كيف يمكنني تكوين الصداقات؟
2013-09-10 23:55:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عمري 17 سنة، عندما كنت في المرحلة الابتدائية، كان لدي الكثير من الأصدقاء، وعندما ذهبت للمرحلة المتوسطة، كونت علاقات جديدة، وكنت أتحدث كثيرا معهم، ولكن تغيرت وصرت هادئة، واكتشفت بأنهن يرافقنني من أجل مضيعة الوقت، وليس لأجل الصداقة، ثم تعرفت على أناس آخرين، واكتشفت بأنهن يرافقنني شفقة منهم علي، لأنه ليس لدي أصدقاء، ولا أعرف كيف أفتح مواضيع معهم؟ فأنا فقط أمشي أو أجلس معهم.
تعرفت قبل سنة على صديقة، وكونا صداقة جميلة، وعندما دخلت المرحلة الثانوية، افترقنا، لأني دخلت القسم الأدبي، وهي القسم العلمي، وأنا حزينة جدا لأنها ذهبت، ولا أستطيع أن أكلمها إلا في أوقات قصيرة، الأصدقاء الذين أمشي معهم لا أحادثهم كثيرا، لأن معهم أصدقاء لا أكلمهم، بسبب خلافات كثيرة حصلت بيننا، فهم يستهزؤون ويفرحون لأنني وحيدة، والآخرين الذين معي بالصف قليلون، ولا يريدون صداقات جديدة، حاولت أن أكون معهم ولكني لم أستطع.
هنالك آخرون بالمدرسة يستهزئون بي، لأنني وحيدة، ولا أتحدث مع الأصدقاء، إنما أنظر إليهم فقط، وينظرون إلي بنظرة الاستحقار والضحك، مع أنهم أصدقاء أختي، فبماذا تنصحونني؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ منيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونؤكد لك أن الإنسان بحاجة إلى أصدقاء، والفتاة بحاجة إلى صديقات، فالصداقة لا بد أن تكون بين الذكور وحدهم، وبين الإناث وحدهم، والأنثى لا تستطيع أن تصادق من الرجال إلا من محارمها، كأن يكون خالاً أو عمًّا أو أخًا، أو تصادق في رحاب حياتها الزوجية بعد أن تتزوج تكون صديقة لزوجها، وكذلك الرجال ينبغي أن تكون الصداقات بينهم، ولعل هذا الأمر واضح وأنت إن شاء الله ممن يلتزم بهذا الخير.
والإنسان ما ينبغي أن يحزن لذهاب الأصدقاء أو تحزن الفتاة إذا ذهبت صديقات بالنسبة لها، لأن الله سيعوضها خيرًا، والصداقة تقوم على الوفاء، والصداقة الناجحة تقوم على تقوى من الله ورضوان، وكل أخوة وصداقة في هذه الدنيا لا تقوم على الإيمان والتقوى والتناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر تنقلب إلى عداوة، وهي شر ووبال على أهلها، قال العظيم في كتابه: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين}.
فالصداقة الناجحة هي ما كانت لله وبالله وفي الله وعلى مراد الله وفيما يُرضي الله، ولذلك لا تحزني إذا فات من يستهزأ ومن يسخر، فإن الله سيعوضك خيرًا، ونحن نكرر ونؤكد أن الصداقة الناجحة هي التي تقوم على الدين وعلى تقوى الله تبارك وتعالى، وليس على المجاملات، وليس على الضحك، وليس على اللعب، وليس على ما يعتاده الناس بكل أسف عندما يؤسسوا بينهم علاقات وصداقات، فاجعلي صداقتك لله وفي الله وبالله وعلى مراد الله وفيما يرضي الله.
وبالنسبة لهؤلاء الذين يسخرون منك لا تلتفتي إليهم، ولا تحزني إن كنت وحيدة، فاجعلي جليسك كتاب الله، واجعلي جليسك كتاب المدرسة، واعلمي أن كتاب الله صاحب لا يغش، وجليس لا يُمل، وما جالسه أحد إلا قام عنه بزيادة ونقصان، زيادة في هدى ونقصان من عمى وجاهلة وضلالة.
ونؤكد لك أن الإنسان ينبغي أن يذهب إلى مواطن الخير، إذا أردت الصالحات فاذهبي إلى مصلى المدرسة، واذهبي إلى صاحبة الأخلاق العفيفة الطاهرة، انظري إلى تلك الفتاة المؤدبة التي يظهر الأدب في حشمتها وأدبها، تقف هناك في الزاوية اقتربي منها، ناقشيها، حاوريها، صادقيها، تعرفي عليها، وابتعدي عن المستهزئات وعن الساخرات، واعلمي أن الإنسان الذي يعيب على الناس هذا دليل على أنه مليء بالعيوب، ومليء بالنقائص.
ودائمًا نحن نريد للفتاة أن تحمل مشاعر الخير تجاه أخواتها، ولا مانع أن تنتقي منهنَّ من تقربها إليها شريطة أن يكون ذلك وفق معايير وضوابط الشرع الحنيف، فهناك من يصادق من أجل النكات، وهناك من يصادق لأجل المظهر والموضة، وهناك من يُصادق من أجل المصالح المادية والأموال، وهناك من يصادق من أجل جمال الأشكال وكذا، ولكن المؤمنة تصادق أولاً من أجل طاعة الله، بعد ذلك لا مانع من أن تأتي فوائد أخرى، فالصديق يعرف عند الضيق، ولكن لا نجعل الدنيا أبدًا هي الهدف، والأساس الذي نكون لأجله الصداقات، وإذا كانت لك أخت فإن الصداقة الناجحة تبدأ من البيت، صادقي شقيقاتك، صادقي الوالدة، صادقي عمّاتك وخالاتك، صادقي الصالحات من الفتيات وما أكثرهنَّ، وصادقي من تذكرك بالله تبارك وتعالى إذا نسيت وتعينك على طاعة الله إن ذكرتِ، فإن الأمر كما قيل: أخاك أخاك من نصحك في دينك وبصَّرك بعيوبك وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرَّك ومنَّاك.
الصداقة التي نريدها هي الصداقة الناجحة، هي التي يذكروننا فيها بالله إذا نسينا، ويعينوننا على طاعة الله تبارك وتعالى إن ذكرنا، ولذلك قال عمر لولده: (واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من خاف الله تبارك وتعالى).
نسأل الله أن يهيأ لك من الأمر رشدًا، ونؤكد لك أن هذه القضية ما ينبغي أن تحزني، بل ينبغي أن تواصلي البحث، ونؤكد لك أن الوحدة خير من صديقة السوء، وأن الفتاة العاقلة تحرص على حسن اختيار الصديقات وإن طالب بها الزمن، فالمهم هو أن تختار الاختيار الصحيح لتكون هذه الصداقة في مرضاة الله تبارك وتعالى.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.