مشاكلي مع أهل زوجي سببت نفوري من الناس، ما الحل؟
2013-08-10 07:26:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا متزوجة -والحمد لله- من سنتين، -والحمد لله- ربنا رزقني بالذرية، لكن أنا نفسياً متعبة جداً من قبل زواجي بمدة بسبب أهل زوجي، تعرفت بزوجي عن طريقهم، كنا على صلة قوية بأهله قبل خطوبتي، وهم رشحوني له، وكانوا يعاملونني مثل ابنتهم تماماً، وكنت أظن أن بيئتنا واحدة، وللأسف بدأت تدريجياً أحس الفرق بيننا، في البداية لم يلزمه أهلي بشيء، وقالوا له: هات ما تستطيع، ونحن سنقدم ما نستطيع. مع أن مستوى أهلي أعلى من مستواهم لحد ما، أحسست بالطمع من والدته، أخبرت أبي أنها لن تستطيع تقديم (شبكة) في الوقت الحالي، فجاؤوا بشيء رمزي، وبدأت تدريجياً تحاول أن تشترط عليّ، فتريديني أن أخدمها رغم أنها بصحتها ولديها بنات، وأنا فتاة مدللة جداً في حياتي، وفي حياتي لم تهن كرامتي، ولم أسمح لأحد بمعاملتي بطريقة سيئة.
لما تزوجت للأسف تغيرت طريقة أهله معي، في البداية صدمت، وبعدها أصبحت أقف لهم على أي شيء مهما صغر، ويكون فعلهم ثقيلاً على قلبي، أشعر أنهم لا يحبونني لأنهم لم يستطيعوا التحكم بي، وأنا لم أعطهم الفرصة، ومن بداية حياتي حرصت أن لا يتدخلوا فيها، لكني خائفة أن يتدخلوا في تربية أولادي، أرى أن عندهم عقد نقص كثيرة، وأنهم غير قنوعين ودائماً ينظرون لما في أيدي الناس، وأنا تربيت أنه يمكنني الاستغناء عن الناس، أهم الأشخاص عندي والداي وزوجي وأخواتي وأولادي، والبقية لا يهمونني، أنا متعبة ولم أعد أعرف كيف أفرح، وأحس بأني مخنوقة، ونافرة من الناس من حولي، أحس أن الناس سيئون للغاية، ولا يستحقون أن أتعرف عليهم، وأنهم كلهم منافقون، ولم أعد أثق بأحد.
أعتذر عن الإطالة، مع أن لدي كلام كثير، أرجو حلاً لمشكلتي التي لا أدري ما هي أصلاً!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ن ا ج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يصلح لنا ولك النية والذرية، وأن يعينك على الخير، ونؤكد لك أن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم، خير من المؤمنة التي لا تخالط ولا تصبر، وأرجو أن تعلمي أن الحياة مدرسة، وأن الإنسان لا بد أن يواجه صعوبات، وأن المرأة لا يمكن أن تجد رجلاً هو طيب وأهله طيبون، وخالاته وعماته وأخواته طيبات، هذا قد يصعب، ولذلك من المهم جدًّا أن يُهيئ الإنسان نفسه لكيفية مداراة الناس، والتعامل معهم، والإحسان إليهم، والصبر عليهم، خاصة أم الزوج، فإنها غالبًا ما تتملكها في مثل هذه الأحوال الغيرة من هذه التي جاءت تأخذ ما في جيب ابنها وحبه.
والأمر يحتاج منك إلى حكمة وصبر، ويحتاج من زوجك إلى تفاهم لهذا الذي يحدث، ورغم أنه لم ترد الإشارة إلا أننا نقدر أن الزوج يشعر بمعاناتك، وتجدين منه التأييد والمناصرة والمعاونة، وليس من الضروري أن يخسر أهله، وليس في ذلك مصلحة، بل عليك أن تشجعيه بالإحسان إلى أهله، ومن أجله أرجو أن تصبري على ما يأتيك من الأذى، مثل ما يقول أهلنا المصريون (من أجل عين تكرم ألف عين)، فينبغي أن تكون هذه هي القاعدة.
