تعرفت على فتاة عبر النت وأريد الزواج منها فهل من ناصح؟
2020-04-15 03:30:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 20 سنة, أدخل على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك“ كثيرا جدا, و عندي فيه مجموعات وأصدقاء كثر, منذ فترة طويلة تعرفت عليهم عبر الموقع “فيسبوك“.
المهم: هناك فتاة أعرفها منذ فترة ليست بالقصيرة, ذات أخلاق, وشخصية محترمة, وتصلي وتصوم, وتحفظ دينها, والحمد لله ليس بيننا أي شيء حرام ولا أي علاقات محرمة, إنما اعتدت عليها واعتادت علي, تجدني إنسانا طيبا, وأنا كذلك أجدها إنسانة محترمة طيبة, وأنا أحبها.
تشجعت وتجرأت -بعد تردد وحيرة- وقلت لها إنني أنوي التقدم لك بعد الجامعة, ولم ترفض, لكنني أنوي فعلا أن أتقدم وأطلب يدها من أهلها -في مصر- وأنا من الإمارات, ونيتي يشهد عليها الله, لست أريد علاقات عشق محرمة, لا. لا. لا.., إنما أخبرتها أنني أريدها زوجة المستقبل.
الذي يوترني كثيرا هو ما أسمعه من روايات عن تجارب فاشلة لزواج قام على تعارف عبر النت, يقلقني ذلك كثيرا, لكن ما زلت أعرف أن هناك الكثير من الزواجات الناجحة جدا والتي قامت أيضا عبر تعارف من النت, ولكني أيضا مؤمن بأن نجاح الزواج يعتمد على الطرفين, وليس على الطريقة التي تزوجوا بها.
هي أجابتني بأنها لن تستطيع الارتباط بي إلا بعد الجامعة, أي أنها إذا تخرجت يمكننا أن نبني العلاقات بين أسرتي وأسرتها ونتعارف, وحينئذ أخطبها بإذن الله وعونه.
أنا محتار, وأحتاج لأحد منكم أن ينور طريقي, ويفهمني, ويعلمني.
شكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عيسى أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ونشكر لك هذا الاهتمام للسؤال، ونشكر لك كذلك حسن العرض للقضية التي تريد أن تستفهم عنها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ولها الخير حيث كان ثم يرضيكما به.
لقد أحسنت وأنصفت عندما قلت (كثير من العلاقات التي قامت على النت فاشلة) وأحسنت أيضًا عندما قلت (هناك علاقات ناجحة) وأحسنت عندما قلت (العبرة بالطرفين) ولكننا نريد أن نقف معك وقفات من أجل أن نبين لك أن العلاقة عن طريق النت لا تعطي الإجابة الكاملة, ولا تحقق المعرفة الكاملة، وهي لا تخلو من مخاطرة، فهو عالم افتراضي لا يخلو من التمثيل، ومن السهل لكل إنسان أن يظهر لك أنه طيب، وأن تُظهر له أنك طيب، ومن السهل جدًّا أن تنجر لكلام إنسان فتُعجب به ويُعجب بطريقتك وأسلوبك في الكتابة أو في الكلام.
لكن الشرع دائمًا يبني هذه العلاقات على مجيء البيوت من أبوابها، على النظرة الشرعية الصحيحة الواضحة في حضور محرم من محارمها، لأن الإنسان عندما يشاهد شريكة العمر وعندما تشاهده إما أن يحدث انشراح وارتياح فعندها نقول هذا زواج سينجح، لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
أما بغير هذا فكل هذا يُصبح كلامًا ولا ينبئك مثل خبير، فقد مرت علينا لا نقول مئات بل آلاف الاستشارات التي تبيّن أن هذا الطريق محفوف بالمخاطر، وأن هذه المقدمات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة، فلو أردنا أن نسأل أنفسنا من الذي سمح لك أن تكلم فتاة أجنبية؟ ومن الذي سمح لها أن تكلم شابًا أجنبيًا؟ ثم لو أردنا أن نقول: أنت لماذا لم تجد في بنات الإمارات وفي بنات الدول المجاورة والدول الخليجية والجيران من تناسبك؟ وكيف لا تجد هي في شعب مصر – تسعين مليون – وفي الدول المجاورة من يُناسبها؟ ثم إننا نسأل: ألا تعتقد أن الفرق في العادات والتقاليد كبير؟
ونسأل أيضًا: هل القوانين عندكم تسمح مثل هذه الزيجة دون حرج, ودون أن تكون هناك صعوبات إذا كنت تنتمي لجنسية خليجية؟ وهل تضمن لأبنائك بعد ذلك أن يعيشوا في مجتمع يُقدرهم إذا تم الزواج وتكونت أسرة بهذه الطريقة؟
أسئلة كثيرة نحب من خلالها أن ننظر إلى آفاق بعيدة، لأن القرار الصحيح ينبغي أن ينظر الإنسان في عواقبها ويفكر بهذه الطريقة.
