العزلة ونحافة جسمي.. والمعاناة جراء ذلك
2014-01-14 02:09:15 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا شاب في السنة الرابعة بكلية الهندسة، أصبحت لا أحب المشاركات الاجتماعية، وأجلس معظم وقتي في المنزل، لا أخرج إلا للجامعة، ولا أخرج حتى للصلاة؛ لأنني أسكن في مكان منحط أخلاقيا؛ ولأن جسدي نحيل، فأصبح الناس يعيرونني بنحالة جسدي، على الرغم من محاولاتي المستمرة لعمل أي شيء له، ولكن دون جدوى!
أصبحت لا أبالي إذا كنت أفقد أصدقاء أو لا، حالها حال أشياء كثيرة، أصبحت لا أبالي بها، كذلك انعدم لدي الشعور بالآخرين جراء معاملة البعض لي، فشلت في الارتباط بفتاة كنت وما زلت أفكر فيها عندما رفضتني؛ مما زاد حالتي النفسية سوءا على سوء، وأصبحت أكره جنس النساء بالكامل، أصبحت شديد العصبية لأتفه الأسباب، كما أصبحت أمل من القراءة التي كنت أحبها كثيرا، وخصوصاً الكتب التاريخية.
أصبحت مدمنا للعادة السرية والمواقع الإباحية عنادا لنفسي ولخالقي؛ لأنني شعرت أن ربي لا يسمعني إلا أيام الامتحانات عندما أدعوه أن يوفقني فيها، ولا يسمع لي في أي شيء آخر!
أرجوكم أريد ردا موضوعياً وسريعاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ elsayed ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بهذه النقاط، وعلى مطالبتك بالجواب الموضوعي والسريع.
وكطبيب نفسي علينا أن ننتبه أن لا نجعل من كل مشكلة تعترضنا نجعلها مشكلة "مرض نفسي" تحتاج لتشخيص ودواء! فالسلوك شيء والمرض النفسي شيء آخر.
ليس مستغربا أن تشتكي مما تشتكي منه من العصبية، والانسحاب من المشاركات الاجتماعية، وعدم الخروج من البيت وحضور الصلاة في المساجد، والملل من القراءة بعد أن كنت تحبها، وخاصة الكتب التاريخية، فأنت عندما كنت تحب القيام بكل هذه الأعمال الطيبة غير أنت بالشكل الحالي والجديد، من ناحية السلوك والممارسات ونمط الحياة...
وليس هناك من جواب موضوعي إلا الربط بين نمط الحياة والسلوك... وبين النتائج والثمار وعواقب الأمور. والإنسان، وكما خلقه الله تعالى، فقد أعطاه حرية الاختيار بالطريق الذي يريد أن يعيشه، وكما يقول تعالى "وهديناه النجدين" ويقول عن النفس البشرية {قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها}. فالأمور مقدمات ونتائج، والنتائج من جنس المقدمات.
إذا أردت أن تستعيد ما كنت عليه من أعمال البرّ والخير، فليس هناك من سبيل إلا بأن تعود كما كنت عليه من الأعمال الطيبة التي كنت تحبها وتقوم بها، وتمتنع عن الأعمال الأخرى التي أخرجتك عن الجادة التي كنت عليها.
لقد طلبت جوابا سريعا، وهذا من حقك، ولكن هل أنت مستعد حقيقة للإسراع في التوقف عن متابعة المواقع الإباحية؟! فهذا من ذاك.
فقد تستشير أعلم الناس، ولكن يبقى في النهاية، ماذا تريد أنت أن تفعل، وما أظنك إلا على علم بما عليك فعله، وبأنك تعلم المهارات التقنية في منع جهاز الكمبيوتر عندك من عدم عرضة، أو دخوله للمواقع غير المرغوبة.
هل يمكنك من اليوم، أو صباح الغد، أن تبدأ بالعيش بالطريقة التي كنت عليها من قبل؟ وأن تحرص على الأمور التي كنت تحرص عليها، والتي يسّرك الله لها في حينها.
إننا إذا سلكنا طريقا غير طريق الله والذي حذرنا الله تعالى من عاقبة نهايته، فليس لنا أن نلوم الله تعالى أنه لم يوصلنا لنهاية الطريق الآخر الذي رفضنا سلوكه.
وفي نفس الوقت تعهد الله تعالى بعوننا وهدايتنا إذا نحن أخذنا بالطريق الذي أرشدنا إليه.
أدعوه تعالى أن يوفقك وييسّر لك الخير، ويلهمك جادة الصواب، إن لم يكن اليوم، فمن صباح الغد.
