هل سينتهي القلق مع هذا العقار المستقبلي؟
2012-07-19 12:59:47 | إسلام ويب
السؤال:
إلى الدكتور المتمكن محمد عبدالعليم.
إلى مثلي الأعلى في مجال الطب النفسي, وفي الأخلاق, وفي مساعدة المرضى في هذا الموقع دون أجر, وإنما ابتغاء مرضاة الله رب العالمين.
إلى الطبيب المتميز الذي استحق كلمة طبيب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
وإني لأرى وبدون مجاملة بأن شرف هذه المهنة وآدابها, وكذلك أخلاق المؤمن قد اجتمعت فيك, وعلى أعلى ما يكون لبشر, وإنك لقدوة يحتذى بها لأطباء هذا العالم, وذلك بنجاحك في شفاء الكثير من المرضى أمثالي, وفي تغيير حياتهم إلى أفضل ما يكون بإذن الله, ثم بأخلاقك الرائعة.
وإني لمدين لك بحياتي على ما أرشدتني إليه؛ فتعافيت بفضل الله وحده لا شريك له, ثم بسببك, أنا وكثير من الإخوة الذين أعرفهم, والذين لا أعرفهم, والأمر كله بيد الله, والحمد لله الذي دلني عليك.
لقد قرأت معظم إرشاداتك الثمينة في هذه الشبكة, وأحب أن أقول إن شرف هذه المهنة السامية ونجاحها وتطورها باق ما دام أنه يوجد أطباء مخلصين مثلك, وعلى أفضل وأعلى ما يكون البشر في أخلاقيات هذه المهنة, وفي التميز الشديد في مجاله في هذه المهنة الشريفة.
أيها الطبيب المتميز الشريف:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسعد الله صباحك وصباح كل رواد هذا الموقع الجميل الذي قدم الكثير لمساعدة المسلمين في شتى أقطار الأرض.
ولا أقول إلا اللهم فرج كل هم, وغم, وكربة عني, وعنك, وعن كل من ساهم في هذا الموقع الذي غير حياة الكثيرين إلى الأفضل.
فسؤالي يكمن عن ماهية صحة الكلام الموجود في هذا المقال, وهل من الصحيح أن هذه المادة الجديدة ستقضي على القلق نهائيا بإذن الله إذا تم استعمالها بشكل متواصل؟ وهل هي آمنة؟ وهل هي بدون آثار جانبية نهائيا؟ وهل من الممكن أن تؤدي إلى الإدمان؟ وهل توجد بها مشكلة الإطاقة والحاجة إلى زيادة الجرعة كالمهدئات القديمة؟
طبعا أنا لم أسأل أثابك الله حتى رأيت بأن هذه المعلومة منشورة في عدة مواقع المانية, وإنجليزية, وعربية أيضا, وهي عبارة عن دراسة لهذا العقار الجديد الذي سوف يستخرجونه من مادة اكس بي دي 173, كما هو موضح في المقالات التالية, وسيطرحونه في الأسواق خلال عامين على حسب الكلام المنشور في المقالات, والتي أجزم يقينا بإذن الله أنك على علم بكل محتوياتها, ولكنني أحببت أن أطرحها عليك حتى أتأكد منك -أثابك الله- مدى صحة محتوياتها التي فرحت بها كثيرا.
المقال الأول: يبدو أن مادة (إكس بي دي 173) التي أكتشف العلماء تأثيرها القوي في علاج حالات الخوف؛ ستغلق ملفا لسنوات عاني فيها المرضي من تعاطي المهدئات والعقاقير المضادة للاكتئاب.
كان فريق علمي بمدينة ميونخ الألمانية قد أكتشف الطريق الجديدة, والتي أكدت القياسات المعملية أنها أثبتت فاعليتها التامة في علاج الهلع, أو نوبات الخوف، مبينا أن الباحثين تحاشوا في البداية الآليات المتعارف عليها أثناء اختبارهم لأثر العلاج الجديد على المرضى، فبدلا من إعطاء الدواء لمرضى الخوف قاموا بإيهام المتطوعين الأصحاء بالهلع من خلال مواقف ذعر مختلقة.
