ينعتني الناس بأنني بقولهم -لا طول ولا جمال لا تصلح لشيء- أنا في حيرة.
2012-08-14 11:44:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 سنة جامعية، أدرس سنة ثانية ماستر علوم مالية.
مشكلتي تتلخص في أني أخاف الخروج من البيت، وقد انقطعت عن دراستي، لم أكمل مذكرتي لأنني لا أتحدث إلى المشرف، وخفت يوم الإلقاء جمهور الناس الذي سيحضر، وهذا الأمر يؤلمني جدا.
عرفت أنني أعاني من مشكلة وهي ليست هينة كما يبدو لي؛ لأنني أفكر كثيرا في الانتحار، ما منعني هو إيماني أن هذا الفعل حرام، وأن هناك أملا أن أخرج من هذه المشكلة.
لا أحب الذهاب إلى الحفلات ولا حتى إلى زيارة الأقارب، أمي تشتري لي ما أحتاجه من السوق.
أكتب لكم ودموعي تنهمر من عيني، كنت أريد أن أكون فخرا لوالدي (فأنا أكبر إخوتي) وأن أساعد أبي في مصروف البيت وإعالة أخي المعاق، أحس بالذنب لأنني أستطيع أن اعمل وأساعد عائلتي لكنني أواجه هذه المشكلة وأعجز عن إخبار والدي؛ لأنني أعلم أنهما وخاصة أبي لن يتقبل الأمر بسهولة وسيغضب.
أمر آخر، ما يخيفني من مقابلة الناس هو إحساس بأنهم سيسخرون من شكلي، فأنا صغيرة الحجم، ضعيفة ولست جميلة، وليست لدي صفات أنثوية بارزة مثل باقي الفتيات، أعاني من عدة مشاكل في جسمي، أهمها: صداع الشقيقة، اضطراب الهرمونات، التهاب الأظافر.
كذلك أنا مترددة في كل شيء في أبسط القرارات حتى الطهي، أحيانا أقول لنفسي أنا لن أتزوج لن يعجب بي أحد! لماذا أتعلم هذه الأشياء؟ مرة سخر مني شاب في طريق عودتي إلى المنزل ووقف ينظر إلي ويسخر من طولي، لم أعرف ماذا أفعل؟ بدأت بالبكاء في الطريق، أحرجت كثيرا، أسمع كلمات من الشباب " لا تصلح لشيء"، "لا طول ولا جمال"، تألمني كثيرا وأخاف سماعها.
أدرك في أعماقي أن جوهر الإنسان هو الأهم، ولا أريد شيئا في هذه الدنيا إلا أن أرضي الله -عز وجل-، وأن أكون مفيدة لعائلتي ولمجتمعي.
ساعدوني جزاكم الله خيرا، وشكرا مسبقا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شريفة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن مشكلتك تنحصر في أنه لديك درجة بسيطة إلى متوسطة مما نسميه بالخوف الاجتماعي، وفي ذات الوقت لديك شعور بالنقص والدونية، وقد يكون الخوف الاجتماعي لعب دورًا في ذلك، أي في عدم تقدير الذات بصورة صحيحة.
لا مجال هنا في التفكير في الانتحار، شيء غريب أزعجني بعض الشيء، أن تفكري في هذا الأمر السيئ والرديء والحرام قطعًا، والذي لا يحل مشكلة، بل يُعقد المشكلة الموجودة أصلاً.
استغربت ما الذي يدفعك لمثل هذا التفكير، ومشكلتك حقيقة ليست بالمستعصية أبدًا، فالرهاب الاجتماعي يمكن علاجه، هنالك أدوية فعالة جدًّا، وفي ذات الوقت بعض التوجيهات السلوكية التي نسردها لك والتي تنحصر في:
أولاً: يجب أن تنظري إلى نفسك بإيجابية، فأنت لست بأقل من الناس، لا أحد يسخر منك، والذين يرددون الكلمات السخيفة التي ذكرتها في رسالتك هم من السفهاء، وهؤلاء يتم التعامل معهم من خلال {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} هؤلاء جاهلون، هؤلاء سخفاء، ولا أعتقد أن كلامهم يجب أن يكون له قيمة أو وزن عندك، إذا أتتكِ من ناقصٍ فهي شاهدة لي بأني كامل.
فأرجو حقًّا وحقيقة أن تُعيدي النظر تمامًا في طريقة تفكيرك هذه، فأنت ما شاء الله طالبة في السنة ثانية ماستر علوم مالية، وهذا دليل على قدرتك وإنجازاتك وقابليتك العالية جدًّا للتعلم والتطور، وهذا هو المهم، فقصر القامة وطوله لا يفيد الإنسان بشيء، الإنسان أهم شيء فيه هو الخلق والمعرفة والدين والعلم، وأن يتقبل نفسه، وأن يتقبل الآخرين، وأن يتوائم مع مجتمعه.
هذا هو المطلوب منك على وجه الخصوص، وأنا أعتقد أنك يمكن تتحدثي مع والدتك في أمر مقابلة طبيب نفسي، لا أعتقد أن والدتك سوف تعترض وأنت تعانين من مشكلة واضحة وهي الرهاب الاجتماعي، وما ذكرته لك من إرشاد سوف يفيدك، لكن مقابلة الطبيب لا شك أنها سوف تكون أفعل وأجدى، خاصة إذا أعقبتها المتابعة الطبية اللصيقة.
هذا هو الذي أراه، وعمومًا إذا اعترض أهلك في الذهاب إلى الطبيب يجب ألا يعترضوا على تناولك لأحد الأدوية المضادة للرهاب والخوف والتي تحسن المزاج.
هنالك دواء جيد جدًّا يعرف تجاريًا باسم (لسترال) ويسمى أيضًا تجاريًا باسم (زولفت) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) نحن نراه ممتازًا وجيدًا وسليمًا وغير إدماني، وذو فعالية عالية جدًّا.
الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يتم تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة، تستمري عليها لمدة شهر، ثم تجعليها حبتين ليلاً لمدة شهرين، ثم تخفض إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفض إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
خروجك من البيت للدراسة مهم، وخروجك لزيارة الأهل والأرحام فيها خير كثير لك، وعليك بالعلاقات الطيبة الوطيدة مع الصالحات من الفتيات، تجدي -إن شاء الله تعالى- هنا الدعم والتعضيد والمساندة التي تفيدك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.