الانطوائية دمرت حياتي، كيف أنقذها؟
2012-12-18 22:18:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌ أبلغ من العمر 22 سنة، غير متزوج، أعاني من عدة مشاكل: مثل الانطوائية منذ صغر، وعدم تكوين صداقاتٍ، فليس لدي أصدقاء، وعندي صعوبةٌ في التعامل مع الناس، ولا أكون البادئ بالكلام، وأعاني أيضاً من الارتباك والخجل الشديد عند وجود الفتيات، أود أن أجد عندكم حلاً لهذه المشكلة.
ولكم مني جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكراً لك على الكتابة إلينا.
أخي، يكثر بين الناس الانطواء والخجل الاجتماعي، مما يمكن أن ينتج عنه: قلة التواصل، وقلة الصداقات.
إن ما وصفت في سؤالك: حالةٌ نفسيةٌ نسميها عادةً بالانطوائية، أو الرهاب الاجتماعي، وهي حالةٌ قد تبدأ فجأةً، وأحياناً من دون مقدماتٍ أو مؤشراتٍ، عندما يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصةً أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات، وقد يشعر باحمرار الوجه وتسارع ضربات القلب، بينما نجد هذا الشخص نفسه يتكلم بشكلٍ طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط.
وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية، كالتعرّق والإحساس وكأنه سيغمى عليه، أو أن الناس ينظرون إليه، وقد يحاول الشخص بالإسراع للخروج من المكان الذي هو فيه من أجل أن يتنفس، لأنه قد يشعر بضيق التنفس وكأنه سيختنق، ومجموعة هذه الأعراض قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع، وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.
وقد تؤثر هذه الصعوبة على الشخص، بحيث قد يتجنب أماكن العمل المزدحمة، ويبقى بلا عملٍ، أو قد يؤخر زواجه لمجرد ارتباكه من جموع الناس، وهكذا مما يؤثر على الجوانب المتعددة في حياته، وبالتالي يصبح الشخص انطوائياً أو هكذا يظن!
وفي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصةً عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرةٍ من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه، فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنه حالةٌ من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.
وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، كذلك أن تحاول أن لا تتجنب الأماكن الخاصة التي تشعر فيها بهذا الارتباك، لأن هذا التجنب قد يزيد الأعراض ولا ينقصها، بل على العكس، والنصيحة الأفضل أن تقتحم مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويداً رويداً ستلاحظ أنك بدأت بالتأقلم والتكيّف مع هذه الظروف الاجتماعية.
وإذا استمرت الحالة أكثر، ولم تستطع السيطرة عليها، فيمكنك مراجعة الطبيب النفسي - الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره -، يمكن أن يصف لك أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي.
أعانك الله على تجاوز هذه المرحلة التي أنت فيها، وأن تتقدم خطواتٍ على طريق الاختلاط بالناس، وتكوين الصداقات.