صرت عصبية وسريعة الغضب وساءت تصرفاتي.. فماذا تنصحوني؟
2012-10-17 08:42:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا كانت أسرتك هم أهم شيء في حياتك، وهم سبب تعاستك فماذا تفعل معهم؟! لا أستطيع أتجاهلهم لأننا في بيت واحد، وهذا يتعبني كثيرا!
تمنيت لو أنني ولدت يتيمة أو حتى لقيطة! أصبحت منعزلة في غرفتي أبكي على أتفه الأسباب.
مستواي بالدراسة أصبح ضعيفا، وأمي وأبي مجرد تعاملي معهم يتعبني، أمي متناقضة دائماً وأبي بخيل، وأهم شيء عندهم هو الناس، حتى لو قدموا مصلحتهم على مصلحتنا!
أفكر دائماً ما الذي فعلوه لأجلي؟
لم أجد إجابة سوى أنهما أنجباني!
أشياء كثيرة مهمة تعلمتها من نفسي ومن دراستي، وأجد صعوبة بها الآن؛ لأنني لم أتعود عليها، هذا كله بسببهم، أفكر بعض الأحيان بالموت، كرهت الحياة بسببهم.
عندما أغضب أبدأ بالتكسير لأي شيء أمامي، وأصبحت أشعر بخوف شديد من أي شيء، حتى من دون سبب، وعند النوم يأتيني شعور بالبكاء وقلق شديد، وصداع وبعدها لا أستطيع النوم!
أرجو الحل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.
فكما تفضلت وذكرت فإن العلاقات الأسرية هي علاقات إجبارية، بمعنى أن الإنسان ينشأ في أسرته، ومهما كان يجب أن يعيش معها ويتعايش.
في بعض الأحيان تحدث الخلافات بين الناس، البعض يكون مرتاحًا والبعض الآخر يكون غير مرتاح، وفي بعض الأحيان تجد نوعًا من التحالف أو الأحلاف الداخلية داخل الأسر، هذا يكون مع هذا وهذا ضد ذاك – وهكذا-.
الأسر بصفة عامة لها روابط، ومن يُقدر هذه الروابط ويسعى من أجل بناء الأسرة، لأنها مسؤولية الجميع، لأنها شركة، كل واحد له أسهم معينة في هذه الشركة، إذا لم يتظافر الجميع ويسعوا لا شك أن العائد سوف يكون غير جيد.
أنا أقدر مشاعرك جدًّا، لكن أرجو أن تستمعي إليَّ لأؤكد لك حقيقة قد تستغربين لها، وهذه الحقيقة هي أن والديك يضمران لك كل حب وكل شفقة وكل مودة، هذه حقيقة لا مناص منها ولا جدال فيها، لأن حب الآباء والأمهات لأبنائهم هو حب غريزي جبلي لا يمكن أن يُنزع من قلبيهما.
لكن تأتي مشكلة في أن بعض الآباء والأمهات قد ينتهجون منهجًا تربويًا ليس بالصحيح، بالرغم من اعتقادهم أنه الأفضل من أجل تنشئة الأبناء، الأب – أو الأم - الذي لا يُبدي الحب لأبنائه ربما هو نفسه ضحية أنه لم يُحب من جانب والديه، والأب والأم اللذان يلجآن للضرب ربما يكونان ضحايا للضرب أيضًا من جانب والديهما، وهكذا، إذن هذه أمور يجب أن نتفهمها.
الأمر الآخر وهو المهم جدًّا: دائمًا حين يحس الإنسان بالتعاسة داخل أسرته يجب أن يسأل نفسه: (ما هي مساهمتي فيما وقع بي؟) لابد أن تكون المسؤولية مسؤولية تضامنية مشتركة.
أنا أحترم مشاعرك، وأرجو أن تعذريني إذا قلت لك: ربما تكونين أنت أيضًا لديك مساهمة فيما وصلت إليه، أنت ذكرت أنك سريعة الإثارة، سريعة القلق، تبدئين بالتكسير للأشياء التي أمامك، فهذا دليل علمي قاطع أنك ربما تعانين من درجة ما، من العُصابية، أي من القلق، أي من سرعة الإثارة، أي من عدم التحمل، هذا ليس لومًا لك أبدًا، وليس عيبًا فيك، لكنها سمات وسجايا لم تساعدك كثيرًا.
أيتها الفاضلة الكريمة: إذن المطلوب هو الآتي:
أولاً: أن تجدي العذر لولديك – هذا مهم جدًّا – وتتذكري أن الحب الذي يحملانه نحوك ونحو إخوتك هو حب غريزي.
ثانيًا: قولي لنفسك :(ما هي مساهماتي لأن أعيش حياة سعيدة؟) قولي لنفسك: (لا بد أن أسعى أنا أيضًا لأن تكون أسرتي سعيدة، ليس أنا فقط) وهذا يأتي من خلال أن تأخذ المبادرات الحسنة، المبادرات الممتازة، أن تجلسي مع أهلك، أن يكون هنالك نوع من الحوار الجميل، سلمي على والديك صباحًا ومساءً، اجلسي معهم، وهكذا.
هذه المبادرات مهمة وضرورية، وسوف تجدين - إن شاء الله تعالى – مكافأة نفسية وسلوكية كبيرة جدًّا من جانب والديك.
هذا على قناعة به أنا شخصيًا، وهو مجرب ومعروف.
في موضوع الدراسة: الدراسة هي مسؤوليتك الشخصية، أنا حقيقة كما أقول لأبنائي: (أنا تعلمتُ وأريد أن تتعلموا أفضل مني) وأتركهم على هذا المنهج، لأن التعليم مسؤولية، نعم نحن كآباء وأمهات يجب أن نرشد، يجب أن نساعد، يجب أن نوجه، لكن الأمر واضح جدًّا.
أريد أن ألفت نظرك لما نسميه بالفجوة الجيلية، كثير من الآباء والأمهات بدأت تظهر بينهم هذه الفجوات، فهنالك من الآباء من يُقدرون ذلك، وكذلك الأمهات، ومن هم من يفوت عليهم ذلك.
أيتها الفاضلة الكريمة: أوجدي لهم العذر، وحاولي أن تكوني فخورة بنفسك، أن تزودي نفسك بالعلم والدين، وهما حقيقة ثوابت عظيمة وقوية، فكري إيجابيًا، أديري وقتك بصورة صحيحة، مارسي أي نوع من الرياضة المفيدة داخل المنزل، كوني لك صديقات من البنات الصالحات والطيبات، هذا النوع من الدعم النفسي مطلوب ومطلوب جدًّا.
أعتقد أن تناول دواء بسيط جدًّا مضاد للقلق والتوتر ربما يفيدك، وهذا إن ذهبت إلى طبيب الأسرة – أو طبيب الرعاية الصحية الأولية – سوف يقوم بمساعدتك في هذا السياق.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.