تعرضت للإعتداء في طفولتي وذكرى الحادثة أثرت على حياتي مستقبلا.
2014-10-19 01:22:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
عندما كنت في السابعة من عمري، اعتدى عليّ شخصين، ودائماً ما تجول تفاصيل هذه الحادثة في رأسي، أصبحت لا أثق بالناس، وأخاف التحاور معهم، ودائمًا ما أحرج نفسي عندما أتحدث مع الغرباء، باردة جداً في تفاعلاتي مع الآخرين، وهادئة، تجدني لا أهتم بشيء، ولا شيء يجذب انتباهي، أنام كثيراً، وأصحابي قليلون جداً.
في جامعتي سرعان ما ألفت نظر الجميع لي وبسهولة، ولكن من دون قصد، فتجد الأغلب يعرفونني، ويعرفون اسمي، ولكنني لا أهتم بهم، ولا أحاول أن أعير أحداً منهم انتباهي، كثر من يحاولون التقرب إليّ، ولكنني أتفاداهم بأي طريقة، لا أعلم ما سبب هذا البرود الداخلي؟ أنا لا أحب الخوض بأيّ نقاش، أفضل السكوت والنظر فقط، أعاني من الصعوبة في التعبير عما أشعر، وأكره جدًا ملامسة الآخرين لي، فعندما أُحتضن من صديقاتي، أدفعهم لا شعورياً، ولا أعلم لماذا؟
دائمًا ما أكبت حزني، ولا أحب إظهار تلك المشاعر، في بعض الأحيان أتفاجأ من نفسي عندما أتوتر، أو عندما أقع بمأزق، وأجد أنني أتحاور بشكل جيد مع الناس، ولدي القدرة على إقناعهم بأنني على حق فيما أقول، وكأنني شخص أخر وبشخصية أخرى، لا أعلم كيف يحدث هذا؟ ولكنني دائمًا أستطيع إخراج نفسي من المشاكل، وبشكل تلقائي.
هناك شخص في حياتي توفي قبل ثلاث سنوات، كانت وفاته سبباً لاستيقاظ شخصية غريبة بداخلي، شخصية قوية، لا أعلم كيف أصف لكم هذا الشعور؟
فكرة الزواج، وتأسيس عائلة، فكرة لا أحبها، وهي خارج نطاق تفكيري، مررت بحالة اكتئاب قبل فترة، وكرهت الحياة واحتقرتها جداً، وأصبحت أنام بالأيام ولا أستيقظ إلا قليلاً، عندما كنت طفلة أشتهر عني بأنني الفتاة ذات النظرات المخيفة، فقد كنت لا أبكي ولا أذرف الدموع، وعندها أخذني والداي إلى الطبيب المختص، ونومي لا يخلو من الكوابيس إلى يومي هذا، فهل أنا طبيعية؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ maha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنتِ في مرحلة التكوين المعرفي، والتكوين الوجداني، وقطعاً توسعت مداركك وازدادت مهاراتك، وهذا دفعك لأن تنظري إلى الماضي، وإلى الحادث الذي حدث عند عمر السابعة، وقطعاً الاعتداء أياً كان شاكلته في ذات الوقت، هو فعلاً يحز في نفس الإنسان، ويجعله أقل ثقة بالآخرين.
أعتقد أن الذي بك: هو عدم القدرة على التكيف، وعدم القدرة على التوائم، وفي ذات الوقت الذي يظهر لي أنك حساسة جداً، ولم تعطي نفسك فرصة كافية لأن تكوني إيجابية المشاعر، الإنسان يمكن أن ينقاد بمشاعره وأفكاره إذا كانت سلبية، فسوف يصبح سلبياً، وإذا كانت إيجابية، فسوف يصبح إيجابياً.
لذا نحن نقول للناس: "لا تحكموا على أنفسكم دائماً بمشاعركم وأفكاركم، احكموا على أنفسكم بأفعالكم".
أنت الآن محتاجة لتطوير مهاراتك الاجتماعية، كوني أكثر ثقة في الناس، وتجنبي التعميم، ليس كل الناس بالسوء الذي قد نتصوره في بعض الأحيان، يجب أن نُحسن الظن بالناس، ويجب في ذات الوقت أن تكون هنالك درجة من الشك التي تحمينا، فهذا أمر مطلوب وجيد، ويجعل الإنسان يتواءم ويتكيف مع وضعه.
إذاً ضعي الماضي خلفك تماماً، وتوجهي الآن توجهات إيجابية، اجتهدي في دراستك، واعرفي أن سلاحي العلم والدين لا يعدلهم أي شيء آخر، فكرة الزواج - إن شاء الله - سوف تأتي، ومن الطبيعي جداً أن تنهي دراستك، وبعد ذلك تفكري في الزواج، خذي الحياة بهذه البساطة بتغير نمطها بالتفاؤل نحو المستقبل.
علاقتك مع زميلاتك وغيرها، اجعليها علاقة احترام، وتقدير، ومودة، كرهك لملامسة الآخرين، هذا ربما يكون من الحادثة التي حدثت لك، احتضان البنات لبعضهن البعض لا أقول: إنه أمر مرفوض، لكنني لا أحبذه قطعاً، وفيه الكثير من الخلل في بعض الأحيان، فلا تظلمي نفسك بأن تقولي: إنني سلبية المشاعر حين أحتضن صديقتي، لا، فهو توجه ربما يكون مقبولاً إذا نظر إليه الإنسان من المنحى الآخر.
حاولي أن تنظمي وقتك بصورة جيدة، تنظيم الوقت يحسن النوم لدى الإنسان، ويحسن طريقة التفكير، نامي النوم المبكر، ومارسي شيئاً من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، انخراطي مع أسرتك بصورة إيجابية، وكوني فاعلة، شاركي حتى في أعمال المنزل، ساعدي والدتك، هذا يعطيك مهارات جديدة، ويعطيك قبولاً لذاتك بصورة أفضل.
فالإنسان الذي يجد صعوبة في التوائم مع الآخرين، قطعاً هو يعاني أيضاً من صعوبة في التوائم مع نفسه وذاته، والتوائم مع الذات يأتي من خلال تطوير مهارات النفس.
وفي نهاية المطاف، أقول لك: نعم أنت طبيعية، وطبيعية جداً، وهذه مجرد خلافات نسبية في المشاعر، فجري نفسك نحو ما هو إيجابي، وطوري مهاراتك كما ذكرت لك، ولا تعممي كل موقف يتطلب فعلاً ورد فعل معين، وما حدث لك في فترة الطفولة قد انتهى الآن - إن شاء الله تعالى -، أنتِ تملكين الطاقات النفسية، والعقلية، والمعرفية التي تجعلك توازنين الأمور بصورة جيدة ومستقيمة، وهذا هو الذي يفيدك - إن شاء الله تعالى -.
أشكرك كثيراً، وأسأل الله تعالى لك الصحة والعافية، وكل عام وأنتم بخير.