أشعر أن مشاكلي النفسية بسبب اقتراضي بالربا!
2013-12-15 16:12:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا سيدة عمري 28 سنة.
منذ ست سنوات بالضبط، أخذت قرضاً من إحدى البنوك ذات الفوائد العالية، وكنت أعرف ذلك واقترضت، وبعد مضي سنة تقريباً، تبدل حالي تماماً، من أحسن الأحوال إلى أسوأ الأحوال، وكنت عرفت أن سبب مشاكلي هذه هو القرض، مع علمي التام أنه ربا، وفي هذه السنوات عانيت من مشاكل كثيرة، منها العصبية مع كل من حولي، وتركي الصلاة متعمدة وجميع النوافل، وإحساسي بالضيق والحزن الشديد على ما أنا فيه، ولا أعرف ماذا أفعل في هذه الأمور، مع العلم أنني أخذت القرض لغرض تأجير شقة للسكن فيها مع زوجي وأولادي، ومع علمي التام لمعنى هذه الآية الكريمة:" فأذنوا بحرب من الله ورسوله".
سؤالي: بماذا تنصحونني؟ وهل هذا غضب من ربي علي؟ وماذا أفعل لكي يرضى عني الله؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنَا الكريمةَ- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله -تعالى- أن يتوب علينا وعليك.
نحن نشكر لك أولاً محاسبتك لنفسك وإدراكك بأن ما يصيبك من بلاء قد يكون بسبب ذنوبك، وقد أصبت الحقيقة بل كبدها حين أدركت بأن ما نزل بك من مكروه إنما هو بسبب ذنوبك، وقد قال الله -سبحانه وتعالى-: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} فكل ما ينزل بنا ويصيبنا بسبب ذنوبنا، وما يعفو الله عنه أكثر.
ولكن ينبغي –أيتها الأخت العزيزة– أن تتقبلي هذا الابتلاء وتقابليه مقابلة المؤمن الذي يُدرك حكمة الله -تعالى- ورحمته، من خلال ما يقضيه ويقدره على الإنسان، فإن الله -عز وجل- إذا أراد بقومٍ خيرًا ابتلاهم، كما ورد بذلك الأحاديث، ومن رحمة الله -تعالى- أن يعجّل للإنسان العقوبة في الدنيا دون أن يدخرها له في الآخرة، فمن لطف الله -تعالى- بك أن أيقظك ونبهك إلى ما فعلت من الإثم والوزر بما قدره عليك من ضيق وهم ونكد، فإن هذه هي آثار المعصية والذنوب، فمن الذي عصى الله -تعالى- فسعد؟ ومن الذي أطاعه -سبحانه وتعالى- فشقي؟ فإن السعادة كل السعادة في طاعته، والشقاء كل الشقاء في التمرد عليه ومعصيته.
ونحن نرى –أيتهَا الأخت الكريمة– بأن شعورك هذا وإحساسك هو بداية الخير، والانطلاقة نحو حياة أفضل وأسعد، فاعتبري بما جرى ليكون حاجزًا لك عن الوقوع في معصية الله، فإن الحياة الطيبة لا يجدها الإنسان إلا في ظلال طاعة الله، كما أخبر الله في كتابه فقال: {من يعمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.
وما عليك الآن إلا أن تصدقي الله -تعالى- بالتوبة، فإن باب التوبة مفتوح، لا يُغلقه الله -تعالى- حتى تبلغ الروح الحلقوم، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فتوبي إلى الله، صادقة مستوفية أركان التوبة، وسيتوب الله -تعالى- عليك، وأركانها: أن تندمي على فعل الذنب، وأن تعزمي ألا ترجعي إليه في المستقبل، وأن تتركيه في الحال، وهذا أنت تركةً له الآن، فاعزمي ألا ترجعي إليه، مع حدوث الندم، وهو ألم القلب على ما وقعت فيه من الذنب، فإن الربا والمشاركة فيه من قبائح الذنوب، وهو حرب لله -تعالى- ولرسوله، ولكنَّ التوبة لا يتعاظمها شيء، فمهما عظم الذنب وتاب صاحبه، فإن الله -تعالى- يقبل منه التوبة ويمحو بها ذنبه، كما قال -جل شأنه-: {قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}.
وبعد هذه التوبة –أيتهَا الأخت العزيزةَ– أكثري من عمل الصالحات، واستزيدي من الحسنات، فإن الحسنات يُذهبن السيئات، كما قال الله في كتابه، وستجدين -إن شاء الله تعالى- بالاشتغال بالطاعة والإكثار من الاستغفار ولذة المناجاة لله -تعالى-، ستجدين في ذلك الأنس والراحة والسعادة، فأحسني ظنك بالله، وأكثري من دعائه، مع تيقن الإجابة بأن يغفر لك.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يتوب علينا وعليك.