خلافات والدي أثرت على حياتنا فأرجو النصيحة
2012-05-20 11:50:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-
أنا فتى عمري 13 في مرحلة المراهقة، أبي وأمي عصبيان جدًّا.
وهما في خلافات كل يوم، وأمي لا تتوقف عن الصراخ والدعاء علينا أنا وإخوتي على أتفه الأسباب، ووالدي كل يوم عابس الوجه لا سلام ولا كلام.
أنا أحسد الناس لأنهم يعيشون أحسن المعيشة، ونحن كل يوم في مشكلة وصراخ و دعاء، وقد يئست من الحياة، وأحيانًا ينتابني شعور أن أنتحر، علمًا بأنني مواظب على الصلاة في المسجد، وأحفظ 15 جزء من القرآن، وأنا مسجل في مركز تحفيظ للقرآن، فأرجو أن تردوا علي وتعطوني نصيحة مفيدة.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fayyad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية: نرحب بك -ابننا الكريم-، ونشكر لك هذا التواصل مع موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لك الأحوال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وحقيقة نحن سعداء بهذه الاستشارة، ونشكر لك هذا العقل وهذا الفهم، وهذا الحرص على الخير، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلك سببًا لصلاح وإصلاح ما بين والديك، وهنيئًا لك بهذا الثبات على الخير، وحفظك لكتاب الله، ومواظبتك على الصلاة في المسجد، وهذه أمور -ولله الحمد- تعتبر نعمة كبرى من الله -تبارك وتعالى- عليك.
وأنت -ولله الحمد- في عمر ناضج، وهذه الاستشارة تدل على أنك عاقل، وعلى أنك ناضج، وعلى أنك -ولله الحمد- متميز، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بك البلاد والعباد، ونتمنى -إن شاء الله- أن تكون سببًا لإصلاح ما بين والديك، وذلك بالتخفيف عنهما، وبالسعي بينهما بالإصلاح، وبرعاية إخوانك الصغار، واعلم أن غضب الأم وصراخها ودعاءها عليكم لن يضركم؛ لأنها لا تقصد ذلك ولأنكم مظلومون، والله تبارك وتعالى عدل رحيم -سبحانه وتعالى-، ونحن نسأله -تبارك وتعالى- أن يتحول كل دعاء عليكم إلى خير ونعم تأتيكم من الله -تبارك وتعالى-.
ولا شك أن الوالدة عندما تصرخ وتدعو أنها ليست غاضبة منكم، ولكنها تتذكر المشاكل بينها وبين الوالد، والشريعة تأمركم أن تحسنوا إلى الوالد، وأن تحسنوا إلى الوالدة، أطع أباك ولا تعصِ أمك.
وحاولوا دائمًا أن تتفادوا أسباب الغضب التي تغضب الوالدة أو الوالد، وعليك أن تختار الأوقات المناسبة، وتسعى في برهما، فإن الإنسان مطالب بالإحسان إلى والديه حتى ولو أساءوا له، حتى ولو غضبوا منه، والإنسان لا يجوز له أن يذل نفسه ويصبر على أحد مثل الوالدين؛ لأنهما أولى الناس بالإنسان حقًّا بعد الله -تبارك وتعالى-.
فهنيئًا لك بهذا العقل، وبهذه القدرة التي حملتك على القدرة على كتابة هذه الأسطر، ونعيذك بالله -تبارك وتعالى- من التفكير في الانتحار؛ لأن المسلم الذي يصلي ويواظب على الصلاة لا يفكر بهذه الطريقة، ولا يُقدم على مثل هذا العمل.
ولا بد أن تعرف أيضًا أن الناس عندهم مشاكل، لكن الفرق هو إدارة المشاكل، فليست كل البيوت خالية من المشاكل، ولكن معظم البيوت يعرفون ويحسنون إدارة المشاكل التي بينهم، بأن تكون المشاكل محصورة، وحبذا لو كانت المشاكل بين الوالد والوالدة في مكان خاص في أوقات خاصة بعيدًا عنكم.
