أرق متواصل وتفكير سلبي في إنهاء الحياة..ما العلاج لهذه المعاناة؟
2012-07-13 19:08:44 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام بعد بحث شاق وعنيف وجدت في موقعنا الكريم مجموعة مقالات الأسئلة واستفسارات مجاوبا عنها بخبرة عالية، وطرق نموذجية، وهو ما جعلني أتوكل على الله في الاعتماد على إجابة سؤالي هنا بإذن الله.
الخروج من مشكلة عاطفية وكأنك لا ترى العالم وقد اختفى وفني، تفكيرك كله في الانتحار، وتدني اهتمامك بكل شيء آخر في العالم.
بدء إهمالك لعملك، وفكرة إنهاء حياتك من بتاتها، والأرق المتواصل، والتفكير المستمر في مشكلتك، ما هو أفضل دواء لهذه المشكلة؟ وهل يؤدي إلى الإدمان؟
في انتظار ردكم الكريم بإذن الله، وشكرا جزيلا على هذه الخدمة المتميزة، وتحياتي، وأطيب أمنياتي بالتوفيق للجميع.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فلا شك أن الفكر الانتحاري فكر سخيف، وفكر يُشعر صاحبه بافتقاد الأمل تمامًا، والانتحار في الأصل - أو التفكير فيه – له مسببات كثيرة وعوامل كثيرة، من أهمها أن الإنسان قد يواجه مشكلة قد تكون عابرة أو قد تكون مزمنة، ويجد نفسه مشلولاً تمامًا أمام هذه المشكلة، لا يستطيع أن يحلها، لا يستطيع أن يواجهها، ولا يستطيع أن يؤجلها أو يتجنبها، هنا يحاصر حصارًا مُطبقًا، وقد تظلم الدنيا أمامه، وهنا يفكر في أخذ حياته عنوة.
لكن بفضل من الله تعالى هناك واقيات وحاميات للإنسان، أولها الإيمان بالله، لذا نجد بفضل الله تعالى أن نسبة الانتحار أقل كثيرًا وسط المسلمين، تعرف أنه في كل أربعين أو خمسة وأربعين ثانية ينتحر شخصًا ما حول العالم، مساهمة المسلمين في ذلك قليلة وضعيفة جدًّا، وهذا لم يوجد له أي تفسير غير أن الدين هو الذي يوقي الناس، فلله الحمد والشكر والمنّة.
من العوامل التي تدعم الإنسان وتقيه أيضًا هي أن يعرف أنه حين ينتحر سوف يتألم من خلفه الكثير والكثير جدًّا من الناس من الأهل ومن الأحباب.
حين يُدرك أن مآله سوف يكون مآلاً قبيحًا، وهذا لا يأتي إلا من خلال الإيمان بالجنة والنار والحساب والوقوف بين يدي الله تعالى، ومن خلال العقيدة الراسخة بذلك.
حين يفهم أنه دائمًا توجد فرصة ثانية، حين يفهم أن لكل مشكلة حلا وليس بالضروري أن تحل كل المشاكل، لكن من الضروري أن ألعب دوري بصورة إيجابية... وهكذا.
وإذا كان هناك اكتئاب نفسي حقيقي فهذا يمكن أن يعالج، الأسباب النفسية للانتحار معروفة أهمها الاكتئاب النفسي الشديد المطبق – وليس كل اكتئاب – الإدمان على الكحوليات، واضطراب الشخصية، وبعض حالات الذهان حين يستبصر أصحابها. هذه هي الأسباب بصفة عامة.
فالفكر الانتحاري فكر مرفوض في مجتمعاتنا، مجتمعاتنا مجتمعات مؤمنة مسلمة متكافلة متراحمة، وإن أظلمت الدنيا في عين الإنسان لحظة سوف تنفرج - إن شاء الله تعالى - . مجرد الاستغفار يفرج عن الإنسان الكثير من الكدر، مجرد ذكر الله تعالى يفرج الهموم والغموم، ألم تعرف دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبت الرجال) ألم تعرف دعاءه - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سميته به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربي قلبي، ونور صدري وجلاء حزني، وذهاب همّي وغمي) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم – ألم تسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيرًا)، ادع وقل: (اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همي، ولا مبلغ علمي ولا إلى النار مصيري، واجعل الجنة هي داري).
هذا الفكر يمكن أن يُطرد، ويمكن أن يعالج، ويمكن أن يسيطر عليه تمامًا، أرجو إن كان هنالك شيء من هذا النوع من الفكر أن يكون هناك تواصل مع طبيب نفسي، ليست القضية قضية أدوية أبدًا، القضية قضية تعديل فكر، بناء مفاهيم جديدة، توائم جديد، تواصل جديد، إيمان متجدد، شعور بقيمة الحياة وقيمة ذات الإنسان، هنا من الضروري جدًّا أن يكون هنالك تواصل مع الأطباء.
في حالات الاكتئاب الحاد الذي يحمل سمات الانتحار لا توجد وسيلة علاجية غير الجلسات الكهربائية، الجلسات الكهربائية نعتبرها منقذة للحياة، وهذه من الوظائف الرئيسية التي يلعبها هذا العلاج بالرغم مما قيل عنه سلبًا، لكنه علاج رائع ومتميز في هذا المجال.
مضادات الاكتئاب حين تُزيل الاكتئاب كلها حقيقة تمنع حدوث الانتحار إذا كان الانتحار مصدره الاكتئاب، عقار (ليثيوم كاربونيت) وجد أنه له سمات خاصة جدًّا لإضعاف الفكر الانتحاري، مهما كانت خلفية التشخيص، وهناك دواء يستعمل في أمراض الذهان يسمى (كلوزابين)، وجد أيضًا أنه ذو خاصية خاصة جدًّا في إجهاض الفكر الانتحاري.
التواصل مع الطبيب في هذه الأمور هو الحل الأساسي، وليس تناول دواءٍ فقط وترك الأمر على ما هو عليه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.