هل أعقد عليها وأنتظر 3 سنوات أم أبحث عن غيرها؟
2012-06-18 11:19:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا الآن ما زلت طالبا في الجامعة, وتبقى لي -بإذن الله- ثلاث سنوات بعد هذه السنة, وأرغب في الزواج الآن لإعفاف نفسي عن الحرام, ورغبة في امرأة صالحة أحسبها كذلك لتكون لي سكنا وعونا على طاعة الله, وخاصة بعد وفاة والدتي رحمها الله, وأمور الزواج من سكن وغيره متوفرة والحمد لله, وأيضا والدي سيعينني وسأعمل بجانب دراستي لأجل هذا الأمر.
ولكن والد الأخت الكريمة غير موافق على الزواج الآن حتى أنهي وتنتهي هي أيضا من دراستها, ولكنني ما زلت أرغب في الزواج منها لا من غيرها لما أعلمه من صلاحها والله حسيبها, فهل يمكن لي أن أعقد عليها لمدة ثلاث سنوات ثم بعد ذلك يكون البناء؟ وما الذي سيكون جائزا لي في هذه الفترة بعد العقد عليها؟ وهل عون والدي لي في الزواج بالنفقات والسكن وغيره, رغم عدم فعله ذلك مع أخواتي وهما بنتان لم يتزوجا بعد, وأنا أشعر دائما بغبرتهما من اهتمام والدي بي أكثر منهما وتفضيلي عليهما, وقد علمت أن على الوالد التسوية بين أبنائه في الأعطية؛ فهل تجوز لي هذه الأعطية؟
أرجو الإجابة على هذه التساؤلات الملحة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد السيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحًا وهدىً واستقامة، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يمنّ عليك بإنهاء دراستك على خير، وأن يكرمك بزوجة صالحة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن هذه السن التي أنت بها الآن سن حرجة، لأنها مرحلة الرجولة الكاملة، إذ أنك تصبح رجلا بمجرد البلوغ، والبلوغ هذا عادة قد يكون حتى في الثالثة عشر أو الرابعة عشر أو الخامسة عشر – على أعلى تقدير – ثم بعد ذلك تصبح رجلا مكلفًا تكليفًا كاملا، وكون الله يكلفك في هذه السن – أي سن الخامسة عشر على سبيل المثال – فإنه معنى ذلك أنك أصبحت رجلا كامل الرجولة، ومن حقك فعلا أن تعان على غض بصرك وتحصين فرجك.
نظام التعليم الآن في البلاد العربية والإسلامية عطل حياة شباب، فيظل الشاب عالة على أهله إلى أن يصل – أحيانًا – إلى الخامسة والعشرين أو السابعة والعشرين من عمره، ولذلك يستحي أن يفتح هذا الباب مع والديه، لأنه لا يريد أن يزيد الطين بلة ولا المرض علة، لماذا؟ لأنه في حد ذاته عالة على أهله، فيقول (أنا عالة وسآتي بامرأة أخرى تكون عالة بجوار عالة قطعًا هذا أمر قد يكون غير مستحب أو مرغوب فيه) ولذلك قلَّ ما يُقبل عليه شاب في مثل الظروف التي أنت بها.
ولكن بما أن والدك ليس لديه مانع وظروفك تسمح، فإن هذا أمر مشجع، ونقول: يا ليت شبابنا يتزوجوا جميعًا في مثل هذه السن، بل قبل ذلك، حتى يستطيع الشاب أن يمر مرحلة الخطر وهو على خير، لم يقع في محرمات ولم ينظر بعينه إلى ما يُغضب رب الأرض والسموات، ولم يقترف إثمًا، ولم يقع في محظور، فهذا شيء عظيم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – بيّن أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (وشاب نشأ في طاعة الله) أو (في عبادة الله) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -.
فكم نتمنى فعلا أن تمر هذه المرحلة على خير، وأن يتزوج الشباب مبكرين، حتى أيضًا ينجبوا أطفالا - مبكرين – يتمكنون من تربيتهم تربية صحيحة وموفقة ومسددة، ولكن كما ذكرتُ لك: ظروف التعليم حالت دون تحقيق هذا الهدف وقتلت هذه الغاية، وأصبح الشاب - أو الفتاة - يصل إلى الخامسة والعشرين من عمره – وأكثر – أي إلى نصف عمره تقريبًا - أو قريبًا منه – وهو لم يستقر بعد.