لكن لا بد أن تعلم أن الحياة لا تخلو من مشاكل، والحياة لا تخلو من صعاب، وأنت في مرحلة -ولله الحمد- عندك قدرة على أن تحافظ على إخوانك، أن تأخذهم إلى المسجد، تشجع البنيات على الصلاة، تشجع الوالدة على الطاعة لله -تبارك وتعالى-، وكذلك تحسن للوالد، وتنبهه وتبين له أنكم تتأثرون وأنكم تريدون أن يكون بينهم وُفاق، وأن يكون بينهم محبة، ثم توصل نفس الرسالة إلى الوالدة، وإذا استطعت أن تتعرف على أسباب الخصام فإنك تستطيع أن تنصح للوالد وتنصح للوالدة بشريطة أن تختار الألفاظ الجميلة والأوقات المناسبة، وقل لهم: (نحن –كأبناء- نحب أن تكونوا على وفاق وعلى خير وعلى حب؛ لأننا نحبكم جميعًا؛ لأننا نتمنى أن تعيشوا في هناء وفي سعادة، وإذا وجدت الخلافات فينبغي أن تحل بعيدًا عن إخواني الصغار)، يعني يمكن أن تتكلم معهم بهذه الطريقة.
ونحن سعداء بمواظبتك على الصلاة، وسعداء بحفظك لكتاب الله -تبارك وتعالى-، وسعداء بارتباطك بمركز تحفيظ القرآن الكريم، ونصيحتنا لك أن تستمر في هذا الطريق، وأن تدعو الله تبارك وتعالى لوالديك، فأنت -ولله الحمد- على خير، وعندما تكون في المسجد أو في الصلاة أو بعد حفظ القرآن وتلاوته ارفع أكف الضراعة إلى الله تبارك وتعالى، وعليك كذلك أن تهتم بإخوانك الصغار، وعليك كذلك أن تحرص على بر الوالد والوالدة، وعليكم أن تتفادوا المسائل والقضايا التي تثير غضب الوالد وغضب الوالدة، وعليك أن تسعى بينهم بالإصلاح، ولا مانع من أن تطلب مساعدة العقلاء والفضلاء من الأعمام والعمات والأخوال والخالات إذا كانوا يستطيعون أن يتدخلوا في الإصلاح حتى تدفع الضرر عن نفسك وعن إخوانك.
أما بالنسبة للصراخ من الوالدة فينبغي أن تقدروا ظرفها وتعطفوا عليها، فهي تفعل ذلك ليس لأنها غاضبة منكم، ولكن لأن عليها ضغوطًا وعليها إشكالات، وعند ذلك ينبغي أن تتفادوا ما يثير غضبها، وإذا أردنا ألا يغضب أي إنسان من إنسان فعلينا أن نتفادى الأمور التي تغضبه، ومؤكد أنك -ولله الحمد- عاقل تدرك أن الأمور (واحد اثنين ثلاثة أربعة)، وهناك خمس أو ست مسائل تغضب الوالد، وهناك مسائل أربعة خمسة أشياء تغضب الوالدة إذا فعلتموها تغضبهم، فعلينا أن نتفادى ما يثير غضبهم، ونجتهد كذلك في اللجوء إلى الله وفي الدعاء لهم وفي التخفيف عن الوالدة، والتخفيف عن الوالد إذا كان هو المظلوم، ولا تنظر إلى ما عند الناس، فإن الإنسان ينبغي أن ينظر إلى النعم التي عنده، ونحن تعرض علينا مشاكل الناس، فأنت في خير، والإنسان إذا سمع مصائب الناس ومشاكل الناس هانت عليه المصائب التي عنده، والمشكلة ليست في حصول المشكلات، ولكن في كيفية التعامل معها، فتعاملوا مع هذه المشاكل بحكمة، واتقِ الله واصبر، وحرض إخوانك على الخير، واحرص على أن يكون الصغار والكبار في البيت ممن يصلي ويسجد لله، وعلينا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله، ونسأل الله أن يصلح لكم الأحوال، ونكرر شكرنا لك.