الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ akms حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فأنا أتعاطف معك جدًّا, وقد اطلعت على رسالتك بكل دقة, وبكل تفاصيلها، والذي أستطيع أن أستخلصه أن جوهر شكواك يدل على وجود اكتئاب نفسي.
الأعراض الأخرى – أو ما نسميها بأعراض التجسيد, أو الأعراض الجسدية – هذه من وجهة نظري ثانوية، المهم هو أنك لا تحس بطعم الحياة، لا تحس بأي شيء من حولك، ضعف الذاكرة، العيش كأنك في خيال أو حلم، هذه كلها أعراض اكتئابية, لا شك في ذلك، ومن الواضح جدًّا أنك مشبع بالأفكار السلبية، وهذه إشكالية كبيرة جدًّا فيما يخص علاج الاكتئاب النفسي أو تسبيبه.
أنا كما ذكرت لك أتعاطف معك جدًّا، ومن واجبي أن أملكك الحقائق, وأهم حقيقة يجب أن تمتلكها أن حالتك يمكن علاجها – فهذا مهم جدًّا جدًّا – وأرجو أن تترك سني المعاناة التي تحدثت عنها خلف ظهرك, والخبرات أيًّا كان نوعها – سالبة أو إيجابية – فما دامت هي في الماضي فيجب أن يعتبرها الإنسان خبرة فقط, ويتخذها عبرة, وليس أكثر من ذلك.
كثير من الناس الذين عانوا وعانوا تحولت وتبدلت حياتهم بعد ذلك, وأصبحت إيجابية جدًّا، وذلك من خلال أنهم قرروا أن يغيروا أنفسهم، قرروا أن تكون لديهم إرادة التحسن؛ لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؛ فاجعل هذه انطلاقة أساسية بالنسبة لك.
أنا أعتقد أن استمرارك على دواء أو دواءين من الأدوية النفسية الجيدة سوف يساعدك تمامًا، وفي ذات الوقت عليك أن تشعر بقيمة ذاتك, فأنت - الحمد لله -الآن لديك عمل، حتى وإن كان الدخل بسيطًا - أسال الله تعالى أن يبارك لك –فالناس كلهم مرزوقون, لكنهم يختلفون في الكسب، وما يأتيك - إن شاء الله تعالى – يكون فيه بركة وخير كثير جدًّا.
انطلق انطلاقات إيجابية في حياتك، تواصل اجتماعيًا، اطلع واقرأ، وكن حريصًا على وقتك, فهذا كله يمثل دفعات إيجابية جدًّا.
وأنت أيضًا لك فرصة عظيمة من خلال عملك في المطعم أن تتواصل مع الناس، وهذا التواصل سوف يعود عليك بإيجابيات كثيرة، فهي خبرة, والخبرة الاجتماعية تطور المهارات الاجتماعية.
فمن وجهة نظري أنك إذا نقلت نفسك نقلاً فكريًا إيجابيًا معرفيًا فهذا سوف يفيدك كثيرًا.
مارس أيضًا تمارين الاسترخاء، فهي مهمة، وإليك بعض الاستشارات السابقة التي تبين لك كيفية تطبيقها، وهي برقم (
2136015).
بالرغم من ساعات عملك الطويلة، لكن يجب أن تعطي الرياضة أهمية في حياتك، فهي تجدد الطاقات, وتزيل الإجهاد والقلق والتوتر، وشعورك الذي فيه شيء من اللاواقعية - أو ما يسمى باضطراب الأنّية – هو جزء من حالة الاكتئاب التي تعاني منها، وأن تؤهل نفسك على الأسس التي ذكرتها لك، فسوف تخرج نفسك تمامًا من هذا الوضع.
أنت محتاج للعلاج المضاد للاكتئاب، وهذه حقيقة يجب أن أؤكد عليها، وما دمت لا تستطيع أن تواصل على الإفكسر نسبة لتكلفته, فيمكن أن تنتقل إلى دواء آخر، هنالك أدوية قديمة لكنها ممتازة، مثلاً عقار (تفرانيل/إمبرامين) دواء جيد، وهو رخيص الثمن جدًّا، وفي ذات الوقت هو دواء سليم، ربما يسبب آثارًا جانبية بسيطة جدًّا في الأيام الأولى, تتمثل في شعور بالجفاف في الفم مثلاً، إذا أردت أن تستشير طبيبك في هذا الأمر فهذا أمر جيد، لكن أرى أن تتناول التفرانيل، ويمكنك أن تتوقف عن الإفكسر تدريجيًا، تناوله كبسولة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين – مثلاً – ثم توقف عنه، وحين تبدأ في تخفيض الإفكسر ابدأ في تناول التفرانيل، ابدأ بخمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا، وبعد أسبوع اجعله خمسين مليجرامًا، وبعد أسبوع ثالث اجعلها خمسة وسبعين مليجرامًا، وبعد أسبوع رابع اجعلها مائة مليجرام في اليوم, ويمكن أن تتناول خمسين مليجرامًا صباحًا, وخمسين مليجرامًا مساءً، وعند البداية ابدأ بخمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً، ثم حين تنتقل لحبتين في اليوم اجعلها حبة صباحًا ومساءً، ثم حين تنتقل إلى الحبة الثالثة اجعلها حبتين مساءً وحبة في الصباح، وحين تصل إلى الجرعة العلاجية – وهي مائة مليجرام – أعتقد أنه يجب أن تستمر عليها لمدة عام على الأقل، بعدها يمكن أن تخفض الجرعة بمعدل خمسة وعشرين مليجرامًا كل ستة أشهر.
بجانب التفرانيل هنالك دواء أيضًا بسيط وفاعل وممتاز يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل), ويعرف علميًا باسم (سلبرايد), وهذا الدواء تناوله بجرعة كبسولة صباحًا ومساءً، وقوة الكبسولة خمسون مليجرامًا، تناولها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكن أن تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم، وإن استمررت عليها أي مدة لا بأس في ذلك.
فإن شاء الله تعالى الأمور مبشرة، والأمور أفضل مما تتصور، فأنت شاب، وأنت لديك - إن شاء الله تعالى – طاقات يمكن أن تجددها، ويمكن أن تطور نفسك، ولابد أن تغير ما بداخلك، لا تعش أبدًا عيشة سلبية، لا تدع مجالاً للفكر السلبي ليسيطر عليك، انهض بنفسك وانطلق، وادع الله تعالى أن يعافيك.
بالنسبة لإرسال الإيميل: أنا ليس لدي مانع من ذلك، كثير من الأخوة والأخوات يطلبون مني ذلك، وحتى أكون واضحًا وصادقًا وأمينًا مع الناس لن أستطيع أن أوفي بأن أرد عليهم نسبة لكثرة المشاغل، فلذا أرجو أن تعذرني حول هذا الأمر.
وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.