وقال "راينر روبرشت" من معهد "ماكس بلانك" للعلاج النفسي في ميونخ أمس الخميس إن هناك حتى الآن طريقتين للتغلب على نوبات الخوف: تتمثل إحداهما في إعطاء المرضى مواد مهدئة، وهو الأمر الذي ينتج عنه عند بعضهم إرهاق دائم, كما أنها سرعان ما تؤدي إلى الإدمان, أما الطريقة الثانية فهي تتمثل في إعطاء المرضي مضادات الاكتئاب التي صارت في الفترة الأخيرة بمثابة الاختيار الأفضل للأطباء, إلا أن أثرها لا يظهر إلا بعد أسابيع, وربما أشهر، وأضاف أن العلاج الجديد يؤتي ثماره بطريقة سريعة وبلا آثار جانبية.
وأكد المعهد أن الدواء الجديد خفف من حدة الخوف عند المتطوعين الذين تم تجربة الدواء الجديد عليهم، دون أن تظهر عليهم الآثار الجانبية المعتادة لأدوية علاج الهلع, وأكد "روبرشت" أن هناك عدة شركات أدوية تدعم إنتاج العقار الجديد، إلا أن طرحه في الأسواق سيستغرق عدة أعوام قادمة.
المقال الثــــاني: كشفت نتائج دراسة ألمانية - نشرت في (مجلة ساينس science journal) - عن ابتكار عقار لتهدئة الأعصاب المتوترة مشتق من هرمون (البروجستيرون Progesterone)، وأظهر هذا النوع من الأدوية التي تعتمد على الهرمون قدرا ضئيلا للغاية من الآثار الجانبية في كل من مراحل الاختبارات على الحيوانات, والتجارب السريرية.
ويقول فريق العلماء الألماني: إن العلاج الجديد للقلق النفسي يمكنه تهدئة الأعصاب دون حدوث آثار جانبية مزعجة مثل النعاس، وعدم تحمل الدواء وآلام الانقطاع عن تعاطي الدواء.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية: " إن العلماء الذين يعملون تحت إشراف الدكتور / راينر روبريشت في (معهد ماكس بلانك) للعلاج النفسى في ميونيخ نجحوا -للمرة الأولى- في إثبات أن مضادات القلق الجديدة يمكن تطويرها؛ باستخدام آلية مبتكرة تعتمد على المواد (الستيرودية العصبية) المشتقة من هرمون Progesterone ".
وقد بحث العلماء تأثير النوع الجديد من المواد بالتعاون مع قسم علم النفس في (جامعة لودفيج ماكسميلان) في ميونيخ وشركة (نوفارتيس) للأدوية في بازل, وكان للمادة (إكس بي دي 173/ XBD173) تأثير إيجابي على تركيبة المواد الأستيرويدية العصبية في الجسم.
ووفقا لما تمكن العلماء من إثباته بمساعدة نسيج المخ في فأري تجارب أدت إلى إضعاف التواصل العصبي, وأظهرت المادة XBD173 تأثير القلق على المستوى السلوكي في نموذج الحيوان, بدون ملاحظة أي آثار تهدئة مثلما يظهر مع أدوية (البينزوديازيباين) المهدئة على سبيل المثال.
وعبرت الدكتورة / فلوريان هولسبوير - أحد الباحثين - عن سعادتها لإحتواء الفرضية التى تم تطويرها قبل سنوات, أظهرت أن آثار أدوية علاج القلق يمكن احتواؤها بالتأثير على المواد الإستيرويدية العصبية بالجسم قد تأكدت بشكل علمي اليوم.
وقام الأطباء باختبار تأثير المادة XBD173 على البشر لأول مرة من خلال تصميم تجربة سريرية خضع فيها 70 متطوعا أصحاء للاختبار، وقد تم حقن الأشخاص بمركبات (البيبتايدز العصبية CCK-4)، والتي أثارت حالة قلق قصيرة, وحالة خوف مفاجئة لمدة من دقيقتين إلى خمس دقائق, وعندما تم إعطاء مادة XBD173 للأشخاص موضع التجربة لم تحدث لهم حالة الخوف المفاجئة بهذه الطريقة، وأدت أدوية (البنزوديازيباين البرازولام) إلى كبح الشعور بالقلق.