وليس معنى هذا أننا نتهمك ونتهمها، فقد تكون صالحًا جدًّا والفتاة صالحة جدًّا، ونسأل الله أن يصلحكم ويسددكم، لكن حتى على الافتراض هذا ينبغي أن تتوقف العلاقة فورًا، وعندما يحين الوقت المناسب عليك أن تطرق باب أهلها وتأتي البيوت من أبوابها، وننصحك بأن تُشرك أسرتك وتتأكد من موافقتهم، ثم بعد ذلك تتقدم لها رسميًا، فالإسلام لا يعترف بأي علاقة لا تكون مُعلنة, ولا تكون صحيحة, ولا يكون هدفها الزواج، ولا ننصح بطول فترة العلاقة، لأن هذا خصم عليك وعليها، على سعادتكم, وعلى مستواكم العلمي, وعلى مستقبلكم جميعًا، لأن الإنسان قد يتعلق بفتاة ثم لا يُتاح له الارتباط بها، قد تتعلق بشاب ثم لا يتيسر لها أن ترتبط به فتحصل عند ذلك الندامات، ويحصل عند ذلك التأثر الشديد، وقد يحصل أنها ترتبط بآخر فيقول قلبها معك وجسدها مع الآخر –وأنت كذلك-.
إن التوسع في العلاقات العاطفية قبل الرباط الشرعي خصم على سعادة الأزواج والزوجات، ومهما كانت هذه العلاقة, وإذا كنت بعد ذلك، كل هذه الإجابات صحيحة وأنت مصرٌّ على أن تستمر, والوالد والوالدة ليس عندهم مانع من هذا الزواج، والأمور بيدك، والقوانين معك، وكل الأشياء معك وفي صالحك، فإننا نقول لك: حتى في هذه الحالة لا بد أن تتوقفوا فورًا، حتى تضعوا هذه العلاقة في إطارها الصحيح.
أعجبني أنكم لم تخرجوا عن المألوف، وأنكم لم تقعوا في مخالفة، لكن –يا بني– دائمًا الشيطان يستدرج ضحاياه، وعندنا تجارب كثيرة كانت تُوقظه للصلاة، وكان يُوقظها للصلاة، وتُرسل له محاضرات ويُرسل لها محاضرات، فإذا بالشيطان ينتظرهم في آخر محطة، من أجل أن يوقعهم في المخالفة، والشيطان الذي يجمع بين الناس عبر هذه الشبكة العنكبوتية هو نفس الشيطان الذي يأتي فيقول لها (كيف تثقين فيه، وما المانع أنه كانت له علاقات مع أخريات) والذي يأتي ليقول لها: (كيف تثقين في هذا الرجل، ربما له وله).
ولذلك عندما نخوف من الارتباط بهذه الطريقة وحدها، أنا أقول لا مانع إذا كانت هذه البداية أن تتوقفوا الآن، وليس من المصلحة أن تُخبر أسرتك –أو أسرتها– أنه كانت بينكما علاقة سابقة، ثم إذا جاء الوقت تقرر وتطلب ما تريد, وتطلب من الأسرة أن تعاونك وتتعرف على الفتاة، إلى غير ذلك, هذا هو الأسلوب الصحيح.
فندعوك أن توقف هذه العلاقة، لأنه مهما كانت العلاقة بريئة فإن العواقب والشيطان ينتظر الناس في نهاية المطاف، والشيطان الذي يجمع الناس بهذه الطريقة هو الشيطان الذي يأتي غدًا ليشكك في تلك العلاقة، لأن للشيطان مداخل كثيرة، كما أن الأسرة غالبًا لا تقبل بمثل هذه العلاقات التي تبدأ بهذه الطريقة، ومن هنا فنحن ننصحك بأن توقف هذه العلاقة وتجمد هذه العلاقة، ثم عليك أن تتوب إلى الله تعالى، ثم إذا انتهيت من الدراسة يمكن بعد ذلك أن تبدأ المشوار عندما تتهيأ للزواج، ومن الضروري قبل ذلك أن تعرف وجهة نظر أسرتك والنواحي القانونية في هذه المسألة، وإمكانية التعايش مع هذا الفارق الكبير بينكما، ثم بعد ذلك تبني هذه العلاقة على الرؤية الشرعية، لأن الكلام في النت كثير من الناس يُجيد الكلام الجميل والكلام الرائع، وحتى الصورة لا تعطي الانطباع الحقيقي.
عليك أن تأتي البيوت من أبوابها في الوقت المناسب، وبعد أن تتخذ الخطوات الصحيحة المناسبة، ولا ننصحك بالتواصل بهذه الطريقة، إذا أردت أن تتواصل فعليك أن تتواصل بالرجال, وفي المواقع التي تستفيد منها، وكذلك أيضًا نريد منك ابننا الكريم ألا تتسرع في هذه التجربة إلا بعد أن تدرس المسألة دراسة وافية، خاصة إمكانية قبول أسرتك، وإمكانية وضع أبنائك في المجتمع الذي أنت فيه، وإمكانية التعايش مع الفارق الكبير بينك وبين هذه الفتاة، أيضًا مسألة الخلفية التي نشأت بها العلاقة، هذه كلها أمور تحتاج إلى مراجعة، ونسأل الله أن يوفقك لما يُحبُّ ويرضى.