++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. مأمون مبيض المستشار النفسي، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون التربوية والأسرية:
+++++++++++++++++++++
مرحبًا بك - أيها الولد الحبيب - في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، ويقيك شر نفسك، وييسر لك أسباب السعادة وانشراح الصدر.
نحن نرى أيهَا الحبيب بأنك كبَّلت نفسك بقيود وهمية، وضيقت على نفسك الشيء الواسع، وما كان ينبغي لك أن تفعل كل هذا، فإن الأصحاب والأصدقاء والبيئة التي حولك يبدو من خلال ما وصفت أنهم لا يصلحون لأن تكون معهم، وأن تقضي حياتك في أوسطاهم، ولا يزال في الناس من تسعد بلقائه وتفرح بمجالسته ويؤنسك حديثه، ولكنك لم تبذل الوقت الكافي، والسبب الموصل للتعرف على هؤلاء الناس.
ومن ثم فنحن ننصحك - أيهَا الحبيب - نصيحة من يُحب لك الخير ويتمنى لك السعادة، أن تبحث عن الرجال الطيبين والشباب الصالحين، وستجدهم، وهم كثر ولله الحمد، ابحث عنهم في مجالس الخير، في المساجد، ابحث عنهم في صلوات الجماعة.
حاول أن تجاهد نفسك للسماع وللتأمل والنظر فيما يرقق قلبك، ويذكرك بالله تعالى، ويذكرك بالآخرة، ويذكرك بحقيقة هذه الحياة والحكمة من وجودنا فيها، كل هذا سيعيد إليك الأمل في هذه الحياة، وسيعرفك قيمة الساعات والأيام والشهور التي تقضيها على هذه الأرض.
نحن ندرك - أيها الحبيب - المشاعر التي تعيشها ما دمت تتعامل مع هذا المجتمع المحيط بك، ولكننا على ثقة تامة من أنك إذا غيّرت هذه البيئة فإنك - بإذن الله تعالى - ستجد تجديدًا في حياتك.
ليس فيك - أيها الحبيب - ما يدعوك إلى كل هذا الضيق والتشاؤم من هذه الحياة والانعزال عن الناس، فمهما كان في بدنك من نحول، فإن ما لا يُحصى من الناس مثلك ويعيشون حالتك، وما أدى بهم ذلك إلى أن يعيشوا مثل ما تعيش.
وما قدره الله عز وجل من صرف الفتاة التي كنت ترغب في الزواج بها ينبغي أن توقن تمام الإيقان أن الله عز وجل أرحم بك من نفسك، وأعلم بمصالحك، فربما صرف عنك شيئًا يحمل لك أنواعًا من الشر، وقد علمه الله وأنت لا تعلمه فصرفه عنك، وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
العادة السرية - أيها الحبيب - لن تطرد عنك هذه السآمة، بل ستزيدها، ولن تُخرجك من دائرة القلق، بل ستضاعفه، وذلك لأسباب عديدة، من أهم هذه الأسباب أنها تُبعدك عن الله تعالى، ولذلك نصيحتنا لك أن تجاهد نفسك للتخلص من هذه العادة، فأنت بممارستك لها لا تضر إلا نفسك.
ومن الغرائب والعجائب قولك: -أن الله عز وجل يسمعك في بعض الأحيان، فيوفقك في اختباراتك وييسرها لك، ويقدر لك النجاح- من العجائب أن ترى أن هذا داعيًا لأن تعاند الله سبحانه وتعالى وتعصيه، فإذا تكرَّم الله عز وجل عليك بهذه النعمة التي يتمناها ما لا يُحصيه إلا الله تعالى من البشر، فكان المفترض المنتظر منك أن تداوم على شكر نعم الله عليك، وأن تأمل منه أن يستجيب لك في غير تلك الدعوات، مع الاعتقاد الجازم أن الله عز وجل سيستجيب لك، ولكن ليس بالضرورة أن يعطيك ما سألت، فقد يكون من الخير أن يؤخر لك ما سألت، وقد يكون من الخير أن يدخر لك ثواب هذه الدعوات إلى يوم القيامة، وقد يكون من الخير أن يصرف عنك من المكروهات بقدر ما دعوت، فالله عز وجل أعلم وأحكم وأرحم، فينبغي أن ترضى بقضائه سبحانه وتعالى وتبحث عن الطريقة التي توصلك إليه.
وقد أرشدك الطبيب - جزاه الله تعالى خيرًا - إلى الطريق الحقيقي للتغيير وللخروج من الحالة التي أنت فيها.
نحن على ثقة من أنك إذا أخذت الأمور بجد وعملت بهذه النصائح ستلمس تغيرًا كثيرًا.
نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك لكل خير.