الخوف الزائد يقلقني ويبعدني عن الحفلات.. ساعدوني
2013-03-20 03:16:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على جهودكم المبذولة في هذا الموقع، وجزاكم الله خير الجزاء.
أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما، أعاني من الخوف والرهاب الزائد عن اللازم، فعند حدوث أدنى مشكلة مع شخص أبدأ بالتعرق، وتزداد نبضات قلبي، وترتجف يداي ارتجافا واضحا، وأظل أفكر في ذلك الموقف طوال اليوم، حتى صرت لا أنكر المنكر، ولا أبدي بعض آرائي خوفا من ذلك الشعور الغريب الذي يراودني عند حدوث أدنى مشكلة بسيطة، وخوفا من أن لا يلاحظ من معي تلك الرعشة والتعرق.
انتقلت تلك الحالة معي حتى في الصلاة، فعندما أؤم الناس في صلاة جهرية تبدأ يداي بالارتجاف ويتصبب العرق مني، وأبدأ بالتأتأة في القراءة بشكل واضح ومخجل.
فأرجوكم أن تجدوا لي مخرجا، خصوصا أني صرت لا أدافع عن نفسي خوفا وتهربا من ذاك الشعور مع أني اجتماعي، وأحب مخالطة الرجال في المجالس والحفلات.
أود أن أعلم ما هي هذه الحالة؟ وما أسبابها؟ وما أفضل طرق التخلص منها، والأدوية المناسبة لها بشرط ألا تكون إدمانية؟
نفع الله بكم، وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
حالتك هي من الحالات التي تندرج تحت ما يُعرف بقلق المخاوف، ومخاوفك أخذت الطابع الاجتماعي، ولذا يمكن أن نسميها: درجة بسيطة إلى متوسطة من الرهاب الاجتماعي.
وطرق العلاج – أخِي الكريم – متوفرة، وإن شاء الله تعالى سهلة، لكنها تتطلب منك الالتزام، وكذلك إرادة التحسن، وإرادة التحسن هو شعور داخلي ينبع لدى الإنسان إذا أصرَّ على أنه يجب أن يغيّر نفسه، وكان مُدركًا لحقيقة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فأرجو أن تنتهج هذا المنهج.
ومن الأمور المهمة جدًّا هي: التفكير الإيجابي، الإيجابية في كل شيء، في كل خطوة تخطوها في حياتك، الأفكار السلبية سوف تطاردك، وهي تطاردنا دائمًا، لكن الإنسان بقوة شكيمته وإدراكه المعرفي المستبصر يستطيع أن يبدّل الفكر السلبي إلى فكر إيجابي، وهذا يُخرج الإنسان تمامًا من حالات القلق والمخاوف والتوترات، وينتج عن ذلك حُسن المزاج.
الأعراض التي تُصيبك هذه – خاصة الأعراض الجسدية، بشعورك بالارتجاف وتصبب العرق، وموضوع الرعشة - وحتى المشاعر الداخلية النفسية التي جوهرها الخوف، أنا أؤكد لك أنها مشاعر مبالغ فيها، هذا لا يعني أنك متوهمًا أو متصنعًا للمرض، لا – حاشاك – أنت لديك ظاهرة نفسية معروفة، لها معاييرها التشخيصية، لكن الناس لديهم مفاهيم خطأ حول هذه الحالة.
فأنا أريدك أن تُجسّد الحقيقة التي ذكرتها لك، وهي أن مشاعر الخوف والرهبة وما يُصاحبها من أعراض جسدية بالطريقة التي تحس بها هي أن هذه الأعراض تتضخم وتتجسّد في نظرك وفي مشاعرك، إذن هي أقل بكثير مما تتصور.
أحد الإخوة قال لي أنه يرتعش ويتعرق ويتلعثم أمام الآخرين، طلبتُ منه أن يبحث عن وسيلة يُصور بها نفسه في هذه المواقف، وبالفعل قام بأخذ بعض لقطات الفيديو، ومن ثم ناقشتها معه، واتضح بالفعل أن ما كان يسيطر عليه من خوف في تلك اللحظات وما كان يراه عن نفسه من تلعثم ورعشة ورجفة وتعرق، اتضح أن هذا كله ليس صحيحًا، هنالك أشياء أو درجات بسيطة جدًّا من هذه الأعراض، لكنها كانت أقل بكثير وكثير مما كان يتصوره.
فهذه الحقيقة (أخِي) يجب أن تتفهمها وتُجسّدها، لأنها سوف تفيدك كثيرًا، والحقيقة الأخرى هي: أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك، فما يظهر لك من تلعثم أو رجفة ليس ملاحظًا من قِبل الآخرين.
الأمر الثالث: أنا أؤكد لك أنك لن تفقد السيطرة على الموقف، حتى وإن بدا لك الخوف والتوتر في بداية التفاعلات الاجتماعية، وحتى حين تُصلي بالناس لن تفقد السيطرة على الموقف أبدًا، القلق سيكون شديدًا نسبيًا في البداية، لكن بعد ذلك يبدأ في الانحسار والتقلص حتى ينتهي تمامًا، لذا نحن نعتبر هذا الخوف أو القلق المبدئي التمهيدي قلقًا مفيدًا، لأنه هو الذي يُحرك الإنسان نفسيًا وجسديًا وفسيولوجيًا وسلوكيًا من أجل أن يكون أدائه حسنًا، لكن قطعًا حين تخرج الأمور عن النطاق المقبول، هنا تبدأ التوترات، فأرجو أن تطمئن.
النقطة الرابعة – وهي مهمة جدًّا – : من أفضل وسائل العلاج هي أن تفعل ضد مشاعرك في هذه المواقف، وذلك من خلال تحقير هذه المشاعر، واستبدالها بما هو ضدها، بمعنى أن تتواصل أكثر مع الناس، أن تكون لك القدرة والشعور بالشجاعة والثقة بالنفس، وألا تخاف الفشل أبدًا، وإن شاء الله تعالى سوف تتوفق.
النقطة الأخيرة هي: ضرورة أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، وأنا أقول لك: نحن من حيث المبدأ ضد الإدمان وضد المدمنين، لا نعني أننا ضدهم، وأننا نكرهم، لكن سلوكهم غير مقبول لدينا، ونحاول دائمًا نُصلح من شأنهم بقدر ما نستطيع - بإذن الله تعالى - .
من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك عقار (لسترال) والذي يسمى أيضًا تجاريًا (زولفت) واسمه العلمي (سيرترالين) والجرعة المطلوبة هي: أن تبدأ بنصف حبة – خمسة وعشرين مليجرامًا – تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
هذا الدواء من أبسط الأدوية، والجرعة التي وصفناها لك بسيطة، وأنا على ثقة تامة أنه سوف ينفعك كثيرًا - بإذن الله تعالى - .
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.