تأثرت وتراجع مستواي الدراسي بسبب مشاكلي العائلية!
2017-02-15 03:40:14 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة في 14 من عمري، بدأت أفقد الإحساس بالحياة وكأنها بدون معنى، أرجو أن تتفهم مشاكلي فهي كبيرة بالنسبة لي.
لقد تراجعت نتائجي الدراسية كثيراً، وتراجعت قدرتي على الفهم والحفظ، وخاصة بعد أن كنت الأولى على مدرستي الإعدادية! لا أنسى مشاكلي العائلية التي لا تنتهي، والتي كانت السبب الرئيس في إعاقتي عن دراستي، وقد توفي قطي الذي ربيته منذ خمس سنوات، وقد توفي بين يدي على أثر حادثة، وهذا ما شكل تعبا في نفسيتي بعد أن صعب علي إخراج صورته من مخيلتي، ولتفادي كل هذا كنت ألجأ لتناول الوجبات الدهنية التي زادت من وزني بشكل كارثي، خاصة أنني من النوع الذي يزداد وزنه بسرعة، ولقد صدمت في الآونة الأخيرة بأن كل من حولي كانوا يخدعونني بعد أن ابتعدت صديقتي المقربة عني وهذا ما شكل لي صدمة كبيرة.
الأكثر من هذا والذي أخجل من قوله هو أني بدأت أخجل من صلاتي أمام الناس وشيئا فشئيا انقطعت عن الصلاة، وأصبحت مكتئبة دائمة الجلوس وحيدة، وأصبحت أرى أشياء لا وجود لها، ولقد أصبحت المسافة بيني وبين ربي كبيرة، حتى أني أصبحت أخجل أن أدعوه، لقد تعبت وتأثرت نفسيتي!
أحتاج لمن يعيد لي أمل الحياة، أريد من يدفعني للحياة مجددا، لأن لدي أحلاما تنتظرني في المستقبل، وأريد إكمالها ولم أجد من يساعدني.
رجاء، أريد حلاً، ساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ eya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت فتاة عاطفية بدرجة كبيرة ولذلك تتأثرين مما يدور حولك، فإذا كانت وفاة قطك قد أثرت عليك هذا التأثير فكيف بما هو أعظم من ذلك؟
لا بد أن تعودي نفسك على التحكم بعواطفك وإلا تعبت في المستقبل وأتعبت غيرك، وهذا يتأتى من خلال الممارسة في التحكم بتلك العواطف.
المشاكل العائلية موجودة في كل بيت ولا يخلو بيت منها، ويمكن معالجتها إن عرفت الأسباب، فلو أنك شخصت الخلافات ومنشأها وجلست مع والديك كل على انفراد وناقشته في أسباب الخلاف وأرسلت إلى موقعنا استشارة؛ لأمكن أن يعينك بعد الله أحد المستشارين ببعض الموجهات.
أنت فتاة عاقلة وذكية وعندك القدرة -إن شاء الله- على احتواء خلافات والديك وتقريب وجهات النظر بينهما، وكذلك بقية أفراد أسرتك، لكن الذي يظهر أن كل فرد منكم نأى بنفسه وانزوى في مكان من البيت، وأرجو أن يكون لك دور في لملمة شمل العائلة.
لا بد أن تكون شخصيتك قوية لا تتأثر بالأحداث، واجعلي نفسك كمن يحتمي من الرياح العاصفة بالالتجاء إلى ركن شديد، وركنك الشديد هو الله أو افعلي نفسك كمن يحتمي من صدمة الأمواج بالانحناء تحتها حتى تمر، ولا ترهني استقامتك على دينك بهدوء واستقرار البيت، بل كلما اشتدت المشاكل التجئي إلى الله تعالى وتضرعي بين يديه أن يطفئها، فقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- إذا حز به أمر قال لبلال أرحنا بها يا بلال أي بالصلاة.
بعدك عن الله وتركك للصلاة ليس حلا بل ستزداد حالتك سوءا وستكون حياتك أشد ضنكا من ذي قبل، كما قال ربنا -جل في علاه- : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ).
