بعد وفاة أختي صرت غير قادر على الدارسة، فماذا أفعل؟
2024-02-19 01:48:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
إخوتي في الله: أواجه عدداً من المشاكل التي طالما وددت الإجابة عنها، واليوم قمت بالتسجيل في موقعكم، وبعد مئات المحاولات استطعت أن أكتب لكم.
المشكلة الأولى: في السنة الماضية كنت في مرحلة الثانوية العامة، وكنت لا أستطيع الدراسة أبداً إلا حينما يتداركني الوقت، وقد عانيت كثيراً من هذه المشكلة، وحاولت التخلص منها بكل الوسائل، لكن من دون جدوى.
في المراحل ما قبل مرحلة الثانوية كنت أحصل على علامات ما بين 70 -75 دائماً، مع أني لم أكن أدرس بشكل كافٍ، إلا أني كنت راضياً عن تحصيلي بسبب الظروف التي كانت سائدة وقتها، وهي مرض أختي بمرض السرطان -عافاني وإياكم الله-، وقبل بداية العام الدراسي الأخير بشهرين، توفيت أختي بعد صراع مع هذا المرض دام 3 سنوات.
الحقيقة أني تأثرت لذلك جداً، ولكن هذه حكمة الله التي لا أستطيع أنا أو أي أحد الاعتراض عليها، ولكن مع بدء العام الدراسي صرت غير قادر على الدراسة، مع أني كنت أمضي وقتاً طويلاً وأنا أمسك الكتاب، وأفكر وأحاول أن أدرس، لكن دون جدوى، وفي النهاية حصلت على معدل متدنٍ؛ نتيجة إهمالي، وأنا الآن أدرس في الجامعة، ولكن أواجه نفس المشكلة، وهي عدم القدرة على الدراسة.
المشكلة الثانية: أني أعجبت بفتاة من طرف واحد فقط، أي ليس حباً، ولكن لا أستطيع الكف عن التفكير بهذه الفتاة، فهي دائماً تجتاح عقلي، مع أني أعرف أنه لا يجوز أن أفكر بها، ولكن لا أستطيع مهما حاولت، وأدعو الله أن تكون من نصيبي مستقبلاً، وصدقاً لا أستطيع أن أشرح لكم ما سيحصل لي لو أن شاباً آخر قام بخطبتها.
أتمنى منكم مساعدتي، والله ولي التوفيق.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكراً لك على التواصل معنا والكتابة إلينا بهذا السؤال، بعد مئات المحاولات للدخول للموقع.
رحم الله أختك، وأدعو الله تعالى لها بالمغفرة والفردوس الأعلى، وأن يرزقكم الصبر على فقدانها، ولا أدري إن كان موضوع الفتاة في السؤال الثاني له دور كبير في مشكلة السؤال الأول، من ضعف القدرة على الدراسة والتركيز، حيث التفكير في هذه الفتاة يشغل بالك لهذا الحدّ!
إن الدراسة الأكاديمية والتركيز على العلم لا يأتي من فراغ، إلا أن له علاقة وثيقة بنمط الحياة التي يعيشها الطالب الشاب، فربما المطلوب منك إعادة النظر في نمط الحياة التي تعيشها، من وضوح الهدف الرئيس من خلقنا، وكما يقول الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، وطبعاً معنى العبارة هو ليس مجرد الطقوس التعبدية -على أهميتها-، إلا إنه يأتي معها العمل الذي نقوم به في حياتنا، وهو في حالتك دراستك الجامعية، فأرجو أن تقوي هذا الإيمان، وهذا المعتقد في نفسك، ومن بعدها لا بد من اتخاذ الأسباب الكفيلة بتحقيق غاية الوجود هذه.
لا شك أن سؤالك يشير إلى طالب شاب جامعي طموح، ويتطلع للمعالي، أعانك الله وذلّل لك الصعب، لتكون من المتفوقين.
