انطوائية شديدة مصحوبة بالبكاء أحياناً
2013-10-29 02:34:53 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا فتاة عمري 25 سنة، أعاني من انطوائية شديدة بدأت معي منذ دخولي الجامعة، لدرجه كنت أشعر بضيق قبل ذهابي للجامعة وأبكي أحياناً، ونفس الشعور في الكلية ولا أتكلم مع أحد من الزميلات إلا نادراً كثيراً حتى تركت الجامعة، وانتقلت لكلية أخرى كان عدد الطالبات فيها أقل، شعرت براحة فيها قليلاً، لكن حالي لم يتغير فكنت أتغيب عن الكلية كثيراً، ولا اتكلم مع أحد إلا نادراً، وأصبحت تزداد معي حتى تخرجت، وكان بعض الزميلات يحاولن الاتصال بي أو إرسال الرسائل على الجوال فلا أرد، وأشعر بضيق وقلق إذا قرأت رسائلهم أو رأيت اتصالاتهم أشعر بنبضات قلبي تزيد وأتعرق فأقفل الجوال أو أحياناً أنام هرباً حتى لا أفكر كثيراً.
الآن -والحمد لله- لا أحد من زميلاتي يتصل بي أشعر براحة لذلك، وخاصة زميلات الكلية، لا أريد مقابلتهن أبداً، لا أعلم لماذا؟!
وأيضاً أنا الآن لا أخرج من المنزل إلا إذا كان لسفر أو تسوق أو لأي مكان عام مع الأهل، وأشعر بضيق شديد كلما حاول أحد إقناعي بزيارة أحد أو للعمل في مكان ما.
مع العلم أني كنت طبيعية جداً قبل الجامعة، وحتى الآن إذا زارنا في المنزل أحد الأقارب أو أحد من صديقات أخواتي تجدني أتكلم وأتصرف بشكل طبيعي ولا أشعر بضيق أو شيء من ذلك.
أنا لا أشعر بضيق مع حالتي هذه، بالعكس أنا مرتاحة جداً؛ ولهذا لا أحاول أبداً التغيير، وحتى لو فكرت أن أتغير أشعر بضيق فأطرد تلك الفكرة من عقلي، فهل هذا شيء طبيعي؟ وهل أحتاج لعلاج نفسي أم لا؟
أفيدوني وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فشكرا لك على التواصل معنا بالرغم من الصعوبة التي واجهتها ربما وأنت تكتبين لنا.
وطالما سألت فيما إذا كان هذا الأمر طبيعيا أو غير طبيعي، هو في الواقع طبيعي وغير طبيعي في نفس الوقت! كيف هذا؟ هو طبيعي من الناحية الإحصائية والعدد الكبير من الشباب والشابات ممن يعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ومن هنا فهو "طبيعي" وهي مرحلة يمرّ فيها الإنسان ويتجاوزها، وخاصة إن أحسن التعامل معها.
والأمر غير طبيعي، من باب أنه يؤثر تأثيرا كبيرا على حياة الإنسان، ومن حيث أن الكثير من الناس لا يعاني منها، وأنه يمكنك التعافي من هذا الرهاب الاجتماعي.
من يقرأ سؤالك يلاحظ أن التجنب بأشكاله المختلفة هو الاستراتيجية التي تتبعينها في مواجهة المواقف، ومنها على سبيل المثال، التغيب عن الكلية، والنوم هروبا، وإغلاق الجوال، وعدم الإجابة على صديقاتك.
ولعلك أدركت الآن أن هذا التجنب قد أصبح أساس المشكلة، وهو لم يساعدك أبدا، فهل أنت مستعدة لتغيير هذه الاستراتيجية وهذه الطريقة في التعامل مع المواقف؟
وما أظنك إلا راغبة في التغيير فهذا ما ورد في سؤالك، ولذلك كتبت لنا، فهيا أختي الفاضلة شمّري عن ساعد الجد والمواجهة، والتي هي عكس التجنب.
ويمكنك أن تبدئي في المواجهة بلطف وتأني، فيمكنك مثلا أن تتصلي بأعز صديقاتك، وتحدثي معها قليلا على الهاتف، وإذا ارتحت من المكالمة الأولى فيمكن مواعدتها للقاء بها في مكان ما، وإذا سار الأمر كما تحبين، وقد لا يكون الأمر سهلا من المرة الأولى، ولكن بعمرك وخبرتك من الجامعة، يمكنك القيام بهذا.
وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، وحاولي قدر الإمكان أن لا تتجنبي الأماكن الخاصة التي تشعرين فيها بهذا الارتباك، والنصيحة الأفضل أن تقتحمي هذه المناسبات الاجتماعية، ورويدا رويدا ستلاحظين أنك بدأت بالتأقلم والتكيّف مع هذه الظروف الاجتماعية.
وما هو إلا وقت قصير حتى تجدين نفسك تتحدثين بارتياح خارج البيت كما تتحدثين بارتياح داخله.
وفقك الله، ونسمع أخبارك الطيبة.