أحس بنفور تجاه أبي وأمي وأكره الجلوس معهم في البيت
2013-07-09 02:50:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
طبعا ثقتي في هذا الموقع جعلتني أرجع إليه في أي سؤال يهمني، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم يا رب.
سؤالي: بالنسبة لي ولوالدي، والدي منذ الطفولة وأنا أخاف منه، لا أتجرأ أن أطلب طلبا منه إلا عن طريق أمي، وأحس نفسي بعيدا عنه، يعني لا أستطيع أن أحتضنه أو أقبله إلا نادرا يوم الجمعة فقط، اليوم الذي أقبل والدي بعد الصلاة، وأحيانا كنت أتهرب من تقبيله مع أني لا أغضب والدي في أي شيء؛ إلا في أشياء بسيطة طوال عمري وأنا على هذا الحال إلى أن أصبحت الآن شابا.
قبل فترة أكملت دراستي الثانوية، وكنت في دراستي لا أحس بأي اهتمام، إلا لماذا لا تذاكر؟ أنت فاشل، مع أني أحيانا كنت أتفوق ولكن يكون التشجيع من والدتي، أكلمت الثانوية وذهبت إلى بلد آخر غير نظامي، وجلست فيها ما يقارب عشرة أشهر وعدت بعزيمة على أن أكمل الجامعة، لكني عندما عدت وجدت كثيرا من العقبات، أكثرها مصاريف الجامعة، توقفت عن الجامعة وسافرت إلى بلد عربية، وأنا الآن في الشغل مع والدي في نفس الشركة، عندما أكون مع أصدقائي أضحك معهم وأمزح، لكن مع والدي أحس بنفور حتى أني لا أتخيل أني سأحتضنه، لا أعلم لماذا! وأحيانا أتكلم معه بحدة، وبعدها بقليل أقول: أنا غلطان كيف أتكلم مع والدي بهذه الطريقة.
المهم أنا على هذا الحال، حتى أني لا أحب أي تصرف له، أراه إنسانا ناقصا، كله عيوب، أقبل رأسه مرة في الأسبوع، وأحيانا لا، لا أعرف ما سبب هذا النفور، مع أني حاولت مرات ومرات، وقرأت كتبا دينية لكن لا فائدة.
أحيانا أحس بأني أكرهه ولا أطيقه، ولا أحب الأكل معه، وكذلك والدتي؛ عندما كنت في بلدي كنت أكره البيت، أحب الجلوس في الشارع، وكنت أحس بحب وميول إلى خالتي أكثر من أمي، مع أن أمي تحبني كثيرا لكن أحيانا كنت أغضبها بشيء بسيط لا أستطيع أن أحتضنها وطلب السماح إلا نادرا، وأنا في السفر أحس بشوق كبير لها وأقول لو أني أعود سأقبل رجلها، أخاف أن أرجع وتعود لي عادتي في كره الجلوس في البيت، وعدم إرضاء أمي كثيرا.
أرجو إفادتي وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يرزقك بر والديك، وأن يحبب ذلك إليك ويزينه في قلبك.
اعلم يقينا -أيها الولد الحبيب- بأنك مهما فعلت من بر وإحسان إلى والديك فإنك لن توفيهما حقهما، ولن ترد إليهما الجميل الذي أسدياه إليك، فهما سبب وجودك في هذه الدنيا، وهما من قاما على رعايتك وحفظك في وقت ضعفك، أطعماك وأنت فقير، وتعهداك وأنت ضعيف، يسهران عليك لتنام، وإذا أصابك شيء من الوجع، قامت دنياهما ولم تقعد.
أمك حملتك كرها، ووضعتك كرها، وتجرعت من الآلام والغصص في حملك وولادتك، وتعنت وتعبت كل التعب في تربيتك، أبوك كد النهار من أجل أن يوفر لك لقمة العيش، كانا يحسنان إليك مع ضعفك مع كامل محبتهما لك، يتمنيان لك البقاء، ويحبان لك العافية والصحة، ويخدمانك بلطف ومحبة ورغبة، ويقبلان لك بكامل الشوق، يفعلان ما يفعلان والدافع لذلك كله الحب لك، والحرص على منافعك.
وإذا تصورت هذا وتذكرت تلك المشاهد والمواقف فإنك ستعلم مدى إحسانهما إليك، إنك لن تقدر -أيها الحبيب- على الوفاء بحقوقهما؛ ولذلك لا سبيل لك إلا الشعور بالتقصير والاعتراف بالعجز، مع الإدمان والإكثار بالدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والعافية، وأن يأجرهما الله خير الأجر على ما قدماه لك، مع الحرص التام على الإحسان لهما بكل قول وفعل، وهذا هو البر.
وقد جعل الله تعالى حق الوالدين قرين حقه، وجعل التوصية بالقيام به قرين التوصية بتوحيده وعبادته:{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}.
مما يعينك -أيها الحبيب- على محبة والديك أن تتذكر دوما جميلهما وإحسانهما، فإن النفس مجبولة على حب من أحسن إليها، والنفوس الطيبة تدعو أصحابها إلى حب المحسن، وليس ثم أحد من الناس من الذين تعيش معهم أعظم إحسانا إليك من والديك، فهذه هي الفطرة المستقيمة والطباع السليمة التي تدعو أصحابها إلى الإقرار إلى أصحاب المعروف بمعروفهم والثناء عليهما بما قدماه، وحبهما لما أسديا إليك من إحسان.
اجتهد في الإحسان لوالديك بكل ما يدخل عليهما السرور، من كلمة أو بذل مال، أو خدمة، أكثر من الاتصال بهما، أسمعهما منك الثناء الجميل والعطر، والدعاء لهما، والاعتراف بفضلهما، فإن هذا يدخل السرور إلى قلبيهما بلا شك.
وكن على ثقة -أيها الحبيب- أن فعلك ذلك سيجر عليك خيرا عاجلا وآجلا، فبركة عمرك ورزقك وصلاح أولادك في مستقبلك ثمرة لإحسانك إلى والديك، وإذا قمت بذلك الإحسان والبذل، وتجنبت العقوق والإساءة، فإن الله عز وجل سيتجاوز لك عما قصرت فيه، كما قال الله في سورة الإسراء بعد الوصية بالوالدين: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} ثم قال: {ربكم أعلم بما نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا} فالله عز وجل يعلم ما في نفسك، فإذا علم منك البر لوالديك والاعتراف لهما بالفضل فإنه سيتجاوز عما بدر منك من تقصير في بعض الأحيان.
استعن بالله واسأله بصدق واضطرار أن يعينك على القيام بحقوق والديك، وسيتولى عونك، ونسأل الله تعالى أن يتولى عونك في أمورك كلها، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.