أعاني من اكتئاب بسبب الوضع الأسري وأريد العلاج، ما توجيهكم؟
2012-10-17 12:58:36 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة وحيدة بين إخواني الذكور، ليس لدي أخوات إناث، ومنذ طفولتي وأنا أعاني من ضغوط نفسية بسب تعامل والدتي القاسي معي، ومن أسباب أخرى، وكلما كبرت زاد الوضع أسوأ من قبل.
حاولت أن أتكيف مع الوضع، ومع مرور السنين تغيرت شخصيتي، أصبحت لا أحب الجلوس مع أسرتي، ولا حتى أشاركهم في الأكل ولا حتى أنام من شدة التفكير ومن القلق على أتفه سبب، ومن إحساسي بالنقص، وإذا نمت أستيقظ باكراً، حتى ولو نمت ساعة واحدة!
أصبحت عصبية لا أتحمل أي كلمة، وأشعر أني ثقيلة على أهلي، وشعوري بالوحدة يلازمني أينما ذهبت، أصبحت نظرتي للحياة سوداوية، أفكر في الانتحار كثيراً وما يردني عنه سوى مخافة الله عز وجل.
علماُ أني حريصة على قراءة القرآن والذكر، حاولت أن أغير تفكيري لكن بلا فائدة، فالحزن والضيقة والقلق لا يفارقوني.
أقنعت أهلي بالذهاب لطبيب نفسي ليساعدني من الخروج من هذه الحالة لكن دون جدوى، يقولون لي: (أنت لا تعانين من شيء) - اتركي (الدلع)-.
هل أستطيع أن أستعمل دواء دون استشارة طبيب؟ وما رأيكم في الحبوب التي تساعد على النوم؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شموخ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونسأل الله تعالى أن تكوني سندًا لإخوتك وأن يكونوا سندًا لك.
أنت أعطيت أعراضاً ومؤشرات واضحة تعانين منها، وهي تدل بالفعل أنك تعانين من قلق اكتئابي من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة.
فقدان الطاقات النفسية بهذه الصورة، وكذلك التفكير السلبي الذي يصل إلى مرحلة الشعور بالكدر والسوداوية والتفكير في الانتحار، لا شك أن ذلك من علامات الاكتئاب النفسي.
أنا أعرف تمامًا أنك لا تودين أن تقتلي نفسك، لكن الفكر السلبي يأتي بمثل هذه الأفكار القبيحة، لا شك أنك في حاجة إلى العلاج، وأهم علاج هو أن تكوني إيجابية في تفكيرك، لا تفكري كثيرًا حول الماضي، والماضي هو خبرة وهو عبرة، ولا أريدك أبدًا أن تحملي على والدتك كثيرًا، والدتك لم تقصد أن تقسو عليك إن فهمتِ تنشئتها لك كنوع من القسوة، هي حاولت أن تطبق منهجًا تربويًا تراه هو الأجود والأفضل.
أيتها الفاضلة الكريمة: لا تنظري إليها نظرة سلبية أبدًا، والدتك تحبك، وأنا أعتقد أنك استأثرت بحب معين، لأنك البنت الوحيدة وسط إخوتك، فأرجو أن تصححي مفاهيمك حول الماضي، ولا تنظري إليه بحزن، لأن الإنسان الذي ينظر إلى ماضيه بحزن وإلى مستقبله بتشاؤم لا شك أنه سوف يفقد حاضره أيضًا، لا، بل المستقبل جميل، والحياة الآن يجب أن تعيشيها بقوة، والماضي هو خبرات وعبر، وأنت لديك أشياء طيبة وجميلة جدًّا في حياتك.
اجعلي أيضًا لحياتك معنىً، لحياتك أهدافاً، على النطاق المعرفي، التحصيل العلمي، مشاركة الأسرة، أخذ المبادرات، هذا مهم ومهم جدًّا، وليس هنالك ما يدعوك للشعور بالنقص، الشعور بالنقص حقيقة هو دائمًا من صنعنا، نحن الذين نصنع هذا الشعور، والإنسان يمكن أن ينتفض ويترك مثل هذا الإحساس السلبي إذا أعطى نفسه قيمتها الحقيقية، وإذا غير نمط حياته وجعل هنالك فعالية حقيقية في حياته، فأرجو أن تأخذي المبادرات الإيجابية، وهذا يكفيك كثيرًا.
لا شك أن العلاج الدوائي مطلوب والعلاج الدوائي جيد، والاعتماد في موضوع العلاج الدوائي يأتي من خلال ما يمكن أن نقول إنه اضطراب في كيمياء الدماغ التي تسمى بالناقلات العصبية، والتي اتضح أن إفرازها ليس على المستوى المطلوب مما يؤدي إلى ظهور الاكتئاب النفسي.
أعتقد أن إقناع أهلك بضرورة تناول العلاج مهم، على الأقل تعاونهم معك في هذا السياق مطلوب، قولي لهم إنك تعانين من اكتئاب نفسي، قولي لهم إنك بالفعل تتألمين، وهذا ليس من جانبهم أبدًا، والاكتئاب موجود وعلاجه مشروع، بل هو واجب، أعتقد أنه من خلال ذلك يمكن إقناع أهلك.
بالنسبة لتناول الأدوية النفسية دون استشارة: الحقيقة مثل هذا العمل الذي تقدمه إسلام ويب يعتبر استشارة، لا نقول إنها استشارة كاملة، لكننا نتوخى جدًّا الحذر والدقة ولا نصف إلا أدوية سليمة وسليمة جدًّا، وفي معظم الدول هي أدوية لا تحتاج لوصفة طبية.
أيتها الفاضلة الكريمة: أعتقد أنك محتاجة لأحد مضادات الاكتئاب، وأنا على ثقة تامة أنه سوف يفيدك - إن شاء الله تعالى – وبالمناسبة: هذه الأدوية حتى يمكن أن تُكتب عن طريق طبيب الأسرة، الطبيب العمومي، طبيب الرعاية الصحية الأولية، وأنا أعرف أن المملكة بها خدمات ممتازة جدًّا للرعاية الصحية الأولية، إذا ذهبت إلى طبيب الأسرة وشرحت له ما بك أعتقد أن أول ما ينصحك به هو أن تتناولي مثلاً عقار (بروزاك) بجرعة كبسولة في اليوم، فالأمر لا يحتاج حقيقة لتخصص، فحالتك واضحة، واستجابتك للعلاج - إن شاء الله تعالى – سوف تكون ممتازة جدًّا.
بالنسبة للأدوية المنومة: أنا لا أنصح بالأدوية المنومة، وإن كان لابد من تناولها فلابد أن تكون تحت الإشراف الطبي النفسي المباشر، لأن هذه الأدوية لها مئالات سلبية إذا لم يتم استعمالها بحكمة ومعرفة وإشراف صحيح.
أما بالنسبة لتحسين نومك فهنالك طرق كثيرة جدًّا غير الحبوب، ومنها ممارسة الرياضة، تجنب النوم النهاري، التفكير الإيجابي مهم جدًّا، مارسي أي رياضة تناسب المرأة المسلمة، لا تتناولي الشاي والقهوة في فترة المساء، وكوني حريصة على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، هذا - إن شاء الله تعالى – يحسن نومك تمامًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.