أم زوجي تختلق المشاكل وقد خرجت من البيت والآن ستعود إليه كيف أتعامل معها؟
2013-07-11 04:00:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ خمس سنين، ولكن منذ أول أسبوع من زواجنا أصبحت حماتي -وهي أيضا شقيقة والدي- تنشئ المشاكل على أشياء لا قيمة لها، يعني مثلا: (لماذا أظلم غرفتي عندما أنام؟ لماذا أشغل المروحة؟ وغير ذلك، ولسانها لا يحتمل من كلامها الكبير، و(زنانة) في رأس زوجي، ولكن الحمد لله زوجي لا ينصت لها بشيء؛ لأنه يعرفها، يقول لها: نعم صدقت لأجل ألا تزعل منه –تغضب-).
هي أيضا دعت علي وعلى ابني الصغير، وابني الذي مات بالنفاس، وعلى أهلي، وهم كما ذكرت أقارب، وأشياء كثيرة جداً، والله المستعان!
بعد هذه المشاكل ذهبت من عندنا إلى بيت أخيها؛ لأن زوجها مات قبل زواجنا وليس لها غير شابين، وابنها الكبير فعلت بزوجته كما فعلت معي وضربتها أيضاً، وهي لا تريد أن تعيش لا مع ابنها الكبير ولا مع زوجي، وهم تكلموا معها كثيرا وهي لا تريد إلا بيتا وحدها، وهم لا يستطيعون أن يفتحوا بيتاً آخر، والآن هي قبلت أن تأتي عندنا، ولكن أنا قلقة بشأن الأمور السابقة التي ذكرتها، أنا متأكدة أنها سوف تفعل أكثر من ذلك؛ لأن زوجها كان يشتكي منها كثيرا، فماذا أفعل؟
أرجو الإجابة في أقرب وقت، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك الصبر والحلم والأناة مع حماتك وأم زوجك وعمّتك، وأن يعينك على كسب قلبها والإحسان إليها، وأن يجعلكم جميعًا من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد في رسالتك -أختي الكريمة الفاضلة– فإنه مما لا شك فيه أن مثل هذه الخلافات تؤلم النفس وتجعل الحياة كئيبة، وتعدم الأسرة الأمن والأمان والاستقرار إلى حد كبير، ولكن لو أني سألتك سؤالا: ما هو الحل من وجهة نظرك أنت؟ هل يستطيع زوجك أن يتخلى عن أمه؟ هل أنت تودين ذلك؛ أن يتخلى زوجك وأخوه عن أمهما وأن يُلقيا بها في قارعة الطريق؟ قطعًا ستقولين: لا.
فإذن هذا أمر قدري لا يستطيع أحد أن يتدخل فيه بسهولة؛ لأن مما لا شك فيه أنها أصبحت سيدة كبيرة طاعنة في السن، ونشأت نشأة تعذر عليها الآن أن تغيرها، خاصة وأنك ذكرت من خلال كلامك أن زوجها –رحمه الله– كان يشتكي منها كثيرًا.
فإذن هذه هي صفاتها وتلك هي طبيعتها، ويتعذر على أي جهة من الأقارب أو زوجك أو غيره أن يغيِّر من سلوكها، فإذن نحن الذين يطلب منا الشرع والواقع الآن أن نغيّر من سلوكنا، أنا لا أطلب منها أن تغير سلوكها لأنه قد يكون متعذرًا، خاصة وأنه لا يخفى عليك أن الكبار غالبًا لا يتأثرون بسهولة.
ولعلك قرأت في كتب السِّير وكتب الدعوة كيف أن الكبار من أهل مكة لم يؤمنوا بالنبي -عليه الصلاة والسلام– ولم يؤيدوه في دعوته ولم يقفوا معه، بل وقفوا في وجهه، وكان من كلامهم كما سجّل ذلك القرآن الكريم: {أجعل الآلهة إلهًا واحدًا إن هذا لشيء عُجاب} بل قال أقرب الناس إليه: (ألهذا جمعتنا، تبَّا لك) فأنزل الله تعالى سورة المسد: {تبت يدا أبي لهب وتب}.
فكان تصرفهم هذا نتيجة أنهم تأثروا بالماضي وتعذر عليهم أن يتركوه إلى الحق، رغم أنهم كانوا يعلمون في قرارة أنفسهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام– ما جاءهم إلا بالهدى والنور والحق، ولذلك قال أبو طالب: (ولقد علمتُ أن دين محمدٍ من خير أديان البرية دينا) هذه شهادته في رسالة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام– ورغم ذلك لم يؤمن، ومات وهو يقول: (على دين المطلب).
إذن -أختي الكريمة الفاضلة أم علي– يتعذر تغيير سلوك الكبار في السن من الرجال والنساء؛ وبالتالي فإنا لا نستطيع أن نطالبها بالتغيير، وإنما من الممكن أن تكون نصائح عامة أو وصايا، أما الذي يتغير إنما هو أنت وزوجك وأبناؤها؛ لأنكم ما زلتم في ريعان الشباب ولديكم القدرة على التحمل والقدرة على تغيير آلية التعامل معها، وذلك بمزيد من الحلم والأناة وسعة الصدر.
وافترضي -أختي الكريمة أم عليّ– أن هذه أمك وتلك صفاتها، فماذا كنت ستفعلين معها؟ كم أتمنى أن تُنزليها منزلة أمك، وأن تعامليها كما تعاملين أمك، أعتقد أن الأمر سيختلف كثيرًا، بل إن إخوانك لو أنهم ضجوا من أمك فستأتي إليك، اعتبريها أمك وقد جاءت إليك بهذه الصفات التي تحملها ولا يوجد مأوى أو مكان إلا لديك.
أتمنى أن تضعيها في مكان والدتك، وأن تعامليها كما تعاملين والدتك، وأن تصبري عليها كما تصبرين على والدتك، ولا تفكري في الأمور السابقة التي وردت في رسالتك، ولا تجعليها مانعًا أبدًا من قبولها أو الإحسان إليها، ولا تجعليها أيضًا نصب عينيك في اتخاذ القرارات والتخوف من التعامل معها؛ لأن هذا كله في الواقع من عمل الشيطان، وأعتقد أنك لو كان هذا فكرك لن تستطيعي أن تتقدمي إلى الأمام خطوة في سبيل الإصلاح، بل ولن تستطيعي أن تستوعبيها، وبذلك قد تسببين للأسرة حرجًا كبيرًا؛ لأن زوجك قد يجد نفسه في موقف حرج ما بينك وبين أمه.
ولو أني سألتك: لو أنه طُلب من زوجك أن يضحي بواحدة منكما (أمه وأنت) فهل تتصورين أنه سيضحي بأمه؟ قطعًا ستقولين: لا، إذن أتمنى أن تقفي مع زوجك، وأن تتحملي معه، وأن تصبري معه، وأن توسّعي صدرك، وأن تصبري عليها الصبر الجميل، وأن تعامليها كأمك، وأن تتوجهي إلى الله بالدعاء أن يربط الله على قلبك، وأن يُصلح الله ما بينك وبينها، وأن يعينك على خدمتها وإكرامها.
هذا وبالله التوفيق.