تزوجت بمن لا أحبه فأصبت بالاكتئاب والحزن.. ما توجيهكم؟

2013-09-08 00:08:39 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا ربة منزل، عمري 34 سنة، أم لـ 3 أولاد، مشكلتي طويلة جدا بدأت منذ خطوبتي، زوجني أهلي لقريبي، لم أكن أعرفه، ولم أره إلا يوم العرس، المهم تزوجته فقط لأساعد والديّ الفقراء؛ لأن زوجي من بلد أوروبي، المهم لم أكن أريده، ولم أحبه يوما، لكن أمي قالت لي وقتها: تزوجيه من أجلنا، اذهبي إلى الخارج، وساعدينا ولن تندمي أبداً، تزوجته من أجلهم؛ لأني كنت أملهم الوحيد، ولكن والله كنت أموت في اليوم مائة مرة، كنت لا أطيقه أبداً، ومن هنا بدأت معاناتي مرضت وأصبت بحالة عصبية حادة، وأخذت أدوية للاكتئاب.

كنت أبكي لوحدي، وأصابني الوسواس القهري، ومع السنين تحسنت حالتي، -ولكن لحد الآن- يعني مرضت في 2000، ونحن في 2013 ولا زلت خائفة أن أرجع، وأمرض مثل الأول.

مع العلم أني لا أتعاطى أي دواء، لكن الخوف من المرض لم يتركني يوما، والأصعب أن الوساوس الخبيثة تأتيني أحيانا، والاكتئاب لا يفارقني، فأنا حزينة طوال الوقت، لم أنس يوما الماضي فهو دائما يلاحقني، وللعلم لحد الآن لم أستطع أن أحب زوجي، أعتقد أنه سبب كل ما حدث لي، أعيش معه في فراغ عاطفي كبير جدا.

ساعدوني، هل لا زلت مريضة؟ وماذا أفعل؟ أرجوكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة التي حملتك على تقديم مصلحة والديك، وأرجو أن تنالي خيرًا بهذه النية، فإن للبر بركات، وللبر آثار طيبة مباركة، وأرجو أن تعلمي أن كونك لم تري الزوج قبل الدخول هذا خطأ، والشريعة أباحت للزوج وللزوجة النظرة الشرعية، ولكن ليس معنى ذلك أن نجعل هذا سببًا لنفور يستمر، ولجفاء يستمر، ولبُعد يستمر، فإن الإنسان ينبغي أن يتأقلم مع واقعه، ويجتهد في أن يستحضر الإيجابيات ويضخمها، ويستحضر الجوانب المشرقة والأيام المشرقة ليبني عليها، ويتجنب السلبيات ويتفاداها، خاصة بعد أن أصبح لك من الرجل أطفال، أصبح لك معه عِشرة وسنوات.

ونعتقد أن تغيير هذه الخريطة الذهنية والطريقة السالبة في التفكير سيفتح لك آفاقًا وأبوابًا من الخير، ولذلك نتمنى أن تحرصي على استبدال هذه النظارة التي تنظرين بها إلى الزوج وإلى الحياة، فانظري للحياة بأمل جديد وبثقة في الله المجيد، واعلمي أنه لا يوجد رجل إلا وفيه إيجابيات وفيه سلبيات، وطوبى لمن غمرتْ سيئاته في بحور حسناته، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟

ومن هنا فنحن ندعوك إلى استحضار هذه المعاني العظيمة، ونؤكد لك أن ما بين الزوجين ليس مجرد الحب فقط، والحب عاطفة تذهب وتجيء، ولكن الأمر كما قال عمر: (البيوت لا تُبنى على الحب فقط) وإنما تُبنى على الإيمان، تبنى على الحب، تبنى على مصلحة الذرية، تُبنى على الروابط الاجتماعية، تُبنى على التكافل الاجتماعي، تُبنى على الأهداف المشتركة، وكلما كثرت هذه القواسم المشتركة جاءت الألفة والمودة والمحبة.

فاحرصي على استحضار الأمور التي تجمعك بالزوج قبل التي تفرق، واعلمي أن هذه الحياة:

جُبلت على كدر ونحن نريدها *** صفوًا من الأكدار والأقدار.
ومكلف الأيام فوق طباعها*** متطلب في الماء جذوة نارٍ.

