تقصير أهلي في دينهم يؤرقني فهل من نصيحة؟
2013-02-09 16:30:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الطيب، ونفع الله بكم.
أما بعد:
أنا أختكم من تونس، من الله علي بالالتزام منذ سنوات، وبعد الثورة فُتحت لنا الآفاق، وتعلمنا أمورا كثيرة كنا نجهلها، ولله الحمد والمنة.
أنا الآن أدرس في أكاديمية للعلم الشرعي إلى جانب دراستي الجامعية، ومشكلتي أن أهلي غير ملتزمين البتة، يعني هم محافظون من الناحية الاجتماعية، ولكنهم تاركون للصلاة، وهذا أخطر شيء، والأمر يزعجني من جوانب عدة:
1- حزني عليهم من ناحية الخير الذي فاتهم والمصير الذي ينتظرهم إن هم لم يتوبوا، وأنهم ليسوا بأشرار، ولا يضرون الناس، ولا يرتكبون الكبائر، ولكن أي ذنب أعظم من ترك الصلاة!
2- حزني لأني لم أستطع التأثير فيهم، وتأنيب الضمير الذي لا يفارقني.
3- إحساسي أني لو كنت صادقة في حالي وعباداتي ودعائي لهم لتغير حالهم.
4- لا أجد منهم تشجيعا على طلب العلم، وعلى حفظ القرآن، بل ألاقي تثبيطا.
5- أحيانا أركن إليهم، وأضعف حين يغتابون أو حين يشاهدون مسلسلا، مع العلم أن مشاهدة المسلسلات والبرامج الغنائية والموسيقية كثيرة عندهم، ولتفادي ذلك تراني أغلب الأحيان في غرفتي لأني إن خرجت فيعني سأشاهد مسلسلا، أو أستمع للموسيقى، أو لغيبة أحد، والله المستعان.
6- وحتى أتواصل مع الناس فإني كثيرة المشاركة في موقع الفيسبوك إلى حد الإدمان أحيانا، لا لشيء إلا لأني أجد فيه أخوات لي يشاركنني الرؤية والأهداف، وأشعر أني أنفع -ولو بعض الشيء- الناس إن أنا نشرت مقطعا نافعا، أو حذرت من بدعة، أو ذكرت حديثا.
مع العلم أني تعرفت فيه على أناس غيروا في نظرتي للأشياء كثيرا والحمد لله.
7 - حينما تشعر بضعف الإيمان أو تسمع أحد الشيوخ يحذر من الانتكاسات تراه يقول عليكم ببيئة صالحة، غيروا بيئة السوء، فكيف يكون ذلك وهذه البيئة هي أهلي؟
8 - أدعو الله كثيرا أن يمن علي بزوج صالح ينقذني ويشاركني أفكاري وأهدافي، حتى في هذه يؤنبني ضميري، أقول في نفسي أتريدين النجاة بنفسك، وتتركين والديك وإخوتك في الضلالات غارقين!!
فأرجو الله أن يمن علي بزوج صالح يكون بهم رؤوفا رحيما، ويحمل هم دعوتهم، فهل من نصيحة أو قل نصائح لي؟
بارك الله فيكم، وجزاكم عنا خير الجزاء، ولا تنسوني من دعائكم.
والسلام عليكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غريبة في الديار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح أهلك، وبعودتهم إلى الصواب، وهنيئًا لأهلنا في تونس بهذه الفرصة التي أتيحت لهم، ونسأل الله أن يعين أهلنا في تونس حتى يعودوا لدورهم الكبير، أن يعيدوا ذكريات جامعة القيروان، أن يعيدوا ذكريات الفتح الإسلامي وبطولات أهلنا في هذا البلد الكريم، في نصرة ومناصرة هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وأرجو أن تحرصي على هداية أهلك، ولا تبتعدي عنهم، بل كوني معهم، واحتملي منهم، وترفقي بهم، ونحن دائمًا نريد لمن منَّ الله عليه –أو عليها– أن يكون شفيقًا بأهله، رحيمًا بهم، بأن يظهر لهم جمال الدين من خلال البر بالآباء والأمهات، ومن خلال الإحسان والشفقة على الإخوان والأخوات، من خلال حسن المعاملة واللطف والتدرج معهم، فليس من المعقول أن يُصبحوا صالحين في يوم واحد، ولكن ينبغي أن ندعو الله لهم، ثم ندعوهم إلى الله تبارك وتعالى، نتلطف معهم.