وقال الدكتور / روبريشت: " إن التطبيق الناجح للنموذج التجريبي للقلق على الأشخاص الأصحاء سوف يسهل ابتكار أدوية لعلاج القلق في المستقبل؛ حيث إن تجربة العناصر الفعالة في المرحلة المبكرة للابتكار لا يجب بالضرورة تطبيقها على المرضى"
وجزاك الله عنا خير الجزاء, وجعل مثواي ومثواك وأهلي وأهلك الفردوس الأعلى من الجنة, بدون حساب, ولا عذاب, وكل مسلم قام بدعم هذا الموقع.
وصلى الله وسلم على النبي المصطفى, وعلى آله وصحبه, وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن قال لأخيه جزاك الله خيرًا فقد أجزل في الثناء، وحقيقة كلماتك الطيبة هذه أخجلتني تمامًا، بل أرى أنها تحملني مسؤولية كبيرة جدًّا، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.
العلم قليلا كان أو كثيرًا إن لم ينفع الناس فلا خير فيه، والأمر الآخر والمهم: أن القائمين على هذا الموقع –جزاهم الله خيرًا– كلهم نحسبهم -إن شاء الله تعالى– من الأفاضل والصالحين والمقتدرين، وما يُنفق عليه أيضًا من المال ليس بالقليل، فجزى الله كل من أعطى وكل من قدّم.
والأمر الثالث –وهو من وجهة نظري مهم جدًّا– أن هذا الموقع لم يتم إثرائه إلا من خلالكم، هذا التبادل والتلاحم والحوارات الجيدة والإيجابية أعتقد أنها ركيزة جوهرية جدًّا في إثراء هذا الموقع.
فبارك الله فيك -أخي الكريم– ويسعدني أخِي (عبد الله) أن أهنئك بقدوم شهر رمضان المبارك، نسأل الله أن يبلغنا له جميعًا ويجعلنا من الصائمين القائمين، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
المعلومة التي أوردتها معلومة جيدة وممتازة، وأنا أبشرك أنني وصلت أمس من بريطانيا (13/7) لحضور اجتماع الكلية الملكية البريطانية للاستشاريين النفسانيين، والذي عُقد في الفترة من 10 إلى 13 يوليو، ويتميز هذا الاجتماع بأن أحدث وأحسن وأجود الأوراق العلمية تُقدم فيه، ولا توجد أي تأثيرات لشركات الأدوية، وهذا أمر يميز الكلية الملكية البريطانية على منظمات نفسية وجمعيات ومعاهد كثيرة جدًّا حول العالم. لا يوجد أي مال يُستلم من شركات الأدوية، وهذا يضمن الحيادية التامة والعلمية النقية.
كما تعرف: هنالك عدة اكتشافات، وهنالك ملاحظات مختبرية كثيرة، فيها ما هو صواب وفيها ما هو خطأ، وكثير من العلماء يبذلون جهدًا كبيرًا إما لإثبات حقيقة أو لنفي ما حاول غيرهم أن يثبتوه.
الاكتشافات في مجال الكيمياء الحيوية والعضوية والمواد الصيدلانية يسير بتقدم كبير، والآن توجد قناعة كاملة أن الطب النفسي لا يمكن أن يتقدم إلا من خلال الأبحاث العلمية البيولوجية واكتشاف أدوية جديدة. هذا الكلام الآن لا جدال ولا خلاف حوله.
بالنسبة للمادة (XBD173) أنا أثمن على ما ذكرته، ولدي اطلاع حول هذا الموضوع، وأبشرك أن أحد العلماء من البرازيل قد قدم ورقة ممتازة جدًّا حول هذا المركب في اجتماع الكلية الملكية الأخير في بريطانيا، والحقيقة المسمى (XBD173) هي شفرة أعطيت لهذا المركب، ودائمًا الأدوية تُكتشف من خلال هذا التنسيق، أي أن الدواء حين يكون في فترات اختباره الأول على الحيوان وخلافه لا يُعطى مُسمى، وبعد ذلك يتم اختباره على المتطوعين.
