أعمل في بنك وأشعر بالملل ولست مرتاحة بعملي، ما توجيهكم؟
2012-05-03 08:09:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعمل موظفة في بنك، ولكن مذ بدأت العمل وأنا أحس بعدم الاستقرار وعدم الراحة النفسية، حيث إن طبيعة عملي مملة جداً رغم أني متميزة ومتفوقة، وأحب العمل كثيراً إلا أني أحس أن لا أحد يهتم بي، حيث أعمل كسكرتيرة في الدائرة التي أعمل بها وطبيعة عملي تتركز فقط في التعامل مع الملفات، وأمور روتينية أخرى رغم أني قادرة على القيام بأعمال أكثر من ذلك.
حاولت التحدث إلى المدير وطلبت نقلي من الدائرة إلا أنه رفض ذلك، والمدير أيضاً لا يعاملني بطريقة لائقة، فهو عصبي جداً ونكد! ماذا أفعل؟ هل أترك العمل أم أصبر أم أطلب نقل مرة أخرى؟
الرجاء منكم مساعدتي، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعينك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك .
أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة - : إنه مما لا شك فيه أن عمل المرأة في جميع الأحوال محفوف بكثير من المخاطر، وأن المرأة المسلمة مطالبة بأن تبحث عن العمل الذي ليس حرامًا في حد ذاته، وأيضًا لا يتعارض مع أداء رسالتها في الحياة كامرأة مسلمة، وأيضًا أن يكون بعيدًا عن المحرمات التي تفسد عليها دينها ودنياها، وأنت الآن تنظرين فقط إلى أن العمل روتيني وممل، ولم تتكلمي عن طبيعة هذا العمل هل هو عمل شرعي أم غير شرعي، وهل أنت فعلاً يحدث بينك وبين زملائك في العمل اختلاط أو يحدث بينك وبين المدير خلوة، هذه قضايا لم تتعرضي أنت لها، وإنما تكلمت فقط عن أن العمل ممل وأنه روتيني، وهذا الكلام كله لا يساوي شيئًا أمام القضايا الشرعية الكبرى التي كان من الأولى أن تسألي عنها وأن تعرفي حكمها الشرعي، لأن وجود المرأة المسلمة مع رجل أجنبي في غرفة واحدة هذه خلوة محرمة شرعاً، ولا ينبغي أن تعمل المسلمة في مثل هذا المجال، خاصة بأن هذا المدير قد يكون غير مسلم، حتى وإن كان مسلمًا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما).
هذه النقطة الأولى التي ينبغي أن تركزي عليها كفتاة مسلمة تريد أن تلقى الله على خير، ألا يكون هناك خلوة مع المدير أو مع غيره.
والأمر الثاني أيضًا ألا يكون هناك نوع من الاختلاط المفتوح أو المفضوح الذي يحدث عادة في بلاد الغرب دون مراعاة لأي خصوصية للمرأة، رغم أن هؤلاء يتشدقون وينعقون بحقوق وحرية المرأة، إلا أنهم يحررونها لتكون تحت أيديهم ولينالوا منها ما يريدون في أي وقت وفي أي مكان، وهؤلاء الخبثاء يطنطنون ويدندنون على حقوق المرأة؛ حتى يخرجوها لتكون تحت أيديهم يفعلوا بها ما يشاءون في أي وقت وفي أي مكان.
أما الإسلام فإنه يحافظ على خصوصية المرأة المسلمة، ويعتبرها جوهرة مصونة ودرة مكنونة لا يجوز أبدًا لأي عابث أن يعبث بها، ولا لأي أحد أن يضع يده عليها، وعليه فإني أقول - أختي الكريمة الفاضلة – فيما يتعلق أن العمل روتيني أو غير ذلك، هذه من الممكن التغلب عليها في البحث عن عمل آخر مثلاً.
أما القضية التي ينبغي أن تضعيها أمام ونصب عينيك إنما هو مشروعية العمل، فإذا كان العمل مشروعًا في حد ذاته فهذه مسألة مهمة، كذلك لا يكون هناك خلوة بينك وبين المدير أو غيره، فهذه مسألة مهمة أيضًا، وكذلك إذا لم يكن هناك اختلاط غير منضبط فهذه مسألة مهمة، أتمنى أن تركزي على هذه الأمور لأنها محور ارتكاز حياة المرأة المسلمة.
أما مسألة أن العمل طبيعته مملة وأشياء روتينية وغير ذلك، فقد يكون هذا العمل رغم أنه ممل إلا أنه شرعًا أفضل من غيره، بمعنى أنك لا تحتكين بأحد احتكاكاً موسعاً، ولا تتكلمين كثيرًا مع أحد، وإنما جهدك يكاد يكون تعاملاً مع الأوراق، وذلك أسلم بالنسبة لك كفتاة مسلمة، لأنك قد تذهبين إلى عمل آخر وفيه حيوية ونشاط، ولكن يكون فيه اختلاط غير منضبط وفيه عبارات مثيرة أحيانًا، وفيه تصرفات قد تكون أشبه بالتحرش الجنسي وغير ذلك، وقد يكون العمل رائعاً ولكن يكون محفوفًا بكثير من التجاوزات الشرعية.
عليه أقول: إذا كان عملك الحالي ليس فيه تجاوزات شرعية فأنصح بالصبر واحتساب الأجر عند الله، واحمدي ربك أنك وجدت عملاً ليس فيه شيء يؤثر على علاقتك بربك سبحانه وتعالى، أو يُفسد دينك أو يفسد عليك أخلاقك.
أما إذا كان هناك خلوة بالمدير فهذه مسألة غير مقبولة بأي حال من الأحوال، كذلك أيضًا الاختلاط الغير منضبط فهو أيضًا غير مقبول، كذلك إذا كانت طبيعة العمل غير شرعية فهذه الأمور كلها غير مقبولة، لأن الإسلام حرم علينا أن نأكل الأموال الحرام، وأمرنا أن نأكل من الطيبات والحلال الطيب، والمسلم والمسلمة كلٌ مطالب بأنه إذا أراد أن يعمل فلابد أن يكون العمل في أصله مشروع وليس حرامًا أو يؤدي إلى حرام، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أن الله تبارك وتعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا، كما ورد في الحديث: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا} وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يَمُدُّ يده إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغُذي بالحرام فأنَّى يُستجاب لذلك).
أتمنى بارك الله فيك أن تركزي على الأمور الشرعية أولاً، أما فيما يتعلق بروتينية العمل فمن الممكن أن تطلبي النقل إلى مجال آخر؛ بشرط أيضًا أن يكون فيه أكبر قدر ممكن من الأمور الشرعية وألا تكون العلاقات بين الموظفين علاقات مفتوحة كتلك العلاقات التي نراها ونشاهدها.
أسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يوسع رزقك، وأن يصونك ويحفظك ويسترك في الدنيا والآخرة، وأن يرزقك الثبات على الدين، وأن يمنّ عليك بالذي هو خير، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.