردك من تلاوة القرآن الكريم، والتزمي بأذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، وأن يؤلف بين قلبيكما، ويسعدك، إنه سميع مجيب.