لدراسة أفضل، يمكن أن أذكر بعض الأمور التي تساعدك، ومنها:
- أوجد جواً مناسباً للدراسة والتحصيل العلمي، وحاول قدر الإمكان الحدّ من المشوشات ومضيّعات الوقت، وما أكثرها في عصرنا الحديث، من أداة إلكترونية أو بعض الأشخاص، فاعمل في مكان هادئ، وأطفئ الأجهزة الإلكترونية والكمبيوتر والآي باد، كي لا تشوش ذهنك، وأزل من أمامك كل ما يمكن أن يعيق تركيزك، ومما لا تحتاج أثناء الدراسة.
- اجمع كل مواد دراستك أمامك من كتب وملاحظات ومراجع، وإذا كنت على الكمبيوتر للعمل، فأغلق الإنترنت واستلام الرسائل من فيس بوك وغيره.
- حاول أخذ قسط من الراحة بين المادة والأخرى، ولو كانت فترة قصيرة جداً، وحاول أن لا تخلط المواد ببعضها، وابحث عن طريقتك الخاصة والمفضلة للدراسة، وما يناسب غيرك قد لا يناسبك، والعكس صحيح، ما هي الطريقة التي تفضل، هل هي التلخيص أو كتابة الملاحظات على بطاقات صغيرة أو تلوين بعض أسطر الكتاب؟ اخترع الطريقة التي تناسبك أنت.
- هل أنت إنسان صباحي -وهو الأفضل-، وفي الحديث (بورك لأمتي في بكورها)، أم أنت إنسان ليلي، بحيث أكثر ما تكون نشطاً في فترة المساء؟ واحرص على الاستفادة القصوى من هذه الطبيعة الخاصة بك، واعمل وفق طبيعتك.
اتبع بعض الطرق المفيدة في الدراسة، ومنها مثلاً:
تفحص أولاً وبشكل سريع فصل الكتاب المطلوب منك دراسته، وانظر إلى الجداول والرسوم التوضيحية، واقرأ عناوين الفقرات، اسأل نفسك بعض الأسئلة عما يمكن أن يرد في هذا الفصل، مما يمكن أن يثير انتباهك ويحفز حماسك، ومن ثم ابحث عن إجابات هذه الأسئلة، راجع كل الدرس بعد الانتهاء من دراسته، وإذا أردت لخّص كل الدرس على ورقة واحدة فيما نسميه الخارطة الذهنية، مع التركيز على التعريفات والمفاهيم والتصنيفات والعناوين الرئيسة للبحث.
إذا وجدت شيئاً لم تفهمه بشكل واضح، فاكتبه لتسأل عنه المعلم لاحقاً، وحاول أن تدرس الدرس مسبقاً، وقبل أن يقدمه المعلم- ولو باختصار-، وهذه من أفضل النصائح الممتازة قبل وقت شرح الدرس. وحضر للامتحانات قبلها بوقت كافٍ، وليس فقط ليوم واحد قبل الاختبار!
عليك أن تتحلى بالصبر والمثابرة، قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، ولا تسمح لبعض النزوات أن تشغلك عن هدفك الذي وضعته لنفسك، ولما تريد تحقيقه من خلال الدراسة.
أحسن الاستفادة من الوقت، وخاصة ما يسمى بالنوافذ، وهي الوقت القصير بين نشاط وآخر، أو بين درس وآخر، فهذه النوافذ إن جمعناها لبعضها كان منها الوقت الطويل، الذي قد لا ينتبه إليه الكثير من الناس.
أخيراً وليس آخراً: قم بفرض الوقت، بمعنى أن أفضل عمل تقوم به وقت الدراسة هو الدراسة، وأفضل عمل وقت الصلاة هو الصلاة، وأفضل عمل وقت التواصل مع الأسرة هو التواصل مع الأسرة، واعطِ كل ذي حق حقه.
وفقك الله، وجعلك من أصحاب الهمم العالية، ومن المتفوقين، الذين تحتاجهم الأمة.