واعلمي (يا ابنتي الفاضلة) أن كثيرًا من الناس يجد معاناة في هذه الحياة، لكن عندما نعطي مشاكل الحياة حجمها وحقها المناسب، ونمنعها من أن تتمدد في حياتنا فتتحول إلى عاهات نفسية، أو إلى آلام جسدية، إننا عند ذلك نخسر، فكل الناس عندهم مشاكل، لكن الفرق في طريقة التعامل مع المشاكل، تحجيمها، وإعطاؤها حجمها، حتى لا تتمدد فتفسد علينا سعادتنا وتفسد علينا حياتنا، والإنسان لا يبكي طويلاً على اللبن المسكوب؛ لأنه لا يمكن أن يعود إلى الضرع أو إلى القِدْر، ونعتقد أن الفرص أمامك كبيرة إذا فكرت في طريقة جديدة، وأرجو أن تسمعي إجابة من الأستاذ الطبيب النفسي الدكتور (محمد عبد العليم) وهو من أساتذتنا الكبار، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤون التربوية والأسرية
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنا أقدر مشاعرك تمامًا، وقطعًا قد لا أتفق مع ما قام به والداك، لكن أيضًا لا بد أن نجد لهما العذر، فأسبابهم من هذا الزواج كانت واضحة، وفي ذات الوقت أعتقد أنهم ظنوا خيرًا في هذا الرجل، ولا أعتقد أن المنافع الدنيوية كانت هي الهدف الرئيسي، قطعًا تأكدوا من خلقه، تأكدوا من دينه، تأكدوا من أنه سوف يعاملك المعاملة الطيبة بإحسان. هذه الأشياء حتى وإن لم يذكروها لك لا بد أن يكونوا قد تأكدوا منها، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أعتقد أن لديك شيئا من الحساسية العصبية؛ لأن الفكر التشاؤمي والوساوس دائمًا نجدها لدى الذين لديهم حساسية في أنفسهم.

الذي أرجوه منك وأريده منك هو (حقيقة) أن تنظري إلى حياتك بصورة إيجابية، أنت - الحمد لله تعالى – في كنف الزوجية وأنت أم، ورزقك الله تعالى الذرية، وإن تحققت لك أيضًا منافع دنيوية من خلال هذا الزواج فيجب أن تقدري ذلك.

- أيتها الفاضلة الكريمة: افتقارك لحب زوجك أعتقد أنه ناتج من أفكارك السلبية المسبقة، منذ اليوم الأول أنت لم تنظري لهذا الزواج بإيجابية، حتى وإن كانت طريقة الاختيار أو الالتقاء بزوجك ليست هي الطريقة السليمة، أو الصحيحة مائة بالمائة، لكن أعتقد أن الذي عقد الأمور لديك وحرك عندك دوافع التجافي وعدم قبول الزواج بالصورة المطلوبة هو الأفكار السلبية المسبقة، فأرجو من الآن أن تنظري لزواجك بصورة إيجابية، وحاولي - أيتها الفاضلة الكريمة – أن تقبلي زوجك كما هو.

وعملية الحب والتوجه الوجداني الإيجابي سوف تأتي، الزواج هو ميثاق غليظ، يقوم على الرحمة، على المودة، على السكينة، والمودة هي أعلى درجات الحب، بل هي أقوى منه، فاجعلي لزواجك هذه الأسس، وأنا أرى أيضًا هناك أساس آخر مهم للزواج، وهو الاحترام ما بين الزوجين، وقد قال عمر لمن أراد أن يطلق زوجته: (وهل لا تبنى البيوت إلا على الحب) وإن شاء الله تعالى أنت حريصة على ذلك.

وحاولي أن توصلي هذا الحب لزوجك، وسيتحول إلى حب حقيقي، هذا الكلام مجرب ومعروف، وفي ذات الوقت عززي مواقف زوجك ومشاعره فيما تتفقان فيه، وحاولي أن تجدي له العذر فيما تختلفان فيه، هذا أمر مهم جدًّا، ويجب أن يكون لديك الفطنة والكياسة، كوني بشوشة في وجه زوجك، رتبي له أمور البيت، اجعليه فعلاً يعيش في سكينة، وهذا سوف ينعكس عليك بمردود إيجابي جدًّا.

أما موضوع العصبية والتوترات والوساوس، فهذه قطعًا لا تساعدك في التنشئة الزوجية الصحيحة، ولا بد أن تعالجي هذا الأمر، وأنا أعتقد أن استعدادك وقابليتك وحساسيتك وربما هشاشتك النفسية هي التي جعلتك في هذا الوضع.

أنا أفضل أن تقابلي طبيبًا نفسيًا إذا كان ذلك ممكنًا، وإن لم يكن ممكنًا هنالك دواء واحد أراه سوف يكون مفيدًا لك جدًّا؛ لأنه دواء يتمتع بخاصية معينة في علاج قلق المخاوف الوسواسي، وأنت تعانين من الواضح من قلق المخاوف الوسواسي المصحوب بأعراض الإحباط. الدواء هو (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، وله مسميات تجارية كثيرة منها (لسترال) و(زولفت).

الجرعة المطلوبة هي أن تبدئي بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا – تناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة كاملة، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين – أي مائة مليجرام- تناوليها ليلاً، وهذه هي الجرعة الوسطية حيث إن جرعة هذا الدواء يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لمثل هذه الجرعة.

استمري على جرعة الحبتين ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر أخرى، وهذه هي الفترة الوقائية، بعد ذلك خفضي الدواء واجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة ليلاً يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر.

الدواء سليم وسوف تحسين بفائدته وفعاليته بعد أربعة إلى خمسة أسابيع من بداية العلاج، وهو غير إدماني وغير تعودي، ويعتبر من الأدوية السليمة في أثناء الحمل، لكن قطعًا لا ننصح باستعمال أي دواء في أثناء الحمل.

عليك بالحرص على التفكير الإيجابي، عليك بالدعاء والصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن، وأن تحسني الظن بالله أولاً، ثم بزوجك وبنفسك وبأسرتك وبمقدراتك.

بارك الله فيك ، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net