أحفظ كثيرا من القرآن لكني أعاني من فتنة النساء والحسد، فما الحل؟
2012-04-26 11:03:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في التاسعة عشرة من العمر، متواضع، وأحفظ ثلاثة أرباع القرآن الكريم، وأحرص على طاعة الله، واجتناب نواهيه، -ولله الحمد- إلا أنني وللأسف الشديد أعاني من فتنة النساء، وذلك لكثرة الفساد في مدينتنا -والعياذ بالله- حيث أنني عندما أخرج من البيت أنظر أمامي فلا أرى إلا الكاسيات العاريات، وأنظر ورائي فلا أرى إلا الكاسيات العاريات، وأنظر عن يميني فلا أرى إلا الكاسيات العاريات، وأنظر عن شمالي فلا أرى إلا الكاسيات العاريات، والله ما أكثرهن في هذا الزمان، أنا أحاول جادا وبكل استطاعتي أن أغض بصري، ولكن لا أستطيع، وذلك لكثرتهن في الشوارع، أينما أذهب أجدهن بالعشرات، بل بالمئات، في الجامعة، وفي الحافلة، وفي الشارع، وفي السوق، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا سبب إشعال نيران الشهوة في داخلي مما يؤدي إلى نقصان إيماني.
أرجو أن تدلوني على الحل لما أعانيه من الفتن أكرمكم الله وأعزكم، وأرجو أن يكون قصدي قد بلغكم.
كما أريد منكم أن ترشدوني إلى علاج العين، فقد قرأت في أحد المواضيع على الانترنت علامات العين، وهي ما يلي: حكة في بعض أجزاء الجسم، الكره، والبغض من الأصدقاء والمعارف، النعاس، والرغبة الــكبيرة في النــوم، أنا أعاني من كل هذه الأعراض حتى إنني ذهبت مني الرغبة في الدراسة، والتعلم، ومواصلة حفظ القرآن الكريم، كما أنني لا أشعر بالفرح في الأمور التي تتطلب مني ذلك كالنجاح في الدراسة وغيرها، حتى إنني عندما نجحت في البكالوريا العام الماضي، لم أحس بأي فرح أو سعادة في داخلي كما يحصل لغيري.
أسأل الله أن يجعلكم سببا في ذهاب همي، فأنا في انتظار ردكم بفارغ الصبر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رياض حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بداية نرحب بابننا الكريم، ونسأل الله أن يذهب همَّه وغمّه، وأن يُلهمه السداد والرشاد، وأن يعينه على إكمال حفظ القرآن، وعلى المحافظة عليه، وأرجو أن يتذكر الابن الكريم أن ما يعين على الحفظ والمحافظة على كتاب الله تبارك وتعالى: البعد عن المعاصي، فإن السلف كانوا يقولون: (كنا نحدث أن الخطيئة تُنسّي العلم)، وقال مالك لما رأى المعية في الشافعي – رضي الله عنهم جميعًا – قال: (إني أرى على قلبك نورًا فلا تطفئه بظلمة المعصية).
فأنت ولله الحمد على خير ما دمت تحفظ كتاب الله إلا قليلاً، وما دمت تشعر بالخلل والخطر من هذا المنكر الذي ينتشر ويتمدد في ديار المسلمين بكل أسف، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الثبات، وعلى السداد.
ونريد أن نقول لأبنائنا ممن قرؤوا كتاب الله تبارك وتعالى: هذا هو أعظم دواء للإقبال على هذا الكتاب، هو تعظيم هذا الكتاب، حفظ هذا الكتاب، تدبر هذا الكتاب، والتحاكم إلى هذا الكتاب، والاستشفاء بهذا الكتاب، وقبل ذلك التعظيم الشديد لهذا الكتاب، لأنه كلام الله تبارك وتعالى، في كل ذلك الخير الكثير.
إذا كنت تسأل عن العين فإن علاج الحاسد في الإقبال على كتاب الله تبارك وتعالى، وفي قراءة الرقية الشرعية في الصباح وفي المساء، وفي المواظبة على أذكار الصباح وأذكار المساء، والإنسان إذا أقبل على كتاب الله يتلوه، ويتدبر هذا الكتاب، فإن الشيطان لا سبيل له إليه، والشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة، فاجتهد في كل أمر يُرضي الله تبارك وتعالى، واجتهد كذلك في ألا تخرج إلى هذه الطرقات والأماكن المشبوهات إلا لحاجة ضرورية، إلا لحاجة مُلحة، واختار الأوقات التي يكون فيها هدوء وقلة من الناس، واحرص على أن تغض بصرك، فإن لك الأولى وعليك الثانية.