ابدئي بمن هو أعظم أثرًا، ابدئي بالوالدين، والدعاء للوالدين والدعوة لهم من الأمور العظيمة، لكن الإنسان عندما يدعو والديه إلى الهداية –إلى الله تبارك وتعالى– ينبغي أن يكون في منتهى اللطف، كما قال رب العزة والجلال عن نبيه الخليل حين دعا أباه إلى الهدى: {يا أبتِ لا تعبد الشيطان}، {يا أبت}، {يا أبت}، في منتهى اللطف، فإن الإنسان إذا أمر والديه بالمعروف ونهاهم عن المنكر ينبغي أن يكون لطيفًا جدًّا، حريصًا على إرضائهم، بل ينبغي أن تقدمي بين ذلك صنوفا من البر, وألونا من الإحسان, وألوانا من التقرب إليهم؛ حتى يعرفوا أن الدين هو الذي غيّرك، لأن الدين هو الذي يأمرك بحسن البر بهم, وتوصيل الخير لهم, وإخال السرور في نفوسهم.
وأرجو كذلك أن تختاري في دعوتك الأوقات المناسبة، فليس من الحكمة أن ندعوهم وهم قد اندمجوا في مسلسل -أو مصيبة من المصائب– ولكن نختار الأوقات المناسبة، والألفاظ المناسبة، ثم نبدأ فنذكر ما فيهم من إيجابيات.
أنت -ولله الحمد- ذكرت أنهم ملتزمون اجتماعيًا، وأنهم لا يؤذون أحدًا من عباد الله، فاجعلي هذا مدخلاً إليهم، قولي لهم (ما شاء الله أنتم عندكم خيرات كثيرة، وهذا طيب، والناس يمدحونكم ويُثنون عليكم، لكن ألا تهتدوا إلى الصلاة، ألا تصلوا من أجل أن تقر أعيننا بهذه الصلاة، لتكون مصدر خير لبيوتنا).
كما أرجو ألا تستعجلي النتائج، فإن الإنسان عليه أن يسعى، عليه أن يبذل المجهود والنصح له. ودائمًا –كما قلنا– لا بد أن تعطيهم حقهم وحظهم من الجلوس معهم والاهتمام بهم ورعايتهم، والصبر عليهم, وإذا كنت وأنت معهم وحصلت معصية فإنك -إن شاء الله– إذا كان هدف الإصلاح والنصح لا تتأثري، شريطة ألا تستمتعي معهم بالمعصية، ولكن تكوني في داخلك كارهة، ونافرة، وتحاولي أن تبحثي لهم عن البدائل الشرعية المفيدة لهذه الأشياء، من خلال المجيء بأشرطة وسيديهات أو فيديوهات تغير هذا الواقع الذي في البيت، والذي نعتقد أنه سيحتاج لبعض الوقت، ولكن بالحكمة والحنكة واللجوء إلى الله الذي قلوب العباد بين أصابعه يقلبها سبحانه وتعالى.
نسأل الله أن يعينك على هذا الخير، وهنيئًا لك بهذا الثبات، ونسأل الله أن يجلب لك الزوج الإيجابي الذي يكون له الآثار المباركة على أسرتك، وأنت -إن شاء الله– على خير، فاثبتي على هذا الطريق، وأنت في البداية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بصلاحهم، ونحن سنكون أيضًا عونًا لك، فاكتبي لنا بتفاصيل ما يحصل معك حتى نشاركك عن بعد في التوجيهات الدعوية والأساليب المناسبة حتى ننجح -بإذن الله تعالى– في هداية هذه الأسرة.
وبشرى لنا ولك في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا –طبعًا أو امرأة أيضًا– خير لك من حُمر النعم) نسأل الله أن يهيدنا وييسر الهدى إلينا، ونسأل الله أن يُكثر من أمثالك، وهنيئًا لأهلنا بهذه العودة إلى الله تبارك وتعالى.
ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.