الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سوسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فالوساوس القهرية يجب فعلاً أن يتعامل معها الإنسان بالتجاهل وبالتحقير، وحين تكون الفكرة ملحة ومسيطرة اجعليها تنساب كالماء في عقلك، تخيليها كأنها ماء ينساب في جدول، وقطعًا لابد للماء أن ينقطع في يوم من الأيام أو في لحظة من اللحظات، اجعليها أمرًا عابرًا في حياتك، لا تحلليها ولا تفسّريها، لا تناقشيها ولا تحاوريها، إنما حقّريها، واعتبريها مناسبة وفي حالة مرور، وليس سكونا وسيطرة، هذا مهم جدًّا، وأشغلي نفسك وعليك بحسن إدارة الوقت؛ لأن في ذلك أيضًا صرف الانتباه عن الوسواس.
وقطعًا التجاهل مهم لمقاومة الوساوس، والوساوس أيضًا يستفيد صاحبها كثيرًا إذا حرص على تمارين الاسترخاء، وهذا ليس مستغربًا، لأن الوساوس له مكوّن قلقي قوي جدًّا، والقلق أحد الوسائل التي تدفعه وتبعده عن الإنسان هو الاسترخاء، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (
2136015) أرجو أن تطلعي عليها وتطبقي ما بها من تفاصيل.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أشكرك جدًّا على حسن ظنك في الأدوية، لأن الأدوية بالفعل ساعدت وغيرت حياة الناس فيما يخص علاج الوساوس القهرية، وهذا الأمر ليس مستغربًا، لأنه اتضح وبما لا يدع مجالاً للشك أن تأثر كيمياء الدماغ –خاصة المادة التي تسمى السيروتونين– هو أحد العوامل الرئيسية التي تسبب الوساوس القهرية أو تساعد في استمرارها، وتنظيم هذه المادة من خلال الأدوية وجد أنه وسيلة علاجية فعالة جدًّا، لكن لا نستطيع أن نقول أن الأدوية هي الحل الأساسي أو الوحيد، لا، الأدوية لها دور كبير، لكن التطبع والتدرب السلوكي، وبإصرار على تحقير الوساوس ولفظها هو الذي يفيد أكثر، والإنسان قد لا يستطيع مقاومة وساوسه دون أن يتناول الدواء، فإذن الدواء يُفكك أواصر الوسواس، ويجعل من السهولة بمكان للإنسان أن يتعامل معها سلوكيًا بعد ذلك.
الأدوية كثيرة جدًّا، والفافرين هو أحدها، ومن الأدوية التي أثبتت الأبحاث أنها ممتازة عقار (زولفت) الذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين)، وكذلك عقار (فلوكستين) الذي يعرف علميًا باسم (بروزاك)، أنا لست متأكدًا إن كان هنالك منتج تجاري في المملكة العربية السعودية للفافرين، وإن وجد هذا المنتج قطعًا سوف يكون ممتازًا، لأن ضوابط إدخال الأدوية في المملكة العربية السعودية صارمة جدًّا.
بالنسبة للفافرين: تُبنى جرعته تدريجيًا، وهو من الأدوية الممتازة ولا شك في ذلك، تبدئين بخمسين مليجرامًا، تناوليها ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعلين الجرعة مائة مليجرام، تتناولينها أيضًا ليلاً، وتستمرين عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك تجعلينها مائتي مليجرام، وهذه جرعة جيدة، جرعة وسطية لعلاج الوساوس القهرية، بعض الناس يحتاجون إلى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، لكن لا أعتقد أنك سوف تحتاجين لهذه الجرعة، جرعة المائتي مليجرام يوميًا يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر على الأقل، ويمكنك تناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو تتناولي مائة مليجرام صباحًا ومائة مليجرام ليلاً، لكن في هذه الحالة إذا سببت لك النعاس، يُفضل أن تنتقلي إلى الجرعة الليلية فقط، وتتوقفي عن الجرعة النهارية، بمعنى أن تكون الجرعة مائتي مليجرام ليلاً.
بعد انقضاء الأربعة أشهر ادخلي في المرحلة الوقائية العلاجية، وهي أن تجعلي الفافرين مائة مليجرام، تناوليه لمدة أربعة أشهر أيضًا، ثم بعد ذلك تخفضي الجرعة إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء، هنا نكون قد انتهجنا المنهج العلمي الصحيح، ووضحنا لك خطوات تناول الدواء، وهذا الدواء لا يتناقض أبدًا مع حبوب الفيتامين أو الحديد، أو أي مركب آخر تودين تناوله مثل المضادات الحيوية مثلاً.
بالنسبة للبديل الآخر للفافرين، هو عقار (فلوكستين) الذي يعرف باسم (بروزاك)، وربما يكون هنالك مستحضر تجاري بالمملكة، والجرعة هي أن تبدئي بعشرين مليجرامًا ليلاً بعد الأكل، تستمرين عليها لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك تجعلين الجرعة كبسولتين تستمرين عليها لمدة ستة أشهر، ويمكن تناولها كجرعة واحدة، ثم تخفضينها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.
هذه الأدوية غالبًا فعاليتها تبدأ بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع، وقطعًا من خلال هذه المدة لن تزداد الوساوس أبدًا، بالعكس تمامًا، الكثير من الناس يحس بالارتياح لأنه يعرف أنه قد بدأ برنامجًا علاجيًا مفيدًا، فإذن أمامك الخيار ما بين الفافرين وبين الفلوكستين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.