هل أدوية الاكتئاب تسبب السرطان؟
2012-07-08 06:47:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
شكرًا جزيلاً على ما تقدمونه من جهد مبذول - جعله الله في ميزان حسناتكم - وأتمنى أن تصارحوني مهما كان الجواب.
أنا لدي وسواس قهري منذ عدة سنوات, وهو متوسط الشدة حاليًا, ولكني متعبة جدًّا لأنه أصبح الآن في عقيدتي, فأنا لا أقرأ القرآن منذ مدة طويلة؛ خوفًا من أن كون كافرة, وقرأت بأن الشك بوجود الخالق ردة, وأنا لا أستطيع أن أميز ما بداخلي, هل هو شك أم وسواس؟ ولكن الأقرب أنه شك! وكم أحبطت وتدمرت عندما قرأت بأن الشك ردة! وأنا أصلي, ولكن من غير خشوع بسبب وسواس القراءة, ووسواس الغسل ساعة ونصف.
لن أطيل عليكم, فقد اشتريت فافرين, ولكني خائفة جدًّا منه بسبب موضوع قرأته عن ارتباط أدوية الاكتئاب بسرطان الثدي والمبيض, وبنسبة كبيرة 11٪, خصوصًا أن من عائلتنا من أصابها سرطان الثدي, فالخطر لذلك أكبر, لا أعلم ماذا أفعل؟
أرجوك – دكتور – أن تخبرني الحقيقة, وذلك الكلام الذي ذكرته لك ليس بحثًا علميًا, ولكنه كتب في الموضوع: (مراجعة بحثية, ودراسة على أشخاص) وأيضًا قرأت دراسة بأنهم رأوا الحمض النووي مدمرًا في الحيوانات المنوية, وفي الغالب السرطان يحدث بتغيير في المادة الوراثية, وقرأت في موقع مجانين للأخ مصطفى السعدني في جوابه عن استشارة حول هذا الكلام الذي بين القوسين: (أخي الكريم: أثرت نقطة في رسالتك على قدر كبير من الحساسية, ومن الصعب أن أمررها دون مناقشة, ألا وهي أن هناك آراء نظرية, وليس أبحاثًا, تشير إلى أن استخدام مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية (ماسا) - وليس كل مضادات الاكتئاب كما ذكرت - قد تؤدي إلى حدوث سرطان القولون وغيره، وفي الحقيقة قد قرأت هذا الرأي وسمعته من بعض الزملاء منذ عدة سنوات، ونظريتهم في ذلك أن معظم هذه العقاقير تقوم بتثبيط وتنشيط الإنزيم الكبدي ب 450, وذلك نتيجة للتفاعلات الكيميائية مع عقاقير ومواد غذائية أخرى تدخل الجسم البشري؛ مما قد يؤثر على إضعاف القوى المناعية للجسم, وبالتالي التعرض للإصابة بالسرطان، ولكننا في الحقيقة ننتظر نتائج أبحاث أكثر تكون عملية وضابطة, وعلى أعداد كبيرة ممن يتناولون هذه العقاقير (ماسا) لفترات طويلة، وخصوصًا أنه من الثابت علميًا أن الشخص المعرض للضغط النفسي لفترات طويلة (كالمرضى النفسيين) وبدون علاج هو أكثر عرضة لأمراض المناعة, وكذلك التعرض للإصابة بالسرطان).
أنا خائفة أن أموت قبل أن أتأكد من إيماني وأتوب, وأنا أقول أحيانًا: سآخذ الدواء, والأهم ديني, حتى وإن أصابني السرطان, أنا لا أستطيع أخذ قرار! وخصوصًا أني قرأت أيضًا بأنها ترفع إنزيمات الكبد, وأنها خطر على القلب.
أرجوك - أخي الكريم - أن تصارحني بالحقيقة, وتنصحني بالمفيد -وهذا ظني فيكم-؟
وأرجو أن تقول لي: هل أنا أحتاج الدواء أم يمكن أن أتخلص منه من غير دواء؟
وما هي طريقة استخدام الفافرين؟
وهل سيوقف لي وساوسي عن الدين؟
وهل إذا تركته ستعود؟
جزاك الله خير الجزاء, وشكرًا جزيلاً, حفظك الله من كل شر, وأتمنى أن لا تتأخروا بالرد علي؛ لأني أريد أن أنتهي من الوسواس قبل رمضان, وأشعر بلذة العبادة, بلغنا الله وإياكم الشهر بكل خير, وحفظكم الله لنا, وأعتذر جدًّا للإطالة, ولكن لحيرتي وعذابي, والحمد لله على كل حال, وشكرًا جزيلاً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.