فرغبتك هذه طبيعة، وهي في وقتها يقينًا، لكن المشكلة تبقى حتى ولو وافق وليُّ هذه الفتاة على أن تعقد عليها الآن مدة ثلاث سنوات، وهذه مدة طويلة جدًّا، وقد تتفجر فيها مشكلات أنت أحيانًا تتعجب من أين تأتي هذه المشكلات، ولذلك نحن نذهب ونؤيد بقوة إلى أن يكون فقط العقد في أضيق الحدود، لأن الفتاة مهما كانت رُبيت في بيئة غير بيئتك – وأنت كذلك – وهناك أمور كثيرة جدًّا أنتم لا تعلمونها عن بعض، لأن الاحتكاك في الغالب يكون احتكاكًا ظاهرًا، فأنت تراها تُعجب بهيئتها بكلامها، وقد يكون هناك حوار فيما يتعلق – مثلاً – بالدراسة وحولها أو حتى إن شرقتم أو غربتم فكله كلام قائم على المجاملة، ولا يُنبأ عن حقيقة الإنسان بصورة دقيقة أو كاملة، ولذلك قد تتفجر مشاكل خلال ثلاث سنوات تؤدي إلى الطلاق والفراق.
ومن هنا فإن موقف وليُّ الفتاة موقف حق، وإن كنتُ أرى أنه لو وافق على الزواج من أوله لكان خيرًا، ولكن أنت تعلم أن طاغوت التعليم في العالم العربي والإسلامي ومسألة تغيّر الأفكار لدى الناس أصبحت الأسرة تحرص كل الحرص على تعليم ابنتها وتقول: (هذا سلاح ضد الزمن)، كأنها ستحارب الله تعالى، (ومن يدري الزمن غدّار والزوج قد يغدر بك) رغم أن أمها ليست كذلك وأن أباها ليس كذلك، ولكن الشيطان مع الأسف الشديد بدأ يشوه الصورة، وبدأ يجعل الناس فعلا يعتبرون التعليم كما لو كانت مسألة حياة أو موت، ترتب عليه أن الفتاة يتقدم لها الأكفاء الفضلاء ولكنها لا تقبلهم الأسرة أو لا تقبلهم الفتاة، نتيجة ارتباطها بالتعليم، وقد تتعلم وقد تتخرج وتصبح أساتذة في الجامعة ولا يتقدم لها أحد، وتبقي بعد ذلك على ليلاها ولا حياة لمن تنادي، ولات ساعة مندم.
فإذن أقول: أتمنى فعلا أن يكون الأمر كاملا، وأن يوافق على الارتباط الكامل، وأن تتزوج، وأن تستقر أنت وهي، لأن هذا أمر للنساء كما هو للرجال، فهذه ليست مشكلة الشباب فقط، وإنما مشكلة الشباب والشابات، فهي مشكلة واحدة لأن ظروفها واحدة، ولكن إذا كانت فكرة العقد فأنا لا أنصح بطولها، لأنها ستفجر لك مشاكل لا يعلم بها إلا الله تعالى، وهذه الفتاة التي تحسبها أنك لن تستطيع أن تسعد إلا معها ولن تسعد مع غيرها قد تكرهها كراهية أعظم من كراهية إبليس لآدم عليه السلام – والعياذ بالله -.
فأنا أرى أن هذه الخطبة الطويلة – أو كتب العقد لمدة طويلة – لا تفكر فيها مطلقًا، وإنما أرى إذا كانت جادًا فابحث عن غيرها من الصالحات القانتات اللواتي لديهنًّ الاستعداد أن يبدأن الحياة الزوجية من الآن, حتى تُعان على غض بصرك وتحصين فرجك, أما إذا كنت تنتظر هذه الفتاة بعينها فأنا أنصح أن تنتظر، وأن تظل علاقتك معها وُفق الضوابط الشرعية، ولا تتكلم معها، ولا تختلي بها، ولا تراها ولا تراك، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولا.
فيما يتعلق برغبة والدك أن يزوجك أو يقف معك وأنت تسأل عن ذلك؟ فأنا أقول: الأصل فيه أن والدك عليه أن يزوجك، فإذا ما تقدم أحد لأخواتك عليه أن يقوم بذلك ما دام قد زوّجك، فعليه أن يزوّج أختيْك كذلك، وعليه أن يكرمهنَّ كما أكرمك. هناك خلاف هل يعطيهنَّ نفس العطية أم يعطيهنَّ النصف؟ المهم أن يكرمهنَّ من أجلك، وأعتقد أنه ليس في ذلك حرج، ما دمت أنت الذي ستتزوج أولا. كذلك لو أن هناك أختًا من أخواتك تتزوج فعليه أن يقوم بتجهيزها وإعدادها، وأعتقد أن ذلك أمر يتعارف عليه الناس وليس فيه من حرج.
إذا عقدت على الفتاة التي ترغب فيها فإنه يجوز لك منها كل شيء إلا الجماع، فيجوز لك كل شيء إلا الجماع، لأن الجماع لا يكون إلا في بيت الزوجية، وهذا ما عليه أهل العلم، لأن الجماع معناه نفقة، وأنت لا تنفق عليها، فالأولى ألا تجامعها إلا عند البناء بها والزفاف بها والإنفاق عليها.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يطهر قلبك وأن يحصن فرجك، وأن يمنّ عليك بنعمة الزواج والاستقرار.
هذا وبالله التوفيق.