والإنسان ينبغي أن يدافع هذه الخواطر السيئة، لأن إطلاق النظر وإطلاق العنان للبصر لا يجلب الراحة، لكنه يجلب السُّعار، لا يوصل الإنسان إلى نتيجة، ولكن يوصله إلى الهموم والغموم، فتعوذ بالله تبارك وتعالى من الشيطان، واحرص على أن تغض بصرك، وعلى أن تبتعد عن مواطن الريبة، والمواطن التي فيها نساء، تجتهد في الابتعاد عنها، ولا تذهب لمثل تلك المناطق إلا لضرورة قصوى، تقدر الضرورة بقدرها، واحرص على أن يكون وجودك في ذلك الجو وتلك البيئات الموبوءة قليلة جدًّا.
ولا شك أن المعاصي وإطلاق البصر مما يُضعف إيمان الإنسان، وذلك الذي يغض البصر فإنه يجد حلاوة بذلك في نفسه، وحلاوة لذلك في قلبه، والأهم من كل ذلك ثواب عند الله تبارك وتعالى.
ووصيتنا لك تقوى الله تبارك وتعالى، ثم بالحرص على كل أمر يرضيه، واطلب مساعدة الفضلاء، واحشر نفسك بزمرة الصالحين، وإذا رأيت العاريات فتذكر ما فيهنَّ من العيوب، وما يحملن بعضهنَّ من الأمراض والأذى، واعلم أن الله تبارك وتعالى حد حدودًا فلا ينبغي أن نضيعها، وأمر بأوامر ما ينبغي أن نهملها، بل ينبغي أن ننفذها ونأتي بها، وحد حدودًا فلا تضيعها، كما جاء عن رسولنا صلى الله عليه وسلامه.
فاجتهد في أن تتقيد بأحكام هذا الشرع الحنيف الذي شرفك الله وشرفنا الله تبارك وتعالى به، واعلم أن المؤمن محتاج إلى أن يبحث عن العلاج، والرقية الشرعية دعاء، وأحسن من يدعو هو أن يدعو الإنسان لنفسه، ثم أن يدعو له أقربائه، وأحبابه من والدة أو والد أو أبناء وإخوان، لأن هؤلاء حريصين على مصلحته، وعلى شفائه، ولا مانع إن لم تجد من أمثال هؤلاء أن تذهب إلى راقٍ شرعي شريطة أن يكون موثوقًا به، شريطة أن يكون أدائه للرقية الشرعية بطريقة صحيحة، أن يعتقد الجميع أن الشفاء من الله تبارك وتعالى، كذلك أيضًا ألا يكون لهذا الراقي مخالفات شرعية، وأن يكون ممن يلتزم ظاهر الشريعة، وأن يتمسك بآداب هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
كذلك ينبغي أن نتأكد أنه ليس عنده بدعٍ أو مخالفات، فهو لا يعالج في الظلام، ولا يجلس في مكان متسخ، ولا يسأل من يأتيه عن اسم أمه أو نحو ذلك من الأشياء التي عُرف بها أهل الدجل والشعوذة.
وأرجو كذلك أن توقن أن كيد الشيطان ضعيف، وأنك تستطيع أن تقهر هذا العدو بالاستعانة بالله تبارك وتعالى، ثم بالحرص على كل أمر يُرضيه، وإذا كنت تجد العشرات من الكاسيات العاريات، فلستُ أدري لماذا تذهب في كل مرة، وهل أنت مضطر إلى الدخول إلى تلك الأماكن المشبوهة السيئة، وإذا دخل الإنسان فإن عليه أن يراعي الوصف الشرعي والآداب الشرعية بأن يغض بصره، وما من إنسان غض بصره إلا كان التوفيق حليفًا له، لأن الإنسان إذا أمن الناس من ناحيته على أعراضهم وعلى أنفسهم، فهذا دليل على أن فيه خيرا كثيرا، فاحرص على أن تكمل الحفظ لكتاب الله، واحرص على أن تواظب على المحاضرات والدروس، واجتهد في إرضاء والديك، واطلب منهما الدعاء، وكن في حاجة الضعفاء ليكون العظيم تبارك وتعالى في حاجتك.
نتمنى أن نسمع عنك الخير، ولا مانع أن تكتب لنا مرة أخرى إذا كانت هناك أمور تحتاج إلى مزيد من التفصيل، وبإمكانك أن تطلب من خلال السؤال أن تكون الإجابة محجوبة حتى يرتفع الحرج، فأنت على خير، فاستر على نفسك، واتق الله، وتوجه إليه، وعليك بالصبر، وعليك بغض البصر، ثم عليك بالإحسان إلى إخوانك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.