الذي أراك تعاني منه ليس شكًا, إنما هو وسواس, والوسواس هو الذي ولد الشك لديك, وجعلك تندفعين نحن تفسيرات خاطئة جدًّا, وهذه أحد مشاكل الوسواس القهري, خاصة حين تكون ملحة ومستحوذة.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أقدر لك ترددك حول الدواء, والتقاطك الانتقائي جدًّا لبعض السلبيات التي قد تكون ذكرت عن الأدوية, وهي ليست حقيقة, وأنا لا أريد أن أبدأ الدفاع عن شركات الأدوية, ولكن في ذات الوقت يجب أن ألتزم بالحقيقة العلمية وهي: أن الدواء الذي يسبب السرطان لا يمكن أن يرخص له بالاستعمال, والفافرين استعمل منذ عام 1983م, إذن هذا دواء له قرابة الثلاثين عامًا في أسواق الدواء, ولا يمكن أبدًا أن يكون له أثر سلبي جانبي للسرطان, وتدارك الأمور هكذا.
السلطات الدوائية في أنحاء العالم صارمة جدًّا حيال سلامة الأدوية.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو أن تتناولي الدواء سواء كان الفافرين أم غيره من الأدوية، المهم أن تعالجي حالتك, ولا تهملي نفسك، وإن استطعت أن تتواصلي مع الأخ الدكتور الأستاذ/وائل أبو هندي، صاحب موقع مجانين, وهو الذي رعى هذا الموقع الجميل وطوره، والدكتور وائل له اجتهادات كبيرة جدًّا في الوساوس القهرية, والأخ الدكتور إبراهيم الخضير رئيس قسم الطب النفسي بالمستشفى العسكري بالرياض، فكل أبحاثه تدور حول الوساوس القهرية، فإن تمكنت أن تقابلي أحد هذه القامات العلمية فربما يطمئنك.
أما من جانبي: فأقول لك: إن الذي تعانين منه هو وسواس, وهذه الوسواس يجب أن تقهر, ويمكن أن تقهر, وأنا حقيقة أتعاطف معك جدًّا, وأتمنى أن تنقل نفسك من هذا التفكير الوسواسي إلى تفكير إيجابي واحد, وهو ضرورة تناول العلاج من أجل أن تزيلي عن نفسك هذا الاستحواذ, وتعيشين حياة طبية, وترجعين لتلاوة كتاب ربك، وتعيشين في سعادة وهناء.
التواصل السلوكي مهم جدًّا في حالتك، وأنا أقدر تمامًا جهودك البحثية حول الوساوس القهرية, وهي مشكلة كبيرة، وأرشدك لتقرئي ما كتب الإمام البلخي عن الوساوس القهرية، فما ذكره بالفعل هو ما أثبت اليوم, بالرغم من مرور مئات السنين مما ذكره، والذي يسرني دائمًا وأعتبره من النعمة العظيمة لنا نحن البشر هو أن هذه الأدوية الحديثة قد غيرت تمامًا آلات ومسارات ونتائج علاج الوساوس القهرية، فقبل ثلاثين عامًا (15 -17% ) فقط من مرضى الوساوس هم الذين يتحسنون, أما الآن فنستطيع أن نقول: إن ( 80%) من مرضى الوساوس يمكن علاجهم بصورة ممتازة، وهذه نسبة عالية وعالية جدًّا بكل المقاييس الطبية.
أيتها الفاضلة الكريمة: قد أكون عجزت في التعبير لإقناعك بتناول العلاج, لكني أقول لك الآن من كل قلبي: أن تتلقي العلاج, وأن لا تستمتعي ولا تلتفتي أبدًا لما يثار حول سلامة هذه الأدوية, وعليك أن تسألي الله تعالى أن يحفظك, وأن يجعل فيها خيرًا، وهذا يكفي تمامًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.