كلما أترك الذنب أعود، ولا أستيقظ لصلاة الفجر!
2017-03-19 05:13:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب بلغت من العمر 14 سنة، وابتلاني الله بمشاهدة الأفلام الإباحية، وكلما أصر على عدم العودة إليها أبقى فترة من الزمن ثم أرجع إلى الذنب ثم أتوب، فماذا أفعل؟
وأنا أحاول على الصلاة في جماعة، لكني في صلاة الفجر لا أستيقظ إلا نادراً، وكلما استفتيت أحدا قال لي إن الله يوقظه، فهل غضب علي الله أم ماذا؟!
أسألكم الدعاء لي بالهداية والفردوس.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على تواصلكم معنا؛ ونسأل الله لك الهداية والصلاح؛ والجواب على ما ذكرت ينبغي أن تعلم أن الإدمان إلى النظر إلى الأفلام الإباحية لا يمكن الخلاص منه إلا بالاستعانة بالله تعالى والمعالجة الجذرية الشاملة، ويحتاج إلى القرار الشجاع ومن الان؛ ومما يمكن أن ننصحك به للخلاص من النظر الحرام:
- بداية لا بد من التأكيد على معرفة الحكم الشرعي لهذا النظر، وأنه من المحرمات التي جاء النص بتحريمها في القرآن الكريم والسنة الصحيحة؛ قال تعالى (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [ سورة النور اية ٣٠ ]. وقال تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} [الإسراء: 36].
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه)). متفق عليه. قال ابن بطال: أطلق على كل مما ذكر (زنى) لكونه من دواعيه".
- وهناك أضرار لا بد من معرفتها لمن ينظر إلى الأفلام الإباحية.
فمن تلك الأضرار؛ ضعف الإيمان والتكاسل عن الطاعات؛ بل وكره الطاعة.
ومنها الوقوع في عشق الصور؛ وتخيلها دائما أمامه؛ مما يعطل الفكر والعقل فيصبح المدمن عضوا فاسدا في المجتمع لا همّ له سوى النظر والشهوة، فيصبح كالبهيمة التي لا تعقل،
ومنها أنها طريق للوقوع في الزنا؛ لأن هذا النظر يهيج على الزنا وهو من أكبر دواعيه.
ومنها أن الإكثار من المشاهدة دون توقف لا يحصل منها إشباع الرغبة؛ بل يستمر الإنسان في التمادي في ذلك والاستمرار على ذلك خطره عظيم.
ومن الأضرار الخوف من سوء الخاتمة، فنخشى أن يموت من فعل ذلك، وهو مواقع لهذا الأمر.
ومنها الزهد والبعد عن الزواج؛ لأن من أدمن على ذلك زهد عن الزواج؛ ولا يرغب فيه، بل إذا تزوج لا يحب المعاشرة للطرف الآخر، ويظل باحثا عن النظر الحرام.
ومنها أن من فعل ذلك حُرِمَ الغيرة على المحارم، فيصبح لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر.
ومنها أنه يحصل لمن وقع في هذا الإدمان الاضطراب النفسي بسبب هذه المعصية، وقد يتطور الأمر إلى أن ينتحر ويقتل نفسه.
ومنها أنه يخشى أن من أدمن على ذلك أن يصبح مجاهرا بمعصيته داعيا إليها، ومن ثم يكون عليه وزره ووزر من تبعه وسار على طريقته.
- أما أسباب النظر إلى الحرام؛ فهي كثيرة وأذكر منها الرفقة السيئة؛ ومنها عدم مراقبة الله تعالى؛ ومنها توفر الأجهزة الإلكترونية التي تسهل ذلك؛ ومنها الفراغ؛ ومنها التكاسل عن الطاعات؛ ومنها الوقوع في حبائل الشيطان؛ ومنها الجهل في البحث عن السعادة عن طريق النظر الحرام وهو في الحقيقة تجلب التعاسة والحرام.