فهذا المركب واعد جدًّا، وهو في الأخير سوف يكون دواءً، وسوف يُعطى مسمى علمي، لكن يجب ألا نستعجل –أخِي عبد الله– لأن كثير من الأدوية أو المركبات الصيدلانية وصلت لمراحل متقدمة جدًّا من الأبحاث, وجُربت على المتطوعين وخلافه, وحين دخلت في المراحل الأخيرة -حتى بعد أن بدأ استعمالها- ظهر منها مشاكل، هذا يجب ألا يثبطنا، ولكن يجب أن يرفع من درجة وعينا.
وشركة (لون بك) وهي شركة دنماركية منقطعة تمامًا للأبحاث الدماغية، أيضًا لديها مركب واعد جدًّا تم التحدث عنه في هذا الاجتماع, وموضوع الـ (Progesterone) ومدى تأثير مشتقاته على المزاج هو موضوع ليس بالجديد، لكن لم تصل أي خلاصات نهائية فيما يخصه حتى الآن.
فالذي أقوله لك -أخي الكريم الفاضل– أولا: أشكرك على هذه المتابعة العلمية الراقية، وهذا يدل على حسن اطلاعك، ومشورتك لنا أيضًا نقدرها جدًّا، وما ذكرته لك هو مثال أن الأبحاث جارية، وأن الوعود كثيرة جدًّا, والمبشرات كثيرة جدًّا، وتفهم العلماء الآن للدماغ, لكيميائيته, ومركباته, وطريقة عمله الآن أصبحت متميزة جدًّا، مثلا العمل العلمي كبير حول الوساوس القهرية, وما هي مناطق الدماغ التي تتأثر، هذا أيضًا وصل لمراحل مبشرة جدًّا، الآن العلاجات التي تستخدم وبالرغم بعض نواحي القصور فيها إلا أنها لا شك قد غيّرت حياة الناس, وأفادتهم كثيرًا، ونسأل الله تعالى أن يكون هنالك المزيد من المركبات الجيدة والفاعلة.
حول ما ذكره الدكتور (روبريشت) حول التطبيق الناجح للنموذج التجريبي للقلق على الأشخاص: هذا معروف، وقبل خمسة وعشرين عامًا وُجد أن حقن مادة (صوديوم لاكتات Sodium lactate ) في الإنسان تثير لديه قلقا وفزعا شديدا، وكانت هذه هي البدايات البيولوجية الأولى لمعرفة حقيقة القلق، وأدوية كثيرة جدًّا تم استخلاصها من خلال هذه التجارب العلمية، وحتى النموذج التجريبي للقلق -إن كان على الإنسان أو الحيوان - استفاد منه علماء السلوك استفادة كبيرة جدًّا، وكثير من التطبيقات العلاجية النفسية السلوكية نشأت من النموذج التجريبي للقلق، وما يعرف بفك الارتباط الشرطي قام على هذا الأساس.
وحقيقة هذا ليس بالمستغرب، لأن المدرسة السلوكية في الأصل قامت على أسس بيولوجية، الملاحظة التي أبداها العالِم الفسيولوجي (بافلوف) هذا العالم الروسي -كما تعرف- كان يعرض الطعام على الكلاب دون أن يعطيها إياه فيسيل لاعبها بشكل متكرر، وظل يعرض عليها الطعام ويسحبه، وفي كل مرة يعرض الطعام ويسيل لعابهم، وبعد ذلك بدأ يقرع الجرس ويقدم الطعام في ذات الوقت, وظلت الكلاب تُنزل اللعاب، وحين سحب الطعام وبدأ ينقرع الجرس فقط ظل اللعاب ينزل من الكلاب، وبعد ذلك بدأ إفراز اللعاب يقل تدريجيًا حتى توقف.
فهذه تجربة فسيولوجية قامت عليها كل ما يعرف بالعلاج النفسي السلوكي، وحتى العلاج النفسي السلوكي المعرفي أُخذ من هذه التجربة.
أشكرك كثيرًا على رسالتك الطيبة، وبارك الله فيك، وكل عام وأنتم بخير، وأعننا الله وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.