تقدم لأختي شاب مصاب بالسكر، فهل نقبل به؟
2012-10-16 09:05:07 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
جزاكم الله خيرا على هذه الخدمة.
تقدم لأختي شاب من أقارب زوجي، وهذا الشاب على خلق ودين، ولكن مصاب بالسكري؛ أخبرت أهلي بالموضوع وأختي وافقت بعد الاستخارة حسب ما تقول، ولكن المشكلة في أمي! كل يوم تفتح موضوع الزواج وتلومنا؛ لأننا لم ننصح أختي بالرفض، لأن هذا الرجل مصاب بالسكري من النوع الأول، وقد يرث أبناءها المرض.
أختي متشجعة على الزواج، ولكن أمي ليست متقبلة للفكرة، ومن شدة موقف أمي بدأت تلقي اللوم عليّ حتى أنني أحسست أنني سوف أخبرهم بالرفض بدون اللجوء إلى رأي أختي حتى أرتاح من عتاب أمي؛ لأنني أخاف أن تلقي عليّ اللوم في المستقبل إذا كان فعلا أحد من أبناء أختي أصيب بالمرض.
ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الكريمة في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الأخت، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وقد أحسنت بتشجيع الأخت على القبول بالرجل الذي ارتضت دينه وأخلاقه؛ لأن هذا هو الأساس، ولا ضير عليها خاصة بعد علمها بأنه مصاب بالمرض السكري، ولا أعتقد أنه سيكون هناك إشكال كبير، فإن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، وإذا فكر الإنسان في إنسان خالي من الأمراض والعيوب وغيرها فإنه يصعب على الإنسان أن يجد إنسانا خاليا من العيوب، فيصعب على المرأة أن تجد زوجًا خاليًا من النقائص، وبين أيدينا تمت زيجات كثيرة من النوعين، أحيانًا امرأة مصابة بالسكري ونجحت في حياتها، ورجل مصاب بالسكري ونجح في حياته، وسوف تسمع رأي الأطباء والمختصين فيما يتعلق أيضًا بالجوانب التي تعنيهم.
ولكننا نريد أن نقول: طالما كانت الفتاة راغبة في إكمال المشوار مع هذا الشاب فلا يجوز لأحد أن يقف في طريقها، ولا يجوز للأم ولا لغيرها أن تمنعها من أمر رغبت فيه، خاصة والرجل كما شهدتم له صاحب دين وصاحب خلق، وهذه هي المؤهلات العائلة. وعلينا كذلك أن ندرك أننا رجالاً ونساءً لا نخلو من العيوب الخُلقية أو الخلقية أو النقائص، فما من إنسان إلا وفيه جوانب إشراق وفيه جوانب سالبة، ولكن طوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟
كذلك مسألة الأمراض وغيرها، فإنها مما يُقدره الله تبارك وتعالى على عباده، والسعادة ليس لها علاقة بهذه الأمور، فإن الإنسان إذا أطاع الله تبارك وتعالى وأقام حياته على هدى وأنوار هذه الشريعة فإنه سعيدًا ولو كان فقيرًا ولو كان مريضًا، والآخر هو الشقي وإن كان غنيًا وإن كان معافىً في بدنه.
وعلينا كذلك أن ندرك أن الشريعة تجعل الرغبة في الارتباط للفتى وللفتاة، فلا يجوز لأحد أن يتدخل، وحتى الأولياء وحتى الآباء فضلاً عن الأمهات لا يجوز لهم أن يتدخلوا إلا لمصلحة شرعية، فإذا تيقنوا أن الفتاة تضيع وأن الرجل ليس صاحب صلاح أو صلاة أو دين، وأنه من أهل المخدرات والخمور والمسكرات عند ذلك فقط ينبغي أن يقفوا ويمنعوا، لكن طالما وجد الدين ووجدت الأخلاق وحصل الميل والتوافق والرضا والقبول فلا يجوز لأحد أن يقف في طريق هذه الزيجة التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يُكملها على خير.
وأرجو أن يعلم الجميع أن هذا المرض – الذي هو مرض السكري – مرض أصبح كما يسميه الناس بالأمراض الصديقة التي إذا أحسن الإنسان التعامل معها ورتب أموره معها عاش حياته في سعادة وهناء، وعاش صديقًا لهذا المرض، وإن أهمل المريض في العلاج أو غفل عن الشروط التي يعطيها الطبيب – أو الوصفات التي يعطيها الطبيب – له في طعامه وشرابه ودوائه فعند ذلك يتضرر بلا شك من هذا المرض، وأحسب أن الأمر أيسر مما تتصورون.
ولذلك أرجو أن تمضوا المسيرة، وليس هناك داعٍ للندم، فإن كلام الوالدة لا ينتهي، وإذا منعتم هذه الفتاة من هذه الزيجة فإن اللوم سيأتي من لون آخر، والناس سيقولون (منعوها من صاحب الدين والأخلاق، وليتهم فعلوا) وتندم الفتاة، وقد يأتي اللوم من الفتاة في هذه الناحية، وكون اللوم يأتي من الأم أخف وأهون من أن يأتي من صاحبة المشكلة – صاحبة القضية – وهي الفتاة.
أريد أن أقول: كلام الناس وكلام الوالدة، كلام لا ينتهي، ولكن الإنسان يسعى فيما يُرضي الله تبارك وتعالى، ثم إذا كان هذا الرافض والد أو والدة علينا أن نجتهد جميعًا في النصح والتوجيه، ونجتهد في إرضائهم، وبعد ذلك تمضي الأمور على الوجه الذي يُرضي الله تبارك وتعالى.
وأنا من ناحيتي أرجو أن يستمر ما رغبت فيه الفتاة وما رغب فيه الرجل من إكمال هذه الزيجة المباركة، ونسأل الله أن يجمع بينهما على الخير، ونسأل الله أن يخلصهم جميعًا من الأمراض والأسقام، وأن يسعدهم بطاعته، وأن يعينهم على تكوين بيت فيه رضًا لله تبارك وتعالى، ونسأل الله التوفيق والسداد، ونكرر مرة أخرى: علينا جميعًا في إرضاء الوالدة، وفي تطيب خاطرها، حتى إذا جاءتنا نصائح من أطباء أو وجهاء أو دعاة إلى الله تبارك وتعالى حتى لا تقف في طريق ابنتها بعد أن يسر الله تبارك وتعالى عليها أمر الزواج، نسأل الله أن يقدر لها الخير ثم يلهمها الرضا به، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونكرر لك شكرنا على هذا الحرص، وليس هناك داعٍ لهذا التردد، ولا تُخبري أهل الخاطب بالرفض إلا إذا رغبت الفتاة بذلك، فإنك تُخطئي إذا وقفت دون رغبتها، ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.