خوف الفشل والتهرب من المسئولية... كيف أتغلب عليه؟
2013-01-16 12:37:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
مشكلتي تتلخص في حالة من القلق تنتابني حيال تكليفي بمهمة معينة أو حين التقدم أو الترشح لوظيفة معينة أو عمل معين خشية الفشل، فأبقى أفكر مراراً وتكراراً بشيء من التوتر والقلق، وأحياناً أبدي اعتذاري عن هذه المهمة وأحاول التهرب من المسؤولية خشية الفشل؛ مما يضيع علي كثيرا من فرص النجاح.
وفي الأيام القادمة -إن شاء الله- سأتقدم لوظيفة رئيس قسم، وأخشى أن أواجه نفس المشكلة من خلال التهرب من هذه الوظيفة، علما بأني في داخلي أتمنى أن أتطور مهنيا وأن أكون قيادياً ناجحاً، فما نصيحتكم لي في الأيام القادمة؟ وفي حال أن وفقني الله ونجحت في اجتياز هذه المرحلة ، كيف سأقوم بعملي على أكمل وجه حيث إن القسم يتطلب مهاما عدة، وأغلب الموظفين فيه أصدقائي، وبعضهم أكبر مني سناً، وهو مختلط رجالا ونساء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن القلق في أصله طاقة نفسية مطلوبة لتحفز الإنسان وتحضّر الجسد والنفس والوجدان وتجعلها في حالة استعداد للقيام بأداء مهمة معينة أو مواجهة ظرف اجتماعي معين، والجسم لابد أن يُهيأ نفسه إما للمواجهة والاقتحام أو الهروب، ومن الأمثلة التي تُساق دائمًا في كتب الطب أن الإنسان إذا واجه الأسد إما أن يقتله وإما أن يهرب منه، وكلاهما يتطلب عزيمة وقوة واستعدادا فسيولوجيا ونفسيا داخليا، تفرز الكثير من المواد الكيميائية التي تُحفز القلب وتزيد من ضرباته ليضخ كميات أكبر من الدم وينتشر الأكسجين بصورة أفضل في بعض عضلات الجسم التي تهيئه من أجل الهروب أو القتال كما ذكرنا.
فيا أخِي: الأمر هو على هذا السياق وعلى هذا النمط، بالطبع مع اختلاف التشبيه.
أنت الحمد لله تعالى من الواضح أنك تستحق هذه المسئولية التي سوف تُلقى على عاتقك، ولم ولن يتم ترشيحك لوظيفة إلا وأنت أهل لها. هذه هي القاعدة التي تنطلق من خلالها.
ثانيًا: تخوفك هو تخوف مقبول جدًّا، لأن الإنسان لن يحفز نفسه ولن يرفع من درجة استعداده إذا أخذ الأمور بشيء من الفوضوية واللامبالاة، لا، الاهتمام مهم، القلق مهم، الخوف مهم، الوسوسة مهمة، لكن يجب أن تكون في حدود المعقول، وتذكر دائمًا قولي لك إنك أهل لهذه الوظيفة، لذا قد رُشحت لها. أما ما يعتريك من شيء من القلق فهذا هو أمر أرجو أن تحوله إلى طاقة إيجابية، ولا تتهرب أبدًا من المسئولية، أنت أهل لها، وعليك ألا تنسى أن تسأل الله تعالى دائمًا أن يوفقك - هذا مهم جدًّا – ودائمًا مع نفسك ابدأ ببسم الله الرحمن الرحيم، واسأل الله أن يسهل لك أمرك.
هذه أمور البعض لا يعيرها اهتمامًا، لكنها (حقيقة) هي مفتاح الأمر -أسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يوفقك، وأن يسدد خطاك- هنا - إن شاء الله تعالى – تزداد درجة الطمأنينة لديك، وتزداد درجة العزيمة والقوة الداخلية الذاتية عندك، ويتحول القلق من قلق سلبي إلى قلق إيجابي.
الأمر الآخر هو: أريدك أن تعيش وفي خيالك نوع من الأدوار التمثيلية الدرامية لكنها هي تنزل إلى أرض الواقع، ماذا سوف تقول في المقابلة؟ كيف سيكون أداؤك؟ ما هو المطلوب منك؟
تكرار مثل هذا السيناريو داخليًا مع نفسك يؤدي إلى نوع من التطبع أو ما نسميه بالتحصين التدريجي، وهذا يقلل كثيرًا من درجة الخوف.
وبالنسبة لهذا المنصب - إن شاء الله تعالى – بعد أن تتقلده فيمكنك أن تضع سياسات لأداء وظيفتك حسب الوصف الوظيفي، وأفضل موظف رئيسًا كان أو مرؤوسًا هو الذي يأتي لعمله مبكرًا، هذه بداية ممتازة أنصحك بها. وتستطيع أن تنجز الكثير من الأعمال الورقية قبل أن يحضر بقية الموظفين. الإنسان حين يبدأ بداية صحيحة ينتهي - إن شاء الله تعالى – نهاية صحيحة.
كون الموظفين من أصدقائك: هذا لا بأس به، لكن لابد أن تُحترم العلاقات المهنية، هذا مهم جدًّا، وما يتطلب أن تكون فيه رسميًا فهذا يجب أن تؤديه على وجهه الأكمل، والاحترام بين الناس يجب أن يكون متوفرًا.
قضية وموضوع أن الموظفين فيهم الرجال والنساء: هذا يجب أن توضع له الضوابط المعقولة التي تقلل من الاختلاط والتفاعلات غير الضرورية ما بين الموظفين.
أريدك أيضًا أن تصرف تفكيرك قليلاً عن موضوع العمل، فكر في أمور الحياة الأخرى، لا شك أن لديك أسرة، لديك صداقات، لديك وقت لتواصلك الاجتماعي، للترفيه، لممارسة الرياضة، لحضور حلق القرآن، فهذه أيضًا تنقلك نقلة إيجابية وترفع من كفاءتك الذاتية، وحين ترتفع الكفاءة الذاتية وتنمو النفس هذا ينعكس انعكاسًا إيجابيًا على الأداء الوظيفي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.