كيف أصل لدرجة الإيمان؟
2013-03-08 10:09:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
كيف أتمتع بالإيمان؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ rihem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يُذيقك حلاوة الإيمان، وأن يمنَّ عليك ببرد اليقين، وأن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدينا جميعًا وسائر المسلمين إلى صراطه المستقيم.
وبخصوص ما ورد في رسالتك - أخي الكريم الفاضل –:
فإنه مما لا شك فيه أن التمتع بالإيمان من أعظم النعم التي يُنعم الله بها على عباده، لأن الإنسان عندما يشعر بأن العبادة صارت متعة وقرة عين له، يشعر بأنه في الطريق الصحيح، وفي نفس الوقت أيضًا يجد في نفسه همّةً عالية في أداء المزيد من أعمال الإيمان، وعندما يتحدث عن الإيمان يتحدث عنه بذوق خاص، وطعم خاص، وكلام خاص، وحتى يتمتع الإنسان بحلاوة الإيمان يحتاج إلى أن يُطبق أعمال الإيمان، لأننا كلما طبقنا أكبر قدر ممكن من أعمال الإيمان في حياتنا، كلما أثمرت هذه التطبيقات حلاوة يجدها المؤمن في قلبه، ومن ذلك ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وجُعلت قُرَّة عيني في الصلاة)، فالنبي – صلوات ربي وسلامه عليه – كان يستمتع بالصلاة، ولذلك كان يُطيل الوقوف بين يدي ربه ومولاه حتى تتفطر – أي تتورّم – قدماه، ولا يشعر بأي ألم أثناء الوقوف بين يدي مولاه جل جلاله، ولكنه يجد الألم والمشقة بعد انتهاء هذا اللقاء الطيب الرائع، لماذا؟ لأنه عندما كان بين يدي الملِك سبحانه كان مستمتعًا بلقاء الملِك سبحانه وتعالى.
ومن هنا قال ابن القيم – عليه رحمة الله تعالى – ونقل مثل ذلك عن شيخه ابن تيمية – رحمه الله –: أن الإنسان إذا صلى ولم يجد حلاوة الصلاة في داخل الصلاة، فليعلم أن قلبه مَدْخول – ومعنى مدخول: أن في قلبه شيء، – لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (وجُعلت قرة عيني في الصلاة)، فكل من صلَّى على طريقة النبي - عليه الصلاة والسلام – يجد المتعة في الصلاة، أما لو صليت ولم تشعر بأنك قد صليت، وإنما قمت بأداء حركات أشبه ما تكون بالرياضة – من قيام وركوع وسجود وغير ذلك – ثم لم تشعر بأي تغير في قلبك، فمعنى ذلك أنك في الواقع ما صلَّيت الصلاة التي ترفعك عند مولاك، وتُعلي مقامك عنده، وتبرأُ بها ذمتك.
هذا فيما يتعلق بجانب التمتع.
أما من الناحية الشرعية: فأنت قد أديت الصلاة، وتكون بذلك قد امتثلت الأمر، ولم يقل أحد بأن هذه الصلاة غير صحيحة.
كذلك أيضًا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ذاق طعم الإيمان: من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم – نبيًّا ورسولاً)، إذن هنا أيضًا حلاوة، وهنا طعم، والرضا هنا معناه الالتزام بمنهج الله سبحانه وتعالى، وتنفيذ أوامر الله على طريقة النبي المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم -.
كذلك أيضًا من العوامل التي تؤدي إلى التمتع بحلاوة الإيمان، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سِواهما ...) فحتى نتمتع بالإيمان، ونجد حلاوة الإيمان، ينبغي أن نجعل المحبوب الأول لدينا هو الله، وأن نجتهد في ذلك، فلا نقدم على الله أحدًا، مهما كان شأنه، ومهما كانت منزلته، وإنما نُقدِّم الله الواحد الأحد على كل أحد، نقدّم ما يُرضي الله تعالى على ما يُرضي غيره، ولا نساوم على هذه المسألة أبدًا، وتبعًا لذلك محبة النبي - عليه الصلاة والسلام – إذ قال الله تعالى: {قل إن كنتم تُحبون الله فاتبعوني يُحببكم الله}.
إكمالاً للحديث: (وجد بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يُحب المرء لا يُحبه إلا لله)، بمعنى أن نجعل علاقاتنا مع الناس على أساس الإيمان، فنحب أهل الصلاة وأهل التقى والصلاح، ونبغض غيرهم من الذين يُعادون الله ورسوله، أو يصدون عن سبيله، أو لا يطبقون شرعه.
كذلك أيضًا إكمالاً للحديث: (وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار)، بمعنى أن أُحبُ الإسلام، وأرى أن الإسلام أعظم نعمة، وأنه أجمل هدية، وأنه أزكى عطية، أكرمني بها مولاي سبحانه وتعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه، ولذلك أحتفي وأفتخر بأني مُسلم، وأتباهى بذلك بين الخلائق، لأن الله مَنَّ عليَّ بأجل النعم، وهي نعمة الإسلام، أو نعمة الإيمان، ولذلك قال الله تعالى: {يَمُنُّون عليك أن أسْلموا قل لا تمنوا عليَّ إسلامكم بل الله يمنُّ عليكم أن هداكم للإيمان}، فأشعر فعلاً بنعمة عظيمة أن الله أكرمني بها، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (لولا أنتَ – يعني الله – ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلَّينا).
أرى أن الفضل كله لله، ولذلك أتوجه إليه بالدعاء أن يثبتني على الحق، وهذا ما كان يقوله النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم يا مُقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وكان عبد الله بن عباس – رضي الله تعالى عنهما – يقول: (اللهم لا تَنْزِعني من الإسلام، ولا تَنْزِعَ الإسلام مني)، فأنا أدعو الله تعالى أن يثبتني على الدين، ويثبتني على الإيمان، ثم أجتهدُ في تطبيق أكبر قدر ممكن من التكاليف الشرعية، وكلُّ شيء أطبقه في حياتي سأجدُ له حلاوة، فالذكر له حلاوة، وقراءة القرآن لها حلاوة، والاستغفار له حلاوة، والدعاء له حلاوة، والصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – لها حلاوة، كذلك الوضوء، وكذلك الصيام، وكذلك الصدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، كل شيء له حلاوة.
فكلما طبقت مزيدًا من أعمال الدين، كلما استمتعت بذلك، ووجدت بذلك أثرًا في قلبك، وأثرًا في نفسك، وأثرًا في حياتك.
وإذا لم أجد هذا الأثر، فمعنى ذلك أن هذا العمل فيه دخن، وأنه ليس سالمًا من المآخذ، لأن الله تبارك وتعالى جعل هذه المتعة أثرا مترتبا على العبادة الصحيحة، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والصلاة نور)، فإذا لم يستفد الإنسان من الصلاة في أن يكون بصيرًا، وأن الله تبارك وتعالى يقذف في قلبه التوفيق والسداد، معنى ذلك أن الصلاة تحتاج إلى إعادة نظر.
فأوصيك ونفسي – أخِي الحبيب – بالإكثار من أعمال الإيمان وأعمال الدين، خاصة الأعمال التي يترتب عليها قذف الإيمان في القلب بقوة: كالصلاة، وقراءة القرآن، وذكر الله تعالى، والاستغفار، والصلاة على النبي المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم –، وغير ذلك من أعمال الإيمان.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من عباده المتقين، ومن أوليائه المقربين الذين قال فيهم: {ألا إن أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البُشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}.
هذا وبالله التوفيق.