دعوت الله ولم يستجب لي مما سبب حزنا في قلبي وانكسارا، فكيف أتخلص من ذلك؟
2015-03-09 06:20:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أني دائما خائفة من أن تكون علاقتي غير جيدة مع ربي، رغم أني -والحمد لله- ملتزمة منذ صغري، ومواظبة على قيام الليل والدعاء والاستغفار والأذكار، ولكني دائما خائفة من أن يبتليني الله ببلاء لا أستطيع تحمله، وأعترض على حكم الله، ودائما ما يلازمني إحساس أنه سيحصل لي شيء ما في حياتي.
فمثلا أصبت بحادث منذ صغري سبب لي تشوه في وجهي، وتم علاجي بطريقة خاطئة لمدة 14 سنة، والحمد لله أخيرا منذ أربع سنوات تعالجت وتحسن الموضوع.
وصلت 30 سنة بدون زواج، فقد كانت هناك مشاكل تعوق أمر زواجي، ورفض تام من قبل أهل زوجي، لأنني أكبر منه منه بثلاث سنوات ونصف، -والحمد لله- بعد سنة تيسر زواجنا، وتزوجنا في شهر، فقلت -الحمد لله- أنه عوضني عن تعبي وطول عمري، ورزقني بزوج صالح، ولكن والدة زوجي توفيت قبل زفافنا بأسبوع، واسترجعت الله وحمدته على نعمة الزوج.
تزوجنا منذ سنة وأربعة شهور، ولم يرزقنا الله إلى الآن بالذرية؛ ولهذا السبب مخاوفي زادت بصورة فظيعة، ودائما حساسة لأي كلمة تقال، وخائفة من نظرات أهل زوجي لموضوع السن.
ودائما عندي مخاوف أني سأفقد زوجي وحياتي الجديدة، أو أنه سيحصل أمر يعكر علي حياتي.
أكثر شيء سبب لي حزنا في قلبي أني دعوت الله كثيرا بأن يرزقني الذرية، وأن يحصل الحمل في مكة، وتيسرت لنا العمرة، ودعوت الله في الحرم وأقسمت عليه أن لا يردني، ولكن الحمل لم يحصل، وهذا الأمر سبب لي كسرا في قلبي، فكيف أزيل هذا الحزن والانكسار من قلبي؟
أرجوكم أن تدعوا لي بأن يقض الله حاجتي، ويثبتني، وأن يرزقني الرضا بقضائه، وفهم حكمته في أقداره.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يمُنَّ عليك بذريةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تملأُ عليك حياتك، وتكون عونًا لك ولزوجك على طاعة الله تعالى.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-:
فإن الشيطان -لعنه الله- عندما يجد العبد قد استقام على منهج الله تعالى، وأصبح حريصًا على مرضاته والبُعد عن معاصيه، فإنه يكاد أن يموت منتحرًا، لأنه يرى أنه قد أفلت منه بصورة أو بأخرى، ولذلك هو يحاول أن يستعمل معه شتى الوسائل التي تؤدي إلى ضعف إيمانه وإلى قلة يقينه وإلى زعزعة أمنه واستقراره.
الذي يحدث معك من الخوف الغير مبرر الذي لا داعي له، إنما هو نوع من أنواع الحرب الشيطانية عليك؛ لأن الشيطان -لعنه الله- يستخدم مع الإنسان أي وسيلة ممكنة، يبدأ أول ما يبدأ بحرب الشهوات، فإذا وجد الإنسان قد انغمس في الشهوات والذنوب والمعاصي الظاهرة فرح بذلك فرحًا عظيمًا، لأن علم أنه على قدر معصيته يبعد عن ربه ومولاه.
إذا لم يتمكن من إيقاعه في الشهوات انتقل إلى حرب الشبهات، وحرب الشبهات هي حرب على القلب وعلى العقل وعلى الروح وعلى الفكر، وهذا الذي تعانين منه إنما هو نوع من أنواع الحرب القذرة التي يشنها الشيطان عليك، فالشيطان زرع في قلبك هذا الخوف وهذا الهلع الذي لا وجود له ولا أساس له من الصحة.
وكونك تخافين من المستقبل وأن الله يبتليك، هذا سوء ظن بالله تعالى؛ لأن الله -جل جلاله- لا يبتلي العبد إلا وُفق إيمانه وقدراته، فنحن في الدنيا نرى أن الطالب الابتدائي لا يتقدم امتحان الجامعة، وإنما يُعطونه امتحانا على قدر مستواه العلمي وعقله وفكره، هؤلاء هم البشر، فما بالك برب البشر الذي هو الرحمن الرحيم وأرحم الراحمين -جل جلاله سبحانه وتعالى-.
فثقي وتأكدي أن أي ابتلاء سوف يُصيب العبد فإن الله -تبارك وتعالى- يجعله في مقدور العبد، لأنه قال: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} ولأنه قال: {لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها}.
ولذلك أنا أتمنى -بارك الله فيك- أن تطرحي عنك هذه الفكرة، وأن تحاولي احتقارها، كلما حاول الشيطان أن يدفع بها إلى عقلك وفكرك حتى يُنغص عليك حياتك ويُدخلك في دائرة الحزن، حاولي -بارك الله فيك- أن تهربي منها، وألا تستسلمي لها، وأن تستعيذي بالله تعالى، وأن تتفلي تفلاً خفيفًا عن يسارك، سواء كنت في الصلاة أو في خارج الصلاة، وعليك بالإكثار كذلك أيضًا من الأعمال الطيبة التي تفعلينها، لأن هذه العبادات العظيمة التي تقومين بها هي صمام الأمان الذي يحفظك الله تبارك وتعالى به من كيد الشيطان الرجيم.
فواصلي على ما أنت عليه من طاعة وعبادة، واعلمي أنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، وكلما زادت من مساحة العبادة في حياتك؛ كلما كان دعاءك أسمع، وكلما كانت محبة الله لك أقوى وأشد، وبذلك لن يدعك الله -تبارك وتعالى- للشيطان يلعب بك أبدًا.
ثقي وتأكدي بأن وليِّك هو الله، كما قال تعالى: {الله وليُّ الذين آمنوا} فمولاك هو الله، لن يدعك للشيطان ما دمت تلجئين إليه، ولا تستسلمي للشيطان.
حافظي -بارك الله فيك- على أذكار الصباح والمساء فإنها مهمة جدًّا، تحفظ بدنك وعقلك من كيد الشيطان الرجيم، والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن من قرأ التهليلات العشر (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) عشر مرات أو مائة مرة يوميًا كانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يُصبح أو يُمسي، كذلك عليك من قول: (حسبي الله ونعم الوكيل)، (يا ذا الجلال والإكرام)، (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، هذه كلمات لها تأثيرها القوي جدًّا على النفس البشرية، وعلى إخراج هذه الوساوس والمخاوف منها.
مخاوفك لا مبرر لها، وإنما هي من كيد الشيطان، وكيد الشيطان ضعيف، ويخنس ويفر عند ذكر الله تعالى، فسلاحك في يدك، وهو ذكر الله تعالى، لا تستسلمي للشيطان، وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يصرفه عنك، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.