القلق الاستباقي والخوف من المناسبات وطرق التخلص منه!
2015-11-29 23:17:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة ترددت كثيرا في طرح مشكلتي خوفا من إجابتكم أن تكون سلبية، لكن توكلت على الله وأرسلت.
سأدخل سن الـ 23 عاما، ولا زالت المشكلة تؤرقني، بداية أنا إنسان قضيت طفولتي غالبا عن أهل والدتي، أعمامي وأبناء أعمامي علاقتي معهم جدا سطحية، عندما أصبح عمري 15 عاما، والدي كان يوبخني لماذا لا أضيِّف أعمامي إذا أتوا إلى منزلنا، فقد كنت صغيرا، ودائما أتهرب.
عندما أصبح عمري 17 سنة والدي أجبرني على الذهاب إلى المناسبات، فكان يحصل لي ربكة وقلق، وخوف من مواجهة الناس في المناسبات.
الآن عمري 23 عاما، ولا زالت المشكلة موجودة فيَّ، بل زادت سوءا، فعندما يخبرني أهلي أن هناك زواجا أو مناسبة خلال الأسبوع القادم؛ أبدأ أفكر في كل لحظة، وأحاول أن أتجنب الذهاب، وأفكر كيف سأدخل، وإن دخلت أسلم على من وأترك من، كيف أسلم على أعمامي، كيف أسلم على أبناء العمومة، وأنا لا أعرف حتى أسماءهم، فهل أجلس هنا أو هناك، أم أقف!!
غالبا في المناسبات أقف عند باب القاعة بحجة الترحيب بهم، وأسلم على كل من يدخل، وإذا جاء وقت العشاء لا أدخل؛ لأني لا أعلم أين أجلس، وعند أي مناسبة لأي قريب لي تأتيني ضيقة في صدري، وأحمل هم الذهاب.
خالاتي وأخوالي إذا والدتي طلبت مني أن آتي لأسلم عليهم أسأل أولا كم عدد الموجودين، إذا كانوا 2 أو 3 أذهب مع خوف بسيط، لكن بمجرد الجلوس معهم الأمور تكون طيبة؛ لأني أعرفهم منذ الصغر، فأهلي أصبحوا يقربون فكرة الزواج في رأسي، ومن يومها -والله- وأنا بشكل مستمر أفكر في الزواج ماذا أفعل في ليلة الزواج، وأين سأجلس، وكيف سأسلم على الضيوف، وأنا عريس هل أعمل عرسا عائليا، فإذا عملته عائلي ظهرت لي 1000 مشكلة، وإذا عملته في قاعة ظهرت لي 2000 مشكلة.
علاقاتي مع الناس والزملاء أعتبرها جيدة جدا، وأعرف كيف أتصرف إذا ذهبت إلى شركات أو دوائر حكومية، وأصدقائي علاقتي بهم ممتازة، وقد حصلت لي حادثة مع صديق طلب مني الحضور لزواج أحد أقاربه فلم أتردد أبدا، ولم يكن هناك خوف أو تفكير؛ لأني كنت سأذهب مع صديق للمناسبة، تفاجأت باعتذاره عن الحضور، فقلت في نفسي لا يوجد مشكلة سأذهب.
عندما وصلت للقاعة ووقفت عند الباب كنت متأخرا، والقاعة أصبحت ممتلئة عن بكرة أبيها؛ فأصبحت الأفكار تراودني ماذا أفعل، هل أسلم على الجالسين أم أذهب إلى العريس مباشرة، ترددت وجاءتني ضيقة؛ فرجعت وركبت سيارتي، وأول ما ركبت انزاح هم مثل الجبل عن ظهري، وكنت أظن المشكلة فقط مع الأقارب، لكن بعد هذه الحادثة حزنت على نفسي كثيرا.
أسأل الله سبحانه أن يريح بالي وبال كل من يعاني من هذه المشاكل.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وليس هنالك ما يدعوك أبدًا للتردد حول طرح ما تشعر به، وطرحك أعجبني كثيرًا، فأفكارك واضحة، وسَلِسَة، ومرتّبة، وإن شاء الله تعالى الأمر في غاية البساطة.
أنت لديك قلق استباقي، قلق افتراضي، أدَّى إلى شيء من الوسوسة والمخاوف، إذًا التشخيص واضح وبسيط جدًّا، وهذا لا نعتبره مرضًا نفسيًا، إنما هي أحد الظواهر النفسية، وغالبًا تكون متعلقة بشخصيتك.
الذي أريده منك هو أن تُحقِّر كل الفكر السلبي، وأن تتوكل على الله، فالمستقبل بيد الله، اعْزِم، واقْصِد، ورتِّب نفسك، وضع الآليات التي تُوصلك إلى مبتغاكَ.
العلاقة مع الناس -خاصة الأرحام- يجب أن تكون وثيقة، وهنالك تمارين سلوكية بسيطة جدًّا:
• وجدنا أن الحرص على صلاة الجماعة يؤدِّي إلى التمازج الجماعي على جميع القطاعات.
• وجدنا ممارسة الرياضة الجماعية أيضًا تُفيد.
• تجارب كثيرة أثبتت أن الانخراط في الأعمال التطوعية والاجتماعية والثقافية، هذا أيضًا يعود على الإنسان بتطويرٍ كبيرٍ جدًّا في مهاراته الاجتماعية.
• أن تكون لك خارطة فكرية واضحة جدًّا تُدير من خلالها مستقبلك: ماذا تُريد أن تعمل؟ ما هي أمنياتك؟ ما هي أهدافك؟ ما هي الآليات التي سوف تُوصلك إلى هذه الأهداف... هذا كله يعزز من مشاعرك الإيجابية حول ذاتك، ويجعلك بالفعل تحسّ أن نفسك بدأت في النمو وفي الارتقاء.
• بر الوالدين يجب أن يأخذ أسبقية كبيرة جدًّا في برامجك اليومية للتعامل.
إذًا الصورة واضحة، والرؤية واضحة، والفكر الاستباقي يُحقَّر، ولا خوف من المستقبل -إن شاء الله تعالى- أبدًا، المستقبل طيبٌ، والحاضر طيبٌ، والأمل والرجاء يجب أن يكون ديدنك أخِي الكريم.
عبِّر عن ذاتك، هذا نسميه بالتفريغ النفسي، ومن المهم جدًّا لو تمكَّنت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تتمكن فيمكنك تناول دواء بسيط جدًّا يعرف تجاريًا باسم (فافرين Faverin) ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) هذا دواء بسيط يُستعمل في القلق والمخاوف والوساوس من الدرجة البسيطة، وأنت محتاج له بجرعة بسيطة جدًّا، وهي خمسون مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، جَرِّبه، وإن شاء الله تعالى سوف تجد فيه خيرًا كثيرًا، وهو غير إدماني وغير مؤثِّر سلبيًا على أعضاء الجسم.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.