رحمة الله واسعة ويجب علينا التوبة دائما
2013-01-23 09:16:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا نظرت للفواحش ثم تبت، ولكنني رجعت لهذا العمل السيء، وتبت إلى الله، ورجعت مرة أخرى، وعصيت أمره، الآن أريد أن أتوب، هل يسمح لي مرة أخيرة بالتوبة؟ أم يجب أن أجلد كما ذكر في القران ؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ابننا الفاضل في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذه الروح، ونبشرك بأن الله ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا. وتذكر أن العظيم تبارك وتعالى يتوب علينا ما لم تطلع الشمس من مغربها، وهو سبحانه وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها، والتوبة المقبولة عند الله تعالى هي التوبة التي يتوب صاحبها من قريب قبل أن يُدركه الأجل، قال تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليمًا حكيمًا * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تُبتُ الآن ولا الذين يموتون وهم كفار} فإذا وصل الإنسان للحظات الغرغرة وسكرات الموت لا تُقبل منه توبة، إذا طلعت الشمس من مغربها لا تقبل توبة، هناك حيث {لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا}.
ولذلك بشرى لك بأن باب التوبة مفتوح، وأن رحمة الرحيم تغدو وتروح، فتعرض لنفحات الله، وتب إلى الله، واعلم أنه غافر الذنب، وقابل التوب، سبحانه وتعالى لمن تاب، لمن رجع، لمن أناب، لكنه شديد العقاب لمن تمادى، واحمدِ الله الذي مدّ في عمرك حتى أُتيحت لك فرصة التوبة والعودة والرجوع إلى الله تعالى، فالإنسان عليه أن يتوب، وباب التوبة مفتوح.
ولكننا نريد أن نقف معك لنتعرف على أسباب العودة للذنب، أسباب العودة للخطيئة، فإن التوبة الصادقة يكون صاحبها مخلصا، صادقا، يهجر المعصية، يهجر بيئتها، يبتعد عن رفاقها، يتخلص من ذكرياتها، يخرج من موضعها، لابد من أعمال أخرى، يكثر من الحسنات المحاية، فالحسنات يُذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين، وهذا ما ننتظره منك، بعد أن تتوب إلى الله تبارك وتعالى، حاول أن تتعرف على أسباب السقوط، أسباب العودة إلى الذنب حتى تتفاداها وتتجنبها.
وقد فهمنا أنك فقط تنظر إلى المعاصي، ولكن حتى من يمارس المعاصي إذا تاب تاب الله تبارك وتعالى عليه، فعجل بالتوبة، عجل بالرجوع إلى الله تبارك وتعالى، ولا تستهن بمسألة الغفلات، فإن الواحد منا لا يدري متى يأتيه الأجل، وخسارة كبيرة لمن يأتيه الأجل وهو على المعصية، لمن يأتيه الموت وهو في غفلة عن الله تبارك وتعالى، {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون} هذا هو مكان الخوف، ولكن بالنسبة للتوبة فالله تبارك وتعالى يقبل التوبة عن عباده، {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} وهو الذي يقول عن نفسه: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى} بل هو القائل: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} هذه أكبر ثلاث جرائم، {ومن يفعل ذلك يلق آثامًا * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا} ثم قال بعد ذلك مباشرة: {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا}.
فتب إلى الله، وارجع إليه، وفر إليه، وأبشر بمغفرة الغفور، برحمة الرحيم، وبتوبة التواب، واجعل آخر عهد لك بالمعصية، فإن الإنسان منا كما قلنا يخاف من التمادي في المعصية، فإن الله يستر على الإنسان ويستر عليه ويغفر له، فإذا تمادى ولبس للمعصية لبوسها هتكه وفضحه وخذله، فاحذر مكر الله، وتذكر مغفرة الله، واعلم أن المؤمن بين خوف ورجاء، والدنيا هي دار العمل، ولذلك من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة.
نسأل الله أن يرحمك ويرحمنا، وأن يتوب علينا وعليك، ونكرر ترحيبنا بك، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على نفسٍ لوّامة وعلى مشاعر نبيلة، نسأل الله أن يديم عليك الفضل والنعم، هو ولي ذلك والقادر عليه.