حلمي أن أكمل تعليمي لكني أريد الزواج مبكراً..ماذا أفعل؟
2015-05-20 02:32:53 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شخص مكتئب وأصاب بهلوسة وحزن بسبب حلمي أن أكمل بعد أن تخرجت من الثانوية البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، هذا تفكيري، لكن ماذا يبقى من عمري كي أتزوج؟ وأنا أريده في سن العشرين وليس الثلاثين، مانصائحكم لي والدنيا كلها جهاد في جهاد بسبب الدراسات؟ ونحن مخلوقون؛ كي نعبد الله، ونفعل ما أمر به الله ورسوله.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظ عليك دينك، وأن يجعلك من الصالحين، ومن الشباب المسلم الصادق الملتزم، الذي يخاف الله ويتقيه، ويؤدي رسالته في الحياة على الوجه الذي يُرضيه جل وعلا. كما نسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من المتميزين المتفوقين، وأن يوفقك لتحقيق هذا الحلم الجميل حتى تكون شخصية كبيرة قادرة على خدمة دينها وتحقيق سعادة دنياها.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل-؛ فالذي أُحبُّ أن أبيِّنه لك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) فكلما كنت أكثر قوةً في أي ميدان من الميادين فأنت أقدر على خدمة دينك من أن تكون ضعيفًا، والقوة هنا ليست تعني الإيمان فقط، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المؤمن القوي) ولكن تعني أيضاً القوة العلمية.
فهذا الحلم الجميل الذي حلمته أتمنى أن يتحول إلى حقيقة، وهو لا يتعارض أبدًا مع العبادة والوظيفة التي خلقك الله من أجلها، ما دامتْ نيِّتك في طلب العلم والتعليم خدمة الدين، لأن المشكلة تكون إذا كنت تريد الدنيا ولا تريد الآخرة، أما لو أنك تُريد بأن تحصل على هذه الشهادات لتخدم الدين فهذه عبادة من العبادات، لا تقلُّ شيئًا عن بقية العبادات، لأن العبادات –ولدي أحمد– ليست نوعًا واحدًا، نعم هناك عبادات مهمَّة، وهناك عبادات كُبرى، وهناك عبادات أصول وأركان، وهناك عبادات تكميلية.
وهذا الكلام في كلام النبي -عليه الصلاةُ والسلام– عندما قال: (الإيمان بضعٌ وستون شعبة) أو (بضعٌ وسبعون شعبة) فإذًا هناك شُعب، أعلاها (لا إله إلا الله) وأدناها (إماطة الأذى عن الطريق) فليس الإيمان كله درجة واحدة، ولذلك أفضل شيءٍ في الإيمان بعد التوحيد الركن العملي الأول في أركان الإسلام: الصلاة، ولكن الصلاة تُؤدَّى في وقتها على طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد الانتهاء من الصلاة نتحرَّك في الأرض لنتعلَّم ولِنُعلِّم، ولِننفع الناس ونستفيد، هذا لا حرج في ذلك شرعًا، ما دمت تتعامل –بارك الله فيك– بالضوابط الشرعية، وما دام هدفك وهِمَّتك وغايتك خدمة الدين من خلال هذا العلم فأنت عابدٌ لله تبارك وتعالى، بل وقد تكون مُحققًا لأنواعٍ من العبادة أهم من عبادات الملايين من المسلمين الآن الذين لا يساوون شيئًا ولا يُقدمون خدمة للدين.
إذًا أقول: هذا الحلم لا يتعارض مع العبادة أبدًا، ولكن تنوي به خدمة الدين، تنوي بالتعلُّم أن تخدم دينك، تنوي بالتعلُّم أن ترفع راية الإسلام في الأرض، تنوي بالتعلُّم أن تدفع هذا الذُّل والهوان عن أُمَّة الإسلام، وبذلك سيكون وقتك كله عبادة، المذاكرة عبادة، وحضور المحاضرات واللقاءات عبادة، وكل الذي تقضيه، وشراء الكتب وقراءة الكتب، كل هذا سيكون عبادة.
فأنا أقول لك: إن العبادة ليست شيئًا واحدًا، وإنما من أهم أنواع العبادة هي عبادة الزمان الذي أنت فيه، وهو طلب العلم الشرعي حتى تكون عالمًا كبيرًا، تنوي فقط من الآن أن تتعلَّم هذا العلم لخدمة الدين، فتكون بذلك عابدًا، وتُقدِّمُ خدمة رائعة للإسلام.
توكَّل على الله، ولا تتكاسل، ولا تظنَّ أن هذا يتعارض مع الدين أبدًا، أو مع الوظيفة التي خلقك الله من أجلها، لأن هذه من الوظائف التي خلقك الله من أجلها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ).
فالضعيف –يا ولدي– الذي لا قيمة له ولا وزن، أما القوي هو الذي يستطيع أن يدفع عن نفسه وأن يُدافع عن غيره.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، واستعن بالله ولا تعجز.