إن أردت طمأنينة لقلبك فعليك بعد إقامة الصلاة بتلاوة القرآن الكريم والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
إن أردت الحياة الهادئة والمستقرة والطيبة المطمئنة فوثقي صلتك بالله واجتهدي في تقوية إيمانك، فقد وعد الله بذلك من تحقق فيه الإيمان والعمل الصالح فقال: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
من الخطأ جداً -يا ابنتي الفاضلة- أن تعلقي نفسك بحيوان يمكنك أن تستعيضي عنه بآخر، وتعلقك هذا نتج عن التأثر بنمط عيش الغربيين الذين قد يعظمون الحيوان أكثر من تعظيمهم للإنسان، فتجدين الرجل أو المرأة يعتني بقطه أو كلبه وينفق عليه وينظفه ويصرف عليه ويسكنه معه، بينما والداه أو أحدهما مرمي في دار العجزة، ويموت كلبه فيتأثر لذلك تأثرا كبير، بينما تموت أمه فقد لا يشهد جنازتها فضلا عن أن تسقط من عينيه قطرة دمع، أليس هذا يا ابنتي انتكاسا للفطرة وابتعادا عن السلوك القويم؟!
لعلك تدركين الآثار السيئة لعيش القطط قريبا من الفتيات خاصة، فالأبحاث تؤكد أن جرثومة إسقاط الحمل لدى الإناث سببه القطط.
يمكن للإنسان أن يرفق بالحيوان ويطعمه فديننا قد حثنا على ذلك، لكن ليس من نمط عيش المسلمين شدة الالتصاق بها والقيام بخدمتها وتدليلها وإنفاق المال من أجلها، فبيئة عيش الحيوان غير بيئة عيش الإنسان خاصة الحيوانات التي ليس فيها منفعة تذكر له.
أرجو أن تجيبي عن تساؤلي هذا وهو أنك تأثرت هذا التأثر البالغ لموت قطك فما شعورك لموت العشرات من إخوانك المسلمين في كثير من البلاد الإسلامية التي نشبت فيها الحروب، وخاصة الطائفية منها، إذ يموت بعضهم حرقا، وبعضهم تقطيعا بالسكاكين، وبعضهم تحت وطأة التعذيب، وبعضهم تهدم بيوتهم على رؤوسهم؟! ألم يقل نبينا -عليه الصلاة والسلام- : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، أليس هذا من المفارقات العجيبة؟
إنني أحس بما تعانينه من ضغوطات نفسية جراء مشاكل أسرتك، فهي بلا شك تربك الحياة وتضيق العيش وتكدر صفو الحياة، لكن لا تجعلي مستقبلك يضيع من أجلها أو من أجل موت قطك واجعلي نظرتك بعيدة.
كثير من الحيوانات قد تسكنها الأرواح الشريرة، وأخشى أن قطك كان كذلك وفي حال موته وهلعك عليه سكنت فيك تلك الروح، وما يجعلني أغلب ظني في ذلك أنك تركت صلاتك وأصبحت كئيبة منعزلة عن أهلك وترين أشياء لا وجود لها، وربما تأرق نومك وصرت ترين أحلاما مزعجة، وهذا يتطلب منك بعد المحافظة على أداء الصلاة أن ترقي نفسك أو تبحثون عن راق أمين وثقة ليرقيك مع وجود محرمك.
اختلطي بأفراد عائلتك واخرجي من الأجواء التي تعيشينها، واطلبي من زميلاتك أن يزرنك في بيتك وتبادلي معهن الزيارات، ومارسي الرياضة المتاحة بشكل يومي، ورتبي جدولك اليومي، وساعدي والدتك في أعمالها المنزلية، واخدمي والديك واطلبي رضاهما ودعاءهما.
سيكون لك مستقبل مشرق -بإذن الله- فغالبا ما يولد الإبداع من رحم المعاناة وكما قيل: (من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، إنه سميع مجيب.