واعلمي أن الإنسان عندما يتعامل في مثل هذه الأمور، هذه أشياء متوقعة، ولكن الفرق هو كيفية التعامل معها، ونحن لا نريد أن توسعي الدائرة، فلا تُشعري الناس أنهم غير مهمين، لأن هذا سيزيد من العداء، وسيزيد من الحسد، وسيزيد من المشكلات، ولكن عامليهم معاملة عادية، خذي منهم ظاهرهم، انتبهي لزوجك ولأبنائك، قومي بواجباتك كاملة تجاه ربك تبارك وتعالى، دائمًا ادفعي بالتي هي أحسن كما هو التوجيه القرآني، لا تحاولي أن تردي السيئة بمثلها، لا تتربي على ثقافة المسلسلات، التي فيها لا بد أن تكوني في صراع مع الحماة، لا، مهما كانت الحماة، مهما كانت قسوة هذه المرأة الكبيرة، فإنك تستطيعين أن تؤثري عليها بالصبر والإحسان والابتسامة، وتعتبريها امرأة كبيرة، فهي في مقام الأم، والواحد منا لا بد أن يحتمل أحيانًا من والديه بعض المواقف الصعبة، فاعتبريها في هذا المقام، واعلمي أن صبرك عليها أيسر عليك، وأوفق لك وأخف ضررًا من المقابلة والمواجهة، والاعتزال والإساءة والكلام عنهم ومجاراتهم في الكلام السيء، لأن هذا يجلب لك المتاعب، ولعل هذا هو السر، أنك تضخمين الأمور وتعطيها أكبر من حجمها.
وإذا كان هذا الرجل اختارك ورضيك زوجة، -والحمد لله- أنجبت منه، فإن هذا دليل على أنه يُحبك، وما حصل من تغير بين عالم النساء فهذا أمر متوقع، ولست وحدك، فكثير من الناجحات واجهن مثل هذه الصعاب، لكن الفرق هو أن المسلمة ينبغي أن تحصر المشكلة في إطارها الزماني والمكاني، ولا تضخم هذه الأمور، ولا تقف عندها طويلاً، واعلمي أن من أراد الشر، فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله، ومن أراد الخير، فمرحبًا به وبالخير الذي يأتي عن طريقه، واعلمي أنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله تبارك وتعالى لك.
وحاولي دائمًا أيضًا تجنب نقاط الاحتكاك، الأمور التي تثير الجدل أو تثير المشاكل، ولا شك أنك عرفت الأمور التي تعجبه، والتي لا تعجبه، لو نجحت في تفادي مثل هذه المواقف والأمور، فإن هذا سيكون مفتاحًا وبابًا كبيرًا لسعادة طويلة، تمتد لك بتوفيق من الله وتأييد منه سبحانه وتعالى.
وإذا كانوا ينظرون لما في أيدي الناس فهذا لا يضرك، فكثير من الناس ينظرون إلى ما في أيدي الناس، فكوني أنت على ما وهبك الله من القناعة والرضا بما عندك، ولا تبالي بنظر الناس، حاولي أن تحافظي على أذكار الصباح والمساء، والرقية الشرعية، والأذكار على هذا المولود والطفل الصغير، وكوني أيضًا حريصة على تربيته ورعايته، واعلمي أن الأم بعطفها وحنانها وإحسانها لطفلها، هي المؤثر الأكبر، بل إن الطفل لن يذهب إلا عند الأم التي يجد في حضنها الدفء والحنان، فأشبعيه بالعاطفة والاهتمام، واغرسي عنده الفضائل، ولا تتضايقي من وجوده بينهم، ولكن إذا كانت هناك آثار سالبة، عليك محوها بعد الرجوع من البيت الكبير.
ومن حقك أن تحافظي على الخصوصيات، ومن حقك أيضًا أن تطلبي من زوجك أن يتفهم هذا الوضع الذي يحدث، ولكن لا تُجبريه على أن يختار بينك وبين أهله، إنما طالبيه بأن يعدل بينكم، وأن يقوم بواجباته تجاه أسرته كاملة، وتجاه أسرته الصغيرة –عندك- يقوم بالواجبات كاملة، فإن الشرع الذي يأمره بالإحسان إليك، هو الشرع الذي يأمره ببر الوالدة والشفقة عليها والإحسان إليها.
ونحن نقول دائمًا: ما من امرأة تصبر على أم زوجها، إلا تكون العاقبة لها والنصر والتأييد والحظوة عندها، ومشوار الحية قصير، فإن الحياة لا تدوم بهذه الطريقة، وكفى بالموت مفرقًا للأحباب، ولمن يختصمون أيضًا، فلذلك يهمك تحسين العلاقة مع الزوج، وبقية الآخرين عليك بمداراتهم، والتعامل معهم بلطف وإحسان، ومقابلة السيئات بالحسنات، ونسأل الله أن يرفعك عنده درجات، ونشكر لك هذا التواصل، ونحن على الاستعداد إذا كانت هناك تفصيلات للمشكلات، حتى نحلل ونصل جميعًا إلى الحق والصواب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.