- وأما طرق الخلاص من النظر إلى الأفلام الإباحية فيكمن في الآتي:
1) الإقرار بالإثم والخطأ وتصور حقيقة هذا المنكر، وأنك تريد الخلاص وضرورة مواجهة النفس الأمارة بالسوء، فهذا جزء من المعالجة.
2) ومن العلاج التخطيط السليم للخلاص من الإدمان، وذلك بمعرفة أسباب الإدمان؛ والعمل على تجاوزها والالتزام الأكيد بطرق الخلاص.
- عليك بسرعة التوبة إلى الله تعالى بإخلاص وصدق، والعزم المؤكد من القلب على ترك هذا الأمر.
- ثم عليك الإكثار من الاستغفار والذكر وقراءة القرآن والمحافظة على الصلاة؛ والإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
- وعليك كذلك الدعاء والتضرع إلى الله بطلب العفة والبعد عن النظر الحرام في كل وقت وخاصة في ساعات الاستجابة.
- السعي الجاد إلى التغيير بقرار شجاع، مع الاستعانة بالله تعالى.
وذلك بتغيير العادات التي تدفع إلى مشاهدة الحرام، فلا تقفل الغرفة على نفسك؛ ولا تكثر السهر؛ ولا تكثر الخلوة، ابتعد عن كل ذلك، واترك الرفقة السيئة؛ واهجرها تقربا إلى الله؛ واشغل النفس بكل نافع ومفيد؛ ويجب عليك إبعاد الأجهزة الالكترونية المهيجة للحرام وحذف جميع المقاطع الخليعة التي بحوزتك.
-وما ذكرت من العودة مرة أخرى؛ بعد التوقف لفترة من الزمن؛ فأرجو أن لا تشعر باليأس، بل ينبغي حمل النفس على الاستمرار على نفس الوسائل السابقة الذكر المعينة على الترك؛ والسعي إلى طلب الزواج لما فيه من تكوين الاستقرار النفسي، وتفريغ الشهوة بطريقٍ مباح.
إذا لم يتيسر الزواج فينبغي الإكثار من الصيام، وترك تناول الأطعمة المهيجة للشهوة.
من أقوى العلاج لترك النظر إلى الحرام استشعار عظمة الله ومراقبته في كل حال؛ وأنه مطلع عليك وسيحاسبك على نظرة الحرام.
كما أوصى لقمان الحكيم ابنه كما حكى الله عنه قال تعالى: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [ سورة لقمان اية ١٦.
وفي الأخير: ترك الإدمان للنظر الحرام قرار بيدك، وأنت قادر الآن على البدء في الخلاص من ذلك؛ فكن صاحب إرادة قوية؛ وحدد الهدف بدقة، وهو ترك الإدمان بالكلية، وكن شجاعا وصبورا، وأبشر بخير بإذن الله تعالى.
أما سؤالك الذي جاء فيه: أحاول على الصلاة في جماعة، لكني في صلاة الفجر لا أستيقظ إلا نادراً، وكلما استفتيت أحدا قال لي إن الله يوقظه، فهل غضب عليّ الله أم ماذا؟
والجواب عن هذا بداية نحيي فيك حرصك على المحافظة على الصلاة؛ وللمحافظة على صلاة الفجر في جماعة تحتاج إلى أمور:
- عليك أن تنام مبكرا ولا تكثر السهر؛ فإنه يضيع عليك صلاة الفجر.
- يستحب أن تنام على طهارة وتقرأ أذكار النوم؛ وإذا لم يأتك النوم تكثر من الاستغفار حتى تنام.
- عليك أن تتخذ منبها من ساعةٍ أو جوال، وتطلب من أهلك في البيت أن يوقظوك للصلاة.
- أكثر من الدعاء بأن يجعل الله قرة عينك في الصلاة.
- اجتهد في ترك الذنوب والخطايا؛ فهي من أسباب التقصير في المحافظة على الصلاة.
- إذا استيقظت وقد صليت صلاة الجماعة، فحاول أن تذهب إلى المسجد وتصلي ولو في الجماعة الثانية أو منفردا حتى تتعود الصلاة في الجماعة.
وفقك